صفحة جزء
[ ص: 202 ] ( ويسن في الكفن له إزار وقميص ولفافة وتكره العمامة ) للميت ( في الأصح ) مجتبى واستحسنها المتأخرون للعلماء والأشراف ولا بأس بالزيادة على الثلاثة ويحسن الكفن لحديث " { حسنوا أكفان الموتى فإنهم يتزاورون فيما بينهم ويتفاخرون بحسن أكفانهم } " ظهيرية [ ص: 203 ] ( ولها درع ) أي قميص ( وإزار وخمار ولفافة وخرقة تربط بها ثدياها ) وبطنها ( وكفاية له إزار ولفافة ) في الأصح ( ولها ثوبان وخمار ) [ ص: 204 ] ويكره أقل من ذلك


مطلب في الكفن

( قوله ويسن في الكفن إلخ ) أصل التكفين فرض كفاية ، وكونه على هذا الشكل مسنون شرنبلالية ( قوله له ) أي للرجل ( قوله إزار إلخ ) هو من القرن إلى القدم ، والقميص من أصل العنق إلى القدمين بلا دخريص وكمين ، واللفافة تزيد على ما فوق القرن والقدم ليلف فيها الميت وتربط من الأعلى والأسفل إمداد . والدخريص : الشق الذي يفعل في قميص الحي ليتسع للمشي ( قوله وتكره العمامة إلخ ) هي بالكسر ما يلف على الرأس قاموس قال ط : وهي محل الخلاف ، وأما ما يفعل على الخشبة من العمامة والزينة ببعض حلي فهو من المكروه بلا خلاف لما تقدم أنه يكره فيه كل ما كان للزينة . ا هـ . ( قوله في الأصح ) هو أحد تصحيحين قال القهستاني : واستحسن على الصحيح العمامة يعمم يمينا ويذنب ويلف ذنبه على كورة من قبل يمينه ، وقيل يذنب على وجهه كما في التمرتاشي وقيل هذا إذا كان من الأشراف ، وقيل هذا إذا لم يكن في الورثة صغار ، وقيل لا يعمم بكل حال كما في المحيط والأصح أنه تكره العمامة بكل حال كما في الزاهدي . ا هـ . ( قوله : ولا بأس بالزيادة على الثلاثة ) كذا في النهر عن غاية البيان ، ونقله قبله عن المجتبى الكراهة لكن قال في الحلية عن الذخيرة معزيا إلى عصام : أنه إلى خمسة ليس بمكروه ولا بأس به . ا هـ . ثم قال : ووجه بأن ابن عمر كفن ابنه واقدا في خمسة أثواب قميص وعمامة وثلاث لفائف وأدار العمامة إلى تحت حنكه رواه سعيد بن منصور . ا هـ .

قال في البحر بعد نقل الكراهة عن المجتبى واستثنى في روضة الزندوستي ما إذا وصى بأن يكفن في أربعة أو خمسة فإنه يجوز بخلاف ما إذا أوصى أن يكفن في ثوبين فإنه يكفن في ثلاثة ، ولو أوصى أن يكفن بألف درهم كفن كفنا وسطا ا هـ .

قلت : الظاهر أن الاستثناء الذي في الروضة منقطع ; إذ لو كره لم تنفذ وصيته كما لم تنفذ بالأقل تأمل ( قوله : ويحسن الكفن ) بأن يكفن بكفن مثله ، وهو أن ينظر إلى ثيابه في حياته للجمعة والعيدين ، وفي المرأة ما تلبسه لزيارة أبويها كذا في المعراج فقول الحدادي : وتكره المغالاة في الكفن يعني زيادة على كفن المثل نهر ( قوله لحديث إلخ ) وفي صحيح مسلم عنه صلى الله عليه وسلم { إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه } وروى أبو داود عنه صلى الله عليه وسلم { لا تغالوا في الكفن فإنه يسلب سلبا سريعا } وجمع بين الحديثين بأن المراد بتحسينه بياضه ونظافته لا كونه ثمينا حلية ، وهو في معنى ما مر عن النهر ( قوله ويتفاخرون ) المراد به الفرح والسرور حيث وافق السنة ، والزيارة [ ص: 203 ] وإن كانت للروح لكن للروح نوع تعلق بالجسد ( قوله : ولها ) أي ويسن في الكفن للمرأة ( قوله أي قميص ) أشار إلى ترادفهما كما قالوا : وقد فرق بينهما بأن شق الدرع إلى الصدر والقميص إلى المنكب قهستاني ( قوله وخمار ) بكسر الخاء ما تغطي به المرأة رأسها قال الشيخ إسماعيل ومقداره حالة الموت ثلاثة أذرع بذراع الكرباس يرسل على وجهها ، ولا يلف كذا في الإيضاح والعتابي . ا هـ . ( قوله وخرقة ) والأولى أن تكون من الثديين إلى الفخذين نهر عن الخانية ( قوله وكفاية ) أي الاقتصار على الثوبين له كفن الكفاية لأنه أدنى ما يلبس حال حياته وكفنه كسوته بعد الوفاة فيعتبر بكسوته في الحياة ولهذا تجوز صلاته فيهما بلا كراهة معراج .

وحاصله أن كفن الكفاية هو أدنى ما يكفيه بلا كراهة فهو دون كفن السنة وهل هو سنة أيضا أو واجب ؟ الذي يظهر لي الثاني ولذاكره الأقل منه كما يذكره الشارح وقال في البحر : قالوا : ويكره أن يكفن في ثوب واحد حالة الاختيار لأن في حالة حياته تجوز صلاته في ثوب واحد مع الكراهة وقالوا : إذا كان بالمال قلة ، والورثة كثرة فكفن الكفاية أولى وعلى القلب كفن السنة أولى ومقتضاه أنه لو كان عليه ثلاثة أثواب وليس له غيرها وعليه دين أن يباع منها واحد للدين لأن الثالث ليس بواجب حتى ترك للورثة عند كثرتهم والدين أولى مع أنهم صرحوا كما في الخلاصة بأنه لا يباع شيء منها بالدين كما في حالة الحياة إذا أفلس وله ثلاثة أثواب هو لابسها لا ينزع عنه شيء ليباع ا هـ ما في البحر وهو مأخوذ من الفتح وقال في الفتح ولا يبعد الجواب ا هـ وذكر الجواب بعضهم بأن يفرق بين الميت والحي بأن عدم الأخذ من الحي لاحتياجه ولا كذلك الميت . ا هـ .

أقول : أنت خبير بأن الإشكال جاء من تصريحهم بعدم الفرق بين الحي والميت فأنى يصح هذا الجواب ؟ نعم يصح على ما قاله السيد في شرح السراجية من أنه إذا كان الدين مستغرقا فللغرماء المنع من تكفينه بما زاد على كفن الكفاية . وقال الشارح في فرائض الدر المنتقى وهل للغرماء المنع من كفن المثل قولان والصحيح نعم ا هـ ومثله في سكب الأنهر لكن قال أيضا : ألا ترى أنه لو كان للمديون ثياب حسنة في حال حياته ويمكنه الاكتفاء بما دونها يبيعها القاضي ، ويقضي الدين ويشتري بالباقي ثوبا يلبسه فكذا في الميت المديون كذا اختاره الخصاف في أدب القاضي . ا هـ .

ثم رأيت مثله في حاشية الرملي عن شرح السراجية المسمى ضوء السراج للكلاباذي : وحينئذ فلا إشكال ، ولا جواب وبه علم أن ما مر عن الخلاصة خلاف الصحيح وقد يوفق بحمل ما في الخلاصة في الحي على ما إذا لم يكتف بما دون الثلاثة ، وفي الميت على ما إذا لم يمنعهم الغرماء قال في شرح قلائد المنظوم صحح العلامة حيدر في شرحه على السراجية المسمى بالمشكاة بأن للورثة تكفينه بكفن المثل ما لم يمنعهم الغرماء . ا هـ .

قلت : والظاهر أن المراد بعدم المنع الرضا بذلك ، وإلا فكيف يسوغ للورثة تقديم المسنون على الدين الواجب ثم إن هذا مؤيد لما بحثناه من أن كفن الكفاية واجب بمعنى أنه لا يجوز أقل منه عند الاختيار ثم رأيت في شرح المقدسي قال : وهذا أقل ما يجوز عند الاختيار ، والله - تعالى - أعلم ( قوله : في الأصح ) وقيل قميص ولفافة زيلعي قال في البحر : وينبغي عدم التخصيص بالإزار واللفافة لأن كفن الكفاية معتبر بأدنى ما يلبسه الرجل في حياته من غير كراهة كما علل به في البدائع ا هـ ( قوله : ولها ثوبان ) لم يعينهما كالهداية وفسرهما في الفتح بالقميص واللفافة وعينهما في الكنز بالإزار واللفافة قال في البحر : والظاهر كما قدمناه عدم التعيين بل إما قميص وإزار أو إزاران [ ص: 204 ] والثاني أولى لأن فيه زيادة في ستر الرأس والعنق ( قوله ويكره ) أي عند الاختيار

التالي السابق


الخدمات العلمية