صفحة جزء
وبتعزية أهله وترغيبهم في الصبر


( قوله : وبتعزية أهله ) أي تصبيرهم والدعاء لهم به . قال في القاموس : العزاء الصبر أو حسنه . وتعزى : انتسب . ا هـ . فالمراد هنا الأول ، وفيما قبله الثاني فافهم . قال [ ص: 240 ] في شرح المنية : وتستحب التعزية للرجال والنساء اللاتي لا يفتن ، لقوله عليه الصلاة والسلام { من عزى أخاه بمصيبة كساه الله من حلل الكرامة يوم القيامة } رواه ابن ماجه وقوله عليه الصلاة والسلام { من عزى مصابا فله مثل أجره } رواه الترمذي وابن ماجه . والتعزية أن يقول : أعظم الله أجرك ، وأحسن عزاءك ، وغفر لميتك . ا هـ .

[ ص: 240 ] مطلب في الثواب على المصيبة [ تنبيه ]

هذا الدعاء بإعظام الأجر المروي عنه صلى الله عليه وسلم لما عزى معاذا بابن له يقتضي ثبوت الثواب على المصيبة . وقد قال المحقق ابن الهمام في المسايرة . قالت الحنفية : ما ورد به السمع من وعد الرزق ، ووعد الثواب على الطاعة وعلى ألم المؤمن وألم طفله حتى الشوكة يشاكها محض فضل وتطول منه - تعالى - لا بد من وجوده لوعده الصادق . ا هـ . وهل يشترط للثواب الصبر أم لا ؟ قال ابن حجر : وقع للعز بن عبد السلام أن المصائب نفسها لا ثواب فيها لأنها ليست من الكسب بل في الصبر عليها ، فإن لم يصبر كفرت الذنب ; إذ لا يشترط في المكفر أن يكون كسبا كالبلاء ، فالجزع لا يمنع التكفير بل هو مصيبة أخرى . ورد بتصريح الشافعي رحمه الله بأن كلا من المجنون والمريض المغلوب على عقله مأجور مثاب مكفر عنه بالمرض ، فحكم بالأجر مع انتفاء العقل المستلزم لانتفاء الصبر ، ويؤيده خبر الصحيحين " { ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ، ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه } مع الحديث الصحيح " { إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمله صحيحا مقيما } " ففيه أنه يحصل له ثواب مماثل لفعله الذي صدر منه قبل بسبب المرض فضلا من الله تعالى ، فمن أصيب وصبر يحصل له ثوابان : لنفس المصيبة والصبر عليها ومن انتفى صبره فإن كان لعذر كجنون فكذلك أو لنحو جزع لم يحصل من ذينك الثوابين شيء ا هـ ملخصا . وحاصله اشتراط الصبر للثواب على المصيبة إلا إذا انتفى لعذر كجنون . وأما التكفير بها فهو حاصل بلا شرط

التالي السابق


الخدمات العلمية