صفحة جزء
باب العيدين سمي به لأن لله فيه عوائد الإحسان ولعوده بالسرور غالبا [ ص: 166 ] أو تفاؤلا ، ويستعمل في كل يوم مسرة ولذا قيل :

عيد وعيد صرن مجتمعه وجه الحبيب ويوم العيد والجمعه

فلو اجتمعا لم يلزم إلا صلاة أحدهما ، وقيل الأولى صلاة الجمعة ، وقيل صلاة العيد كذا في القهستاني عن التمرتاشي . قلت : قد راجعت التمرتاشي فرأيته حكاه عن مذهب الغير وبصورة التمريض فتنبه وشرع في الأولى من الهجرة ( تجب صلاتهما ) في الأصح ( على من تجب عليه الجمعة بشرائطها ) المتقدمة ( سوى الخطبة ) فإنها سنة بعدها ، [ ص: 167 ] وفي القنية : صلاة العيد في القرى تكره تحريما أي لأنه اشتغال بما لا يصح لأن المصر شرط الصحة


باب العيدين تثنية عيد ، وأصله عود قلبت الواو ياء لسكونها بعد كسرة ا هـ ح . وفي الجوهرة مناسبته للجمعة ظاهرة وهو أنهما يؤديان بجمع عظيم ويجهر فيهما بالقراءة ويشترط لأحدهما ما يشترط للآخر سوى الخطبة ، وتجب على من تجب عليه الجمعة ، وقدمت الجمعة للفرضية وكثرة وقوعها . ا هـ . ( قوله سمي به إلخ ) أي سمي العيد بهذا الاسم لأن لله - تعالى - فيه عوائد الإحسان أي أنواع الإحسان العائدة على عباده في كل عام : منها الفطر بعد المنع عن الطعام وصدقة الفطر وإتمام الحج بطواف الزيارة ولحوم الأضاحي وغير ذلك ، ولأن العادة فيه الفرح والسرور والنشاط والحبور غالبا بسبب ذلك .

[ ص: 166 ] مطلب في الفأل والطيرة

( قوله أو تفاؤلا ) أي بعوده على من أدركه كما سميت القافلة قافلة تفاؤلا بقفولها أي رجوعها بحر .

والفأل : ضد الطيرة كأن يسمع مريض يا سالم أو يا طالب أو يا واجد أو يستعمل في الخير والشر قاموس ، ومنه حديث " { كان صلى الله عليه وسلم يتفاءل ولا يتطير } وكذا حديث { كان يعجبه إذا خرج لحاجته أن يسمع يا راشد يا رجيح } أخرجهما السيوطي في الجامع الصغير . ووجهه أن الفأل أمل ورجاء للخير من الله - تعالى - عند كل سبب ضعيف أو قوي بخلاف الطيرة ( قوله في كل يوم ) أي زمان ( قوله وجه الحبيب ) أي يوم رؤيته ، وإلا فوجه الحبيب ليس زمانا ( قوله عن مذهب الغير ) أي مذهب غيرنا أما مذهبنا فلزوم كل منهما . قال في الهداية ناقلا عن الجامع الصغير : عيدان اجتمعا في يوم واحد فالأول سنة والثاني فريضة ولا يترك واحد منهما ا هـ .

قال في المعراج : احترز به قول عطاء تجزي صلاة العيد عن الجمعة ومثله عن علي وابن الزبير قال ابن عبد البر سقوط الجمعة بالعيد مهجور . وعن علي أن ذلك في أهل البادية ومن لا تجب عليهم الجمعة . ا هـ . ( قوله : في الأصح ) مقابله القول بأنها سنة وصححه النسفي في المنافع لكن الأول قول الأكثرين كما في المجتبى ونص على تصحيحه في الخانية والبدائع والهداية والمحيط والمختار والكافي النسفي . وفي الخلاصة هو المختار لأنه صلى الله عليه وسلم واظب عليها وسماها في الجامع الصغير سنة لأن وجوبها ثبت بالسنة حلية قال في البحر : والظاهر أنه لا خلاف في الحقيقة لأن المراد من السنة : المؤكدة بدليل قوله : ولا يترك واحد منهما وكما صرح به في المبسوط ، وقد ذكرنا مرارا أنها بمنزلة الواجب عندنا ولهذا كان الأصح أنه يأثم بترك السنة المؤكدة كالواجب . ا هـ . وسيأتي له نظير ذلك في تكبير التشريق وفيه كلام ستعرفه ( قوله : بشرائطها ) متعلق ب تجب الأول ، والضمير للجمعة وشمل شرائط الوجوب وشرائط الصحة لكن شرائط الوجوب علمت من قوله على من تجب عليه الجمعة ، فبقي المراد من قوله بشرائطها القسم الثاني فقط ، واستثنى من الثاني الخطبة ، واستثنى في الجوهرة من الأول المملوك إذا أذن له مولاه فإنه تلزمه العيد بخلاف الجمعة لأن لها بدلا وهو الظهر ، وقال : وينبغي أن لا تجب عليه العيد أيضا لأن منافعه لا تصير مملوكة له بالأذان . ا هـ . وجزم به في البحر .

قلت : وفي إمامة البحر أن الجماعة في العيد تسن على القول بسنيتها ، وتجب على القول بوجوبها . ا هـ . وظاهره أنها غير شرط على القول بالسنية لكن صرح بعده بأنها شرط لصحتها على كل من القولين أي فتكون شرطا لصحة الإتيان بها على وجه السنة وإلا كانت نفلا مطلقا تأمل لكن اعترض ط ما ذكره المصنف بأن الجمعة من شرائطها الجماعة التي هي جمع والواحد هنا مع الإمام كما في النهر ( قوله فإنها سنة بعدها ) بيان للفرق وهو أنها فيها سنة لا شرط وأنها بعدها لا قبلها بخلاف الجمعة . قال في البحر : حتى لو لم يخطب أصلا صح وأساء لترك السنة [ ص: 167 ] ولو قدمها على الصلاة صحت وأساء ولا تعاد الصلاة ( قوله : صلاة العيد ) ومثله الجمعة ح ( قوله بما لا يصح ) أي على أنه عيد ، وإلا فهو نفل مكروه لأدائه بالجماعة ح

التالي السابق


الخدمات العلمية