صفحة جزء
باب زكاة الغنم [ ص: 281 ] مشتق من الغنيمة ; لأنه ليس لها آلة الدفاع فكانت غنيمة لكل طالب ( نصاب الغنم ضأنا أو معزا ) فإنهما سواء في تكميل النصاب والأضحية والربا لا في أداء الواجب والأيمان ( أربعون وفيها شاة ) تعم الذكور والإناث ( وفي مائة وإحدى وعشرين شاتان ، وفي مائتين وواحدة ثلاث شياه ، وفي أربعمائة أربع شياه ) وما بينهما عفو ( ثم ) بعد بلوغها أربعمائة ( في كل مائة شاة ) إلى غير نهاية ( ويؤخذ في زكاتها ) أي الغنم ( الثني ) من الضأن والمعز ( وهو ما تمت له سنة لا الجذع إلا بالقيمة ) وهو ما أتى أكثرها على الظاهر . وعنه جواز الجذع من الضأن ، وهو قولهما ، والدليل يرجحه ، ذكره الكمال . والثني من البقر ابن سنتين ، ومن الإبل ابن خمس والجذع من البقر ابن سنة [ ص: 282 ] ومن الإبل ابن أربع ( ولا شيء في خيل ) سائمة عندهما وعليه الفتوى خانية وغيرها ثم عند الإمام هل لها نصاب مقدر ؟ الأصح لا لعدم النقل بالتقدير ( و ) لا في ( بغال وحمير ) سائمة إجماعا ( ليست للتجارة ) فلو لها فلا كلام ; لأنها من العروض ( و ) لا في ( عوامل وعلوفة ) ما لم تكن العلوفة للتجارة ( و ) لا في ( حمل ) بفتحتين ولد الشاة ( وفصيل ) ولد الناقة ( وعجول ) بوزن سنور : ولد البقرة ; وصورته أن يموت كل [ ص: 283 ] الكبار ويتم الحول على أولادها الصغار ( إلا تبعا لكبير ) ولو واحدا ، ويجب ذلك الواحد ولو ناقصا ; فلو جيدا يلزم الوسط وهلاكه يسقطها ، ولو تعدد الواجب وجب الكبار فقط ولا يكمل من الصغار خلافا للثاني ( و ) لا في ( عفو وهو ما بين النصب ) في كل الأموال وخصاه بالسوائم ( و ) لا في ( هالك بعد وجوبها ) ومنع الساعي في الأصح لتعلقها بالعين لا بالذمة ، وإن هلك بعضه سقط حقه ، ويصرف الهالك إلى العفو أولا ثم إلى [ ص: 284 ] نصاب يليه ، ثم وثم ( بخلاف المستهلك ) بعد الحول لوجود التعدي ، ومنه ما لو حبسها عن العلف أو الماء حتى هلكت فيضمن بدائع والتوى بعد القرض والإعارة واستبدال مال التجارة بمال التجارة [ ص: 285 ] هلاك وبغير مال التجارة والسائمة بالسائمة استهلاك .


باب زكاة الغنم الغنم محركة : الشاء لا واحد لها من لفظها الواحدة شاة ، وهو اسم مؤنث للجنس يقع على الذكور والإناث قاموس وفيه الشاة الواحدة من الغنم للذكر والأنثى ، وتكون من الضأن والمعز والظباء والبقر والنعام وحمر الوحش [ ص: 281 ] والمرأة جمعه شاء وشياه وشواه إلخ ( قوله : مشتق من الغنيمة ) أي بينهما اشتقاق أكبر كما مر في الإبل فافهم ، وذكر الضمير وإن كانت الغنم مؤنثة كما علمت ; لأن المراد هنا اللفظ ( قوله : لأنه إلخ ) علة مقدمة على معلولها ، وقوله آلة الدفاع : أي الدفع عن نفسها ، ولا ينافي وجود آلة لها غير دافعة كقرونها ط ( قوله ضأنا أو معزا ) بسكون الهمزة والعين وفتحهما جمع ضائن كذا في القاموس والكشاف ، وهو مذهب الأخفش ، والصحيح مذهب سيبويه أن كلا منهما اسم جنس يقع على القليل والكثير والذكر والأنثى والضأن ما كان من ذوات الصوف والمعز من ذوات الشعر قهستاني ط ( قوله : فإنهما سواء ) ; لأن النص ورد باسم الشاة والغنم وهو شامل لهما نهر ( قوله : في تكميل النصاب ) فإننقص نصاب الضأن وعنده من المعز ما يكمله أو بالعكس وجبت فيه الزكاة ، وكذا لو كان المعز نصابا تاما تجب فيه ( قوله : والأضحية ) أي تجزئ منهما إلا أنها تجوز بالجذع وأما أخذه في الزكاة ففيه الخلاف الآتي ( قوله : والربا ) فلا يجوز بيع لحم الضأن بلحم المعز متفاضلا ح ( قوله : لا في أداء الواجب ) ; لأن النصاب إذا كان ضأنا يؤخذ الواجب من الضأن ولو معزا فمن المعز ، ولو منهما فمن الغالب ، ولو سواء فمن أيهما شاء جوهرة : أي فيعطي أدنى الأعلى أو أعلى الأدنى كما قدمناه في الباب السابق ( قوله : والأيمان ) فإن من حلف لا يأكل لحم الضأن لا يحنث بأكل لحم المعز للعرف ح أي فإن الضأن غير المعز في العرف ( قوله : وما بينهما عفو ) أي ما بين كل نصاب ونصاب فوقه عفو لا شيء فيه زائدا ، فما زاد على أربعين شاة مثلا إلى المائة والعشرين لا شيء فيه إذا اتحد المالك ، فلو مشتركة بين ثلاثة أثلاثا فعلى كل شاة . قال في البحر : ولو كانت لرجل فليس للساعي أن يفرقها ويجعلها أربعين أربعين ، فيأخذ ثلاث شياه ; لأنه باتحاد المالك صار الكل نصابا ، ولو كان بين رجلين أربعون شاة لا تجب على واحد منهما الزكاة ، وليس للساعي أن يجمعها ويجعلها نصابا ويأخذ الزكاة منها ; لأن ملك كل واحد منهما قاصر عن النصاب ا هـ ( قوله : وهو ما تمت له سنة ) أي ودخل في الثانية ، كما في الهداية وسائر كتب الفقه . والمذكور في الصحاح والمغرب وغيرهما من كتب اللغة أنه من الغنم ما دخل في السنة الثالثة ، كذا في البرجندي ، ولذا قال الزيلعي : هذا على تفسير الفقهاء . وعند أهل اللغة : ما طعن في الثالثة إسماعيل ( قوله : لا الجذع ) بالتحريك قاموس ( قوله : وهو ما أتى عليه أكثرها ) كذا في الهداية والكافي والدرر ، وقيل ما له ثمانية أشهر ، وقيل سبعة ; وذكر الأقطع أنه عند الفقهاء ما تم له ستة أشهر . قال في البحر : وهو الظاهر ( قوله على الظاهر ) راجع إلى قوله لا الجذع فإن عدم إجزائه هو ظاهر الرواية صرح به في البحر ح ( قوله من الضأن ) قيد به ; لأن المعز لا خلاف أنه لا يؤخذ فيه إلا الثني بحر عن الخانية ( قوله ذكره الكمال ) وأقره في النهر ، لكن جزم في البحر وغيره بظاهر الرواية ، وفي الاختيار أنه الصحيح ( قوله : والجذع من البقر إلخ ) وأما الجذع من [ ص: 282 ] المعز فقال في البحر لم أره عند الفقهاء ، وإنما نقلوا عن الأزهري أنه ما تم له سنة . ا هـ . قلت : لكن لا يصح أن يكون مراد الفقهاء ; لأنه بهذا المعنى ثني عندهم كما تقدم في كلام الشارح فالظاهر أنه لا فرق عندهم في الجذع بين الغنم والمعز ( قوله : ولا شيء في خيل سائمة ) في المغرب : الخيل اسم جمع للعراب والبراذين ذكورهما وإناثهما ا هـ وقيد بالسائمة ; لأنها محل الخلاف ، أما التي نوى بها التجارة فتجب فيها زكاة التجارة اتفاقا كما يأتي ( قوله : عندهما ) لما في الكتب الستة من قوله عليه الصلاة والسلام { ليس على المسلم في عبده وفرسه صدقة } زاد مسلم { إلا صدقة الفطر } وقال الإمام : إن كانت سائمة للدر والنسل ذكورا وإناثا وحال عليها الحول وجب فيها الزكاة ، غير أنها إن كانت من أفراس العرب خير بين أن يدفع عن كل واحدة دينارا وبين أن يقومها ويعطي عن كل مائتي درهم خمسة دراهم ، وإن كانت من أفراس غيرهم قومها لا غير ، وإن كانت ذكورا أو إناثا فروايتان أشهرهما عدم الوجوب ، كذا في المحيط . وفي الفتح : الراجح في الذكور عدمه ، وفي الإناث الوجوب وأجمعوا أنها لو كانت للحمل والركوب أو علوفة فلا شيء فيها ، وأن الإمام لا يأخذها جبرا نهر ( قوله : وعليه الفتوى ) قال الطحاوي : هذا أحب القولين إلينا ، ورجحه القاضي أبو زيد في الأسرار . وفي الينابيع وعليه الفتوى وفي الجواهر : والفتوى على قولهما . وفي الكافي : هو المختار للفتوى ، وتبعه الزيلعي والبزازي تبعا للخلاصة وفي الخانية قالوا : الفتوى على قولهما تصحيح العلامة قاسم .

قلت : وبه جزم في الكنز ، لكن رجح قول الإمام في الفتح .

وأجاب عن دليلهما المار تبعا للهداية بأن المراد فيه فرس الغازي ، وحقق ذلك بما لا مزيد عليه ، واستدل للإمام بالأدلة الواضحة ، ولذا قال تلميذه العلامة قاسم : وفي التحفة الصحيح قوله ، ورجحه الإمام السرخسي في المبسوط والقدوري في التجريد .

وأجاب عما عساه يورد على دليله وصاحب البدائع وصاحب الهداية ، وهذا القول أقوى حجة على ما شهد به التجريد والمبسوط وشرح شيخنا . ا هـ .

( قوله : الأصح لا ) وقيل ثلاث ، وقيل خمس قهستاني ( قوله : ليست للتجارة ) أي هذه الثلاثة .

( قوله : فلا كلام ) أي لا كلام يتعلق بنفي زكاة التجارة موجود ا هـ ح ( قوله : ولا في عوامل ) أي التي أعدت للعمل كإثارة الأرض بالحراثة وكالسقي ونحوه .

زاد في الدرر الحوامل : وهي التي أعدت لحمل الأثقال وكأن المصنف نظر إلى أن العوامل تشملها ( قوله : وعلوفة ) بالفتح ما يعلف من الغنم وغيرها الواحد والجمع سواء مغرب .

قال في البحر : وقدمنا عن القنية أنه لو كان له إبل عوامل يعمل بها في السنة أربعة أشهر ويسيمها في الباقي ينبغي أن لا تجب فيها زكاة . ا هـ .

( قوله : ما لم تكن العلوفة للتجارة ) قيد بالعلوفة ; لأن العوامل لا تكون للتجارة وإن نواها لها كما في النهر أي ; لأنها مشغولة بالحاجة الأصلية ( قوله : وحمل وفصيل وعجول ) في النهر : الحمل ولد الشاة في السنة الأولى والفصيل ولد الناقة قبل أن يصير ابن مخاض .

والعجول : ولد البقرة حين تضعه أمه إلى شهر كما في المغرب ( قوله : وصورته إلخ ) أي إذا كانت له سوائم كبار وهي نصاب فمضت ستة أشهر مثلا فولدت أولادا ثم ماتت وتم الحول على الصغار لا تجب الزكاة فيها عندهما وعند الثاني تجب واحدة منها ، والمراد من النصاب خمس وعشرون إبلا وثلاثون بقرا وأربعون غنما ، وأما ما دون خمس وعشرين إبلا فلا شيء فيه اتفاقا ; لأن الثاني أوجب [ ص: 283 ] واحدة منها ولا يتصور فيما دون هذا المقدار ، وتمامه في الاختيار .

وفي القهستاني عن التحفة : الصحيح قولهما ( قوله : إلا تبعا لكبير ) قال في النهر : والخلاف ، أي المذكور آنفا مقيد بما إذا لم يكن فيها كبار ، فإن كان كما إذا كان له مع تسع وثلاثين حملا مسن ، وكذلك في الإبل والبقر كانت الصغار تبعا للكبير ووجب إجماعا كذا في الدراية . ا هـ . ( قوله : ويجب ذلك الواحد ولو ناقصا فلو جيدا يلزم الوسط ) كذا في بعض النسخ ، وفي بعضها ويجب ذلك الواحد ما لم يكن جيدا فيلزم الوسط ، وهذه النسخة أحسن ( قوله : وهلاكه يسقطها ) أي لو هلك الكبير بعد الحول بطل الواجب عندهما ، وعند الثاني يجب في الباقي تسعة وثلاثون جزءا من أربعين جزءا من حمل نهر ، ولو هلك الحملان وبقي الكبير يؤخذ جزء من أربعين جزءا منه بدائع ( قوله ولو تعدد الواجب إلخ ) بيانه إذا كان له مسنتان ومائة وتسعة عشر حملا فإنه يجب مسنتان في قولهم : أما لو كان له مسنة ومائة وعشرون حملا وجبت مسنة واحدة عندهما .

وقال الثاني مسنة ، وحمل ، وعلى هذا لو كان له تسعة وخمسون عجولا وتبيع نهر عن غاية البيان ( قوله : ولا في عفو ) هذا قولهما ، وهو أن الواجب في النصاب لا في العفو .

وقال محمد وزفر الواجب عن الكل وأثر الخلاف يظهر فيمن ملك تسعا من الإبل فهلك بعد الحول منها أربعة لم يسقط شيء على الأول ، ويسقط على الثاني أربعة أتساع شاة ، وكذا لو كان له مائة وعشرون شاة فهلك منها ثمانون يسقط على الثاني ثلثا شاة منها ، وتمامه في الزيلعي ( قوله : وخصاه بالسوائم ) أي خص الصاحبان العفو بها دون النقود ; لأن ما زاد على مائتي درهم لا عفو فيه عندهما بل يجب فيما زاد بحسابه ، أما عند أبي حنيفة فإن الزائد عليها عفو ما لم يبلغ أربعين درهما ففيها درهم آخر كما سيأتي ( قوله : ولا في هالك إلخ ) أي لا تجب الزكاة في نصاب هالك بعد الوجوب : أي بعد مضي الحول بل تسقط وإن طلبها الساعي منه فامتنع حتى هلك النصاب على الصحيح .

وفي الفتح أنه الأشبه بالفقه ; لأن للمالك رأيا في اختيار محل الأداء بين العين والقيمة والرأي يستدعي زمانا ( قوله : ومنع الساعي ) عطف على وجوبها ح ( قوله : لتعلقها بالعين ) ; لأن الواجب جزء من النصاب فيسقط بهلاك محله كدفع العبد بالجناية يسقط بهلاكه هداية ( قوله : وإن هلك بعضه ) أي بعض النصاب سقط حظه : أي حظ الهالك : أي سقط من الواجب فيه بقدر ما هلك منه ( قوله ويصرف الهالك إلى العفو إلخ ) أقول : أي لو كان عنده ثلاث نصب مثلا وشيء زائد مما لا يبلغ نصابا رابعا فهلك بعض ذلك يصرف الهالك إلى العفو أولا ، فإن كان الهالك بقدر العفو يبقى الواجب عليه في الثلاث نصب بتمامه ، وإن زاد يصرف الهالك إلى نصاب يليه : أي إلى النصاب الثالث ويزكي عن النصابين ، فإن زاد الهالك على النصاب الثالث يصرف الزائد إلى النصاب الثاني وهكذا إلى أن ينتهي إلى الأول ، ومقتضى ما مر أنه إذا نقص النصاب يسقط عنه حظه ويزكي عن الباقي بقدره تأمل ، ثم إن هذا قول الإمام رضي الله عنه . وعند أبي يوسف يصرف الهالك بعد العفو الأول إلى النصب شائعا .

وعند محمد إلى العفو والنصب لما مر من تعلق الزكاة بهما عنده . قال في الملتقى وشرحه للشارح ، فلو هلك بعد الحول أربعون من ثمانين شاة تجب شاة كاملة عندهما ، وعند محمد نصف شاة .

ولو هلك خمسة عشر من أربعين بعيرا تجب بنت مخاض لما مر أن الإمام يصرف الهالك إلى العفو ثم إلى نصاب يليه ثم وثم . وعند أبي يوسف خمسة وعشرون جزءا من [ ص: 284 ] ستة وثلاثين جزءا من بنت مخاض لما مر أنه يصرف الهالك بعد العفو الأول إلى النصب .

وعند محمد نصف بنت لبون وثمنها ، لما مر أنه يعلق الزكاة بالنصاب والعفو . ا هـ . وفي البحر : ظاهر الرواية عن أبي يوسف كقول الإمام ( قوله : بخلاف المستهلك ) أي بفعل رب المال مثلا ط ( قوله : بعد الحول ) أما قبله لو استهلكه قبل تمام الحول فلا زكاة عليه لعدم الشرط ، وإذا فعله حيلة لدفع الوجوب كأن استبدل نصاب السائمة بآخر أو أخرجه عن ملكه ثم أدخله فيه ، قال أبو يوسف لا يكره ; لأنه امتناع عن الوجوب لا إبطال حق الغير .

وفي المحيط أنه الأصح .

وقال محمد : يكره ، واختاره الشيخ حميد الدين الضرير ; لأن فيه إضرارا بالفقراء وإبطال حقهم مآلا ، وكذا الخلاف في حيلة دفع الشفعة قبل وجوبها .

وقيل الفتوى في الشفعة على قول أبي يوسف ، وفي الزكاة على قول محمد ، وهذا تفصيل حسن شرح درر البحار .

قلت : وعلى هذا التفصيل مشى المصنف في كتاب الشفعة ، وعزاه الشارح هناك إلى الجوهرة ، وأقره وقال : ومثل الزكاة الحج وآية السجدة ( قوله : لوجود التعدي ) علة لقوله بخلاف المستهلك فإنه بمعنى تجب فيه الزكاة ( قوله : ومنه إلخ ) أي من الاستهلاك المفهوم من المستهلك .

قال في النهر : وهو أحد قولين . والقول الآخر أنه لا يضمن ; لأنه لو فعل ذلك في الوديعة لا يضمن فكذا هنا . والذي يقع في نفسي ترجيح الأول ، ثم رأيته في البدائع جزم به ولم يحك غيره . ا هـ .

قلت : ومن الاستهلاك ما لو أبرأ مديونه الموسر ، بخلاف المعسر على ما سيأتي قبيل باب العاشر ( قوله : والتوى ) بالقصر أي الهلاك مبتدأ خبره هلاك ( قوله : بعد القرض والإعارة ) الأصوب الإقراض .

قال في الفتح : وإقراض النصاب الدراهم بعد الحول ليس باستهلاك ، فلو توى المال على المستقرض لا تجب : أي الزكاة ، ومثله إعارة ثوب التجارة . ا هـ .

والتوى هنا : أن يجحد ولا بينة عليه أو يموت المستقرض لا عن تركة ( قوله واستبدال ) بالجر عطفا على القرض . ا هـ .

ح ; لأن المعنى أنه لو استبدل مال التجارة بمال التجارة ثم هلك البدل لا تجب الزكاة ; لأنه ليس باستهلاك ، فعلى هذا لا يصح كونه مرفوعا عطفا على التوى لاستلزامه أن يكون نفس الاستبدال هلاكا ، وليس كذلك لقيام البدل مقام الأصل ، وما عزي إلى النهر من أنه هلاك لم أره فيه ، بل المصرح به فيه وفي غيره أنه ليس باستهلاك ، ولا يلزم منه أن يكون هلاكا .

قال في البدائع : وإذا حال الحول على مال التجارة فأخرجه عن ملكه بالدراهم أو الدنانير أو بعرض التجارة بمثل قيمته لا يضمن الزكاة ; لأنه ما أتلف الواجب بل نقله من محل إلى مثله ، إذ المعتبر في مال التجارة هو المعنى وهو المالية لا الصورة ، فكان الأول قائما معنى فيبقى الواجب ببقائه ويسقط بهلاكه ، وأما إذا باعه وحابى بيسير فكذلك ; لأنه مما لا يمكن التحرز عنه فكان عفوا وإن حابى بما لا يتغابن الناس فيه ضمن قدر زكاة المحاباة ، وزكاة ما بقي تتحول إلى العين فتبقى ببقائه وتسقط بهلاكه انتهى .

والاستبدال قبل الحول كذلك .

ففي البدائع أيضا : لو استبدل مال التجارة بمال التجارة وهي العروض قبل تمام الحول لا يبطل حكم الحول ، سواء استبدلها بجنسها أو بخلافه بلا خلاف لتعلق وجوب زكاتها بمعنى المال وهو المالية والقيمة وهو باق ، [ ص: 285 ] وكذا الدراهم أو الدنانير إذا باعها بجنسها أو بخلافه كدراهم بدراهم أو بدنانير .

وقال الشافعي : ينقطع حكم الحول فعلى قياس قوله لا تجب الزكاة في مال الصيارفة كما إذا باع السائمة بالسائمة .

ولنا ما قلنا أن الوجوب في الدراهم تعلق بالمعنى لا بالعين والمعنى قائم بعد الاستبدال فلا يبطل حكم الحول ، بخلاف استبدال السائمة بالسائمة ، فإن الحكم فيها يتعلق بالعين فيبطل الحول المنعقد على الأول ويستأنف للثاني حولا ا هـ فافهم ( قوله : هلاك ) كذا في بعض النسخ وفي بعضها يعد هلاكا ( قوله وبغير مال التجارة ) متعلق بمبتدأ محذوف دل عليه المذكور : أي واستبدال مال التجارة بغير مال التجارة استهلاك فيضمن زكاته قال في النهر : وقيده في الفتح بما إذا نوى في البدل عدم التجارة عند الاستبدال ، أما إذا لم ينو وقع البدل للتجارة . ا هـ .

قلت : أي وإذا وقع البدل للتجارة فلا يكون الاستبدال استهلاكا ، فلا يضمن زكاة الأصل لو كان بعد تمام الحول ، ولا ينقطع حكم الحول لو كان الاستبدال قبل تمامه بل يتحول الوجوب إلى البدل فيبقى ببقائه ويسقط بهلاكه كما نقلناه صريحا عن البدائع ، فما قيل من أنه لا تجب زكاة البدل بهذا الاستبدال بل يعتبر له حول جديد خطأ صريح فافهم .

[ تنبيه ] شمل قوله وبغير مال التجارة ما لو استبدله بعوض ليس بمال أصلا ، بأن تزوج عليه امرأة ، أو صالح به عن دم العمد ، أو اختلعت به المرأة ، أو بعوض فهو مال لكنه ليس مال الزكاة بأن باعه بعبد الخدمة أو ثياب البذلة أو استأجر به عينا ، فيضمن الزكاة في ذلك كله ; لأنه استهلاك ; وكذا لو باع مال التجارة بالسوائم على أن يتركها سائمة لاختلاف الواجب فكان استهلاكا ، وتمامه في البدائع .

[ تتمة ] حكم النقود مثل مال التجارة ، ففي الفتح رجل له ألف حال حولها فاشترى بها عبدا للتجارة فمات أو عروضا للتجارة فهلكت بطلت عنه زكاة الألف ، ولو كان العبد للخدمة لم تسقط بموته وتمامه فيه ( قوله : والسائمة بالسائمة ) الأولى إسقاط قوله بالسائمة ليشمل استبدالها بغير سائمة . قال في فتح القدير : واستبدال السائمة استهلاك مطلقا سواء استبدلها بسائمة من جنسها أو من غيره أو بغير سائمة دراهم أو عروض لتلقي الزكاة بالعين أولا وبالذات وقد تبدلت ، فإذا هلكت سائمة البدل تجب الزكاة . ولا يخفى أن هذا إذا استبدل بها بعد الحول ، أما إذا باعها قبله فلا حتى لا تجب الزكاة في البدل إلا بحول جديد أو يكون له دراهم وقد باعها بأحد النقدين . ا هـ . أي فحينئذ يضم ثمنها إلى ما عنده من الدراهم ويزكيه معه بلا استقبال حول جديد ، وكذا لو باعها بسائمة وعنده سائمة فإنه يضمها إليها كما قدمناه في فصل السائمة عن الجوهرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية