صفحة جزء
( ومستحبه ) ويسمى مندوبا وأدبا [ ص: 124 ] وفضيلة ، وهو ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم مرة وتركه أخرى ، وما أحبه السلف : ( التيامن ) في اليدين والرجلين ولو مسحا ، لا الأذنين والخدين ، فيلغز ، أي عضوين لا يستحب التيامن فيهما ؟ .


مطلب لا فرق بين المندوب والمستحب والنفل والتطوع

( قوله : ويسمى مندوبا وأدبا ) زاد غيره ونفلا وتطوعا ، وقد جرى على ما عليه الأصوليون ، وهو المختار من عدم الفرق بين المستحب والمندوب والأدب كما في حاشية نوح أفندي على الدرر ; فيسمى مستحبا من حيث إن الشارع يحبه ويؤثره ، ومندوبا من حيث إنه بين ثوابه وفضيلته ; من ندب الميت : وهو تعديد محاسنه ، ونفلا من حيث إنه زائد على الفرض والواجب ، ويزيد به الثواب ، وتطوعا من حيث إن فاعله يفعله تبرعا من غير أن يؤمر به حتما ا هـ من شرح الشيخ إسماعيل على البرجندي وقد يطلق عليه اسم السنة وصرح القهستاني بأنه دون سنن الزوائد . قال في الإمداد : وحكمه الثواب على الفعل وعدم اللوم على الترك . ا هـ . مطلب ترك المندوب هل يكره تنزيها وهل يفرق بين التنزيه وخلاف الأولى

وهل يكره تنزيها ، في البحر لا ، ونازعه في النهر بما في الفتح من الجنائز والشهادات أن مرجع كراهة التنزيه خلاف الأولى . قال : ولا شك أن ترك المندوب خلاف الأولى ا هـ .

أقول : لكن أشار في التحرير إلى أنه قد يفرق بينهما ، بأن خلاف الأولى ما ليس فيه صيغة نهي كترك صلاة الضحى بخلاف المكروه تنزيها ، نعم قال في الحلية : إن هذا أمر يرجع إلى الاصطلاح ، والتزامه غير لازم والظاهر تساويهما كما أشار إليه اللامشي ا هـ لكن قال الزيلعي في الأكل يوم الأضحى قبل الصلاة : المختار أنه [ ص: 124 ] ليس بمكروه ، ولكن يستحب أن لا يأكل . وقال في البحر هناك : ولا يلزم من ترك المستحب ثبوت الكراهة ، إذ لا بد لها من دليل خاص . ا هـ .

أقول : وهذا هو الظاهر إذ لا شبهة أن النوافل من الطاعات كالصلاة والصوم ونحوهما فعلها أولى من تركها بلا عارض . ولا يقال : إن تركها مكروه تنزيها وسيأتي تمامه إن شاء الله تعالى في مكروهات الصلاة ( قوله : وفضيلة ) أي لأن فعله يفضل تركه فهو بمعنى فاضل ; أو لأنه يصير فاعله ذا فضيلة بالثواب ط ( قوله : وهو إلخ ) يرد عليه ما رغب فيه عليه الصلاة والسلام ولم يفعله ; فالأولى ما في التحرير أن ما واظب عليه مع ترك ما بلا عذر سنة ، وما لم يواظب عليه مندوب ومستحب وإن لم يفعله بعد ما رغب فيه ا هـ بحر ( قوله : التيامن ) أي البداءة باليمين ، لما في الكتب الستة { كان عليه الصلاة والسلام يحب التيامن في كل شيء حتى في طهوره وتنعله وترجله وشأنه كله } الطهور هنا بضم الطاء والترجل : مشط الشعر در منتقي . وحقق في الفتح أنه سنة لثبوت المواظبة . قال في النهر : لكن قدمنا أنها تفيد السنية إذا كانت على وجه العبادة لا العادة . سلمنا أنها هنا كانت على وجه العبادة ، لكن عدم الاختصاص ينافيها كما قاله بعض المتأخرين ا هـ أي عدم اختصاصها بالوضوء المستفاد من قوله : وشأنه كله ينافي كونه سنة له ولو كانت على وجه العبادة فيكون مندوبا فيه كما في التنعل والترجل .

قلت : يرد عليه المواظبة على النية والسواك بلا اختصاص بالوضوء مع أنهما من سننه ، تأمل ( قوله : ولو مسحا ) أي كما في التيمم والجبيرة ، وأما الخف فلم أر من ذكر التيامن فيه ، وإنما قالوا في كيفيته : أن يضع أصابع يده اليمنى على مقدم خفه الأيمن وأصابع اليسرى على مقدم خفه الأيسر ويمدهما إلى الساق ، وظاهره عدم التيامن تأمل ( قوله : لا الأذنين ) أي فيمسحهما معا إن أمكنه ، حتى إذا لم يكن له إلا يد واحدة أو بإحدى يديه علة ولا يمكنه مسحهما معا يبدأ بالأذن اليمنى ثم اليسرى ط عن الهندية .

التالي السابق


الخدمات العلمية