صفحة جزء
( وفرض الغسل ) أراد به ما يعم العملي كما مر ، وبالغسل المفروض كما في الجوهرة ، وظاهره عدم شرطية غسل فمه وأنفه في المسنون كذا البحر ، يعني عدم فرضيتها فيه وإلا فهما شرطان في تحصيل السنة ( غسل ) كل ( فمه ) ويكفي الشرب عبا ; [ ص: 152 ] لأن المج ليس بشرط في الأصح ( وأنفه ) حتى ما تحت الدرن ( و ) باقي ( بدنه ) لكن في المغرب وغيره : البدن من المنكب إلى الألية ، وحينئذ فالرأس والعنق واليد والرجل خارجة لغة داخلة تبعا شرعا ( لا دلكه ) لأنه متمم ، فيكون مستحبا لا شرطا ، خلافا لمالك


مطلب في أبحاث الغسل .

( قوله : وفرض الغسل ) الواو للاستئناف أو للعطف على قوله أركان الوضوء والفرض بمعنى المفروض . والغسل بالضم اسم من الاغتسال ، وهو تمام غسل الجسد ، واسم لما يغتسل به أيضا ، ومنه في حديث ميمونة " فوضعت له غسلا " مغرب ، لكن قال النووي إنه بالفتح أفصح وأشهر لغة ، والضم هو الذي تستعمله الفقهاء بحر .

( قوله : ما يعم العملي ) أي ليشمل المضمضة والاستنشاق فإنهما ليسا قطعيين ، لقول الشافعي بسنيتهما . ا هـ . ح .

( قوله : كما مر ) أي في الوضوء ، وقدمنا هناك بيانه .

( قوله : وبالغسل المفروض ) أي غسل الجنابة والحيض والنفاس سراج فأل للعهد .

( قوله : يعني إلخ ) مأخوذ من المنح . قال ط : والمراد بعدم الفرضية أن صحة الغسل المسنون لا تتوقف عليهما ، وأنه لا يحرم عليه تركهما . وظاهر كلامه أنهما إذا تركا لا يكون آتيا بالغسل المسنون ، وفيه نظر ; لأنه من الجائز أن يقال إنه أتى بسنة وترك سنة ، كما إذا تمضمض وترك الاستنشاق . ا هـ .

أقول : فيه أن الغسل في الاصطلاح غسل البدن ، واسم البدن يقع على الظاهر والباطن إلا ما يتعذر إيصال الماء إليه أو يتعسر كما في البحر ، فصار كل من المضمضة والاستنشاق جزءا من مفهومه فلا توجد حقيقة الغسل الشرعية بدونهما ، ويدل عليه أنه في البدائع ذكر ركن الغسل وهو إسالة الماء على جميع ما يمكن إسالته عليه من البدن من غير حرج ، ثم قسم صفة الغسل إلى فرض وسنة ومستحب ، فلو كانت حقيقة الغسل الفرض تخالف غيره لما صح تقسيم الغسل الذي ركنه ما ذكر إلى الأقسام الثلاثة ، فيتعين كون المراد بعدم الفرضية هنا عدم الإثم كما هو المتبادر من تفسير الشارح لا عدم توقف الصحة عليهما ، لكن في تعبيره بالشرطية نظرا لما علمت من ركنيتهما فتدبر .

( قوله : غسل كل فمه إلخ ) عبر عن المضمضة والاستنشاق بالغسل لإفادة الاستيعاب أو للاختصار كما قدمه في الوضوء ، ومر عليه الكلام ، ولكن على الأول لا حاجة إلى زيادة كل .

( قوله : ويكفي الشرب عبا ) أي لا مصا فتح وهو بالعين المهملة ، والمراد به هنا الشرب بجميع الفم ، وهذا هو المراد بما في الخلاصة ، إن شرب على غير وجه السنة يخرج عن الجنابة وإلا فلا ، وبما قيل إن كان جاهلا جاز وإن كان عالما فلا : أي لأن [ ص: 152 ] الجاهل يعب والعالم يشرب مصا كما هو السنة .

( قوله : لأن المج ) أي طرح الماء من الفم ليس بشرط للمضمضة ، خلافا لما ذكره في الخلاصة ، نعم هو الأحوط من حيث الخروج عن الخلاف ، وبلعه إياه مكروه كما في الحلية .

( قوله : حتى ما تحت الدرن ) قال في الفتح : والدرن اليابس في الأنف كالخبز الممضوغ والعجين يمنع . ا هـ . وهذا غير الدرن الآتي متنا ، وقيد باليابس لما في شرح الشيخ إسماعيل أن في الرطب اختلاف المشايخ كما في القنية عن المحيط .

( قوله : لكن ) استدراك على ظاهر المتن حيث أطلق البدن على الجسد ; لأن المراد ما يعم الأطراف . والذي في القاموس البدن محرك : من الجسد ما سوى الرأس ط .

( قوله : في المغرب ) بميم مضمومة فغين معجمة ساكنة : اسم كتاب في اللغة للإمام المطرزي تلميذ الإمام الزمخشري ذكر فيه الألفاظ اللغوية الواقعة في كتب فقهائنا ، وله كتاب أكبر منه سماه المعرب بالعين المهملة .

( قوله : خلافا لمالك ) وهي رواية عن أبي يوسف أيضا كما في الفتح .

التالي السابق


الخدمات العلمية