صفحة جزء
وبزيارة القبور ولو للنساء لحديث { كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها } ويقول : السلام عليكم دار قوم مؤمنين ، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون


مطلب في زيارة القبور

( قوله وبزيارة القبور ) أي لا بأس بها ، بل تندب كما في البحر عن المجتبى ، فكان ينبغي التصريح به للأمر بها في الحديث المذكور كما في الإمداد ، وتزار في كل أسبوع كما في مختارات النوازل . قال في شرح لباب المناسك إلا أن الأفضل يوم الجمعة والسبت والاثنين والخميس ، فقد قال محمد بن واسع : الموتى يعلمون بزوارهم يوم الجمعة ويوما قبله ويوما بعده ، فتحصل أن يوم الجمعة أفضل . ا هـ . وفيه يستحب أن يزور شهداء جبل أحد ، لما روى ابن أبي شيبة : { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتي قبور الشهداء بأحد على رأس كل حول فيقول : السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار } والأفضل أن يكون يوم الخميس متطهرا مبكرا لئلا تفوته الظهر بالمسجد النبوي . ا هـ .

قلت : استفيد منه ندب الزيارة وإن بعد محلها . وهل تندب الرحلة لها كما اعتيد من الرحلة إلى زيارة خليل الرحمن وأهله وأولاده ، وزيارة السيد البدوي وغيره من الأكابر الكرام ؟ لم أر من صرح به من أئمتنا ، ومنع منه بعض أئمة الشافعية إلا لزيارته صلى الله عليه وسلم قياسا على منع الرحلة لغير المساجد الثلاثة . ورده الغزالي بوضوح الفرق ، فإن ما عدا تلك المساجد الثلاثة مستوية في الفضل ، فلا فائدة في الرحلة إليها . وأما الأولياء فإنهم متفاوتون في القرب من الله - تعالى ، ونفع الزائرين بحسب معارفهم وأسرارهم . قال ابن حجر في فتاويه : ولا تترك لما يحصل عندها من منكرات ومفاسد كاختلاط الرجال بالنساء وغير ذلك لأن القربات لا تترك لمثل ذلك ، بل على الإنسان فعلها وإنكار البدع ، بل وإزالتها إن أمكن . ا هـ . قلت : ويؤيد ما مر من عدم ترك اتباع الجنازة ، وإن كان معها نساء ونائحات تأمل ( قوله : ولو للنساء ) وقيل : تحرم عليهن . والأصح أن الرخصة ثابتة لهن بحر ، وجزم في شرح المنية بالكراهة لما مر في اتباعهن الجنازة . وقال الخير الرملي : إن كان ذلك لتجديد الحزن والبكاء والندب على ما جرت به عادتهن فلا تجوز ، وعليه حمل حديث { لعن الله زائرات القبور } وإن كان للاعتبار والترحم من غير بكاء والتبرك بزيارة قبور الصالحين فلا بأس إذا كن عجائز . ويكره إذا كن شواب كحضور الجماعة في المساجد ا هـ وهو توفيق حسن ( قوله ويقول إلخ ) قال في الفتح : والسنة زيارتها قائما ، والدعاء عندها قائما ، كما { كان يفعله صلى الله عليه وسلم في الخروج إلى البقيع ويقول : السلام عليكم } إلخ .

وفي شرح اللباب للمنلا على القارئ : ثم من آداب الزيارة ما قالوا ، من أنه يأتي الزائر من قبل رجلي المتوفى لا من قبل رأسه لأنه أتعب لبصر الميت ، بخلاف الأول لأنه يكون مقابل بصره ، لكن هذا إذا أمكنه وإلا فقد ثبت " { أنه عليه الصلاة والسلام قرأ أول سورة البقرة عند رأس ميت وآخرها عند رجليه } ومن آدابها أن يسلم بلفظ : السلام عليكم على الصحيح ، لا عليكم السلام فإنه ورد : { السلام عليكم دار قوم مؤمنين ، وإنا - إن شاء الله - بكم لاحقون ، ونسأل الله لنا ولكم العافية } ثم يدعو قائما طويلا ، وإن جلس يجلس بعيدا أو قريبا بحسب مرتبته في حال حياته . ا هـ . قال ط : ولفظ الدار مقحم ، أو هو من ذكر اللازم لأنه إذا سلم على الدار فأولى ساكنها ، وذكر المشيئة للتبرك لأن اللحوق محقق ، أو المراد اللحوق على أتم الحالات فتصح المشيئة

التالي السابق


الخدمات العلمية