صفحة جزء
( وجاز دفع القيمة [ ص: 286 ] في زكاة وعشر وخراج وفطرة ونذر وكفارة غير الإعتاق ) وتعتبر القيمة يوم الوجوب ، وقالا يوم الأداء . وفي السوائم يوم الأداء إجماعا ، وهو الأصح ، ويقوم في البلد الذي المال فيه ولو في مفازة ففي أقرب الأمصار إليه فتح . ( والمصدق ) لا ( يأخذ ) إلا ( الوسط ) وهو أعلى الأدنى [ ص: 287 ] وأدنى الأعلى ولو كله جيدا فجيد ( وإن لم يجد ) المصدق وكذا إن وجد فالقيد اتفاقي ( ما وجب من ) ذات ( سن دفع ) المالك ( الأدنى مع الفضل ) جبرا على الساعي لأنه دفع بالقيمة ( أو ) دفع ( الأعلى ورد الفضل ) بلا جبر [ ص: 288 ] لأنه شراء فيشترط فيه الرضا هو الصحيح سراج ( أو ) دفع ( القيمة ) ولو دفع ثلاث شياه سمان عن أربع وسط جاز ( والمستفاد ) ولو بهبة أو إرث ( وسط الحول يضم إلى نصاب من جنسه ) فيزكيه بحول الأصل ، ولو أدى زكاة نقده ثم اشترى به سائمة لا تضم ، ولو له نصابان مما لم يضم أحدهما كثمن سائمة مزكاة وألف درهم وورث ألفا ضمت إلى أقربهما حولا وربح كل يضم إلى أصله .


( قوله : وجاز دفع القيمة ) أي ولو مع وجود المنصوص عليه معراج ، فلو أدى ثلاث شياه سمان عن أربع وسط أو بعض بنت لبون عن بنت مخاض جاز وتمامه في الفتح . ثم إن هذا مقيد بغير المثلي ، فلا تعتبر القيمة في نصاب كيلي أو وزني ، فإذا أدى أربعة مكاييل أو دراهم جيدة عن خمسة رديئة أو زيوف لا يجوز عند علمائنا الثلاثة إلا عن أربعة ، وعليه كيل أو درهم آخر خلافا لزفر ، وهذا إذا أدى من جنسه ، وإلا فالمعتبر هو القيمة اتفاقا لتقوم الجودة في المال الربوي عند المقابلة بخلاف جنسه .

ثم إن المعتبر عند محمد الأنفع للفقير من القدر والقيمة . وعندهما القدر ، فإذا أدى خمسة أقفزة رديئة عن خمسة جيدة لم يجز عنده حتى يؤدي تمام قيمة الواجب وجاز عندهما ، وهذا إذا كان المال جيدا وأدى من جنسه رديئا ، [ ص: 286 ] أما إذا أدى من خلاف جنسه فالقيمة معتبرة اتفاقا . وإذا أدى خمسة جيدة عن خمسة رديئة جاز اتفاقا على اختلاف التخريج ، وتمامه في شرح درر البحار وشرح المجمع ( قوله في زكاة إلخ ) قيد بالمذكورات ; لأنه لا يجوز دفع القيمة في الضحايا والهدايا والعتق ; لأن معنى القربة إراقة الدم وفي العتق نفي الرق وذلك لا يتقوم بحر عن غاية البيان ، ثم قال : ولا يخفى أنه مقيد ببقاء أيام النحر ، أما بعدها فيجوز دفع القيمة كما عرف في الأضحية . ا هـ . ( قوله : وخراج ) ذكره في الشرنبلالية بحثا ، لكن نقله الشيخ إسماعيل عن الخلاصة ( قوله ونذر ) كأن نذر أن يتصدق بهذا الدينار فتصدق بقدره دراهم أو بهذا الخبز فتصدق بقيمته جاز عندنا ، كذا في فتح القدير . وفيه لو نذر أن يهدي شاتين أو يعتق عبدين وسطين فأهدى شاة أو أعتق عبدا يساوي كل منهما وسطين لا يجوز ; لأن القربة في الإراقة والتحرير وقد التزم إراقتين وتحريرين فلا يخرج عن العهدة بواحد ، بخلاف النذر بالتصدق بشاتين وسطين فتصدق بشاة بقدرهما جاز ; لأن المقصود إغناء الفقير وبه تحصل القربة وهو يحصل بالقيمة ; ولو نذر أن يتصدق بقفيز دقل فتصدق بنصفه جيدا يساوي تمامه لا يجزيه ; لأن الجودة لا قيمة لها هنا للربوية وللمقابلة بالجنس ، بخلاف جنس آخر لو تصدق بنصف قفيز منه يساويه جاز . ا هـ . ( قوله : وكفارة ) بالتنوين وغير الإعتاق نعته ، ولم يذكر هذا الاستثناء في الهداية والكنز والتبيين والكافي وذكره في غاية البيان كما قدمناه معللا بأن معنى القربة فيه إتلاف الملك ونفي الرق وذلك لا يتقوم شرنبلالية .

قلت : وينبغي استثناء الكسوة لما في البحر عن الفتح ، بخلاف ما لو كان كسوة بأن أدى ثوبا يعدل ثوبين لم يجز إلا عن ثوب واحد ; لأن المنصوص عليه في الكفارة مطلق الثوب لا بقيد الوسط فكان الأعلى وغيره داخلا تحت النص . ا هـ . ( قوله وهو الأصح ) أي كون المعتبر في السوائم يوم الأداء إجماعا هو الأصح فإنه ذكر في البدائع أنه قيل إن المعتبر عنده فيها يوم الوجوب ، وقيل يوم الأداء . ا هـ .

وفي المحيط : يعتبر يوم الأداء بالإجماع وهو الأصح ا هـ فهو تصحيح للقول الثاني الموافق لقولهما ، وعليه فاعتبار يوم الأداء يكون متفقا عليه عنده وعندها ( قوله : ويقوم في البلد الذي المال فيه ) فلو بعث عبدا للتجارة في بلد آخر يقوم في البلد الذي فيه العبد بحر ( قوله : ففي أقرب الأمصار إليه ) أي إلى المفازة ، وذكر الضمير باعتبار الموضع .

وعبارة الفتح إلى ذلك الموضع . قال في البحر في الباب الآتي : وهذا أولى مما في التبيين من أنه إذا كان في المفازة يقوم في المصر الذي يصير إليه ( قوله : والمصدق ) بتخفيف الصاد وكسر الدال المشددة : هو الساعي آخذ الصدقة ، وأما المالك فالمشهور فيه تشديدهما وكسر الدال ، وقيل بتخفيف الصاد شرنبلالية عن العناية ( قوله : لا يأخذ إلا الوسط ) أي من السن الذي وجب ، فلو وجب بنت لبون لا يأخذ خيار بنت لبون ولا رديئها بل يأخذ الوسط لقوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ حين بعثه إلى اليمن { إياك وكرائم أموالهم } رواه الجماعة ولأن في أخذ الوسط نظرا للفقراء ولرب المال ملا علي القاري .

وفي الخانية : ولا تؤخذ الربى والأكيلة والماخض وفحل الغنم ; لأنها من الكرائم ا هـ .

والربى : بضم الراء المشددة وتشديد الباء مقصورة ، وهي التي تربي ولدها مغرب . وفي البدائع قال محمد : الربى هي التي تربي ولدها .

والأكيلة : التي تسمن للأكل . والماخض : هي التي في بطنها ولد ، ومن الناس من طعن [ ص: 287 ] فيه وزعم أن الربى هي المرباة والأكيلة المأكولة وطعنه مردود عليه ، وكان عليه تقليد محمد إذ هو إمام في اللغة أيضا واجب التقليد فيها كأبي عبيد والأصمعي والخليل والكسائي والفراء وغيرهم ، وقد قلده أبو عبيد مع جلالة قدره واحتج بقوله وكذا أبو العباس مطلب محمد إمام في اللغة واجب التقليد فيها من أقران سيبويه وكان ثعلب يقول : محمد عندنا من أقران سيبويه فكان قوله حجة في اللغة ا هـ وتمامه فيها ( قوله : ولو كله جيدا فجيد ) في الظهيرية : له نخيل تمر برني ودقل .

قال الإمام : يؤخذ من كل نخلة حصتها من التمر . وقال محمد : يؤخذ من الوسط إذا كانت أصنافا ثلاثة : جيد ووسط ورديء ا هـ وهذا يقتضي أن أخذ الوسط إنما هو فيما إذا اشتمل المال على جيد ووسط ورديء أو على صنفين منها ، أما لو كان المال كله كأربعين شاة أكولة تجب شاة من الكرائم لا شاة وسط عند الإمام خلافا لمحمد كما لا يخفى بحر .

وفي النهر عن المعراج : وإن لم يكن فيها وسط يعتبر أفضلها ليكون الواجب بقدره ( قوله كذا نقله الشافعية ) وعللوه بأن الحامل حيوانان كما في شرح ابن حجر ( قوله : فليراجع ) لا يقال : تقدم أنه لا تؤخذ الماخض ; لأن المراد هنا ما إذا كان النصاب كله كذلك ، ولا يقال صرحوا بأنه لا زكاة في العوامل والحوامل ; لأن المراد بها المعدة للحمل على ظهرها والمراد هنا ما في بطنها ولد ، لكن إذا كان النصاب كله كذلك فما المانع من أخذها وإن كانت حيوانين ، كما لو كانت كلها أكولة فإنها تؤخذ مع كونها من الكرائم المنهي عن أخذها .

وقول البحر المار آنفا تجب شاة من الكرائم يشمل الحامل فتأمل ( قوله : فالقيد اتفاقي ) كذا في البحر ودرر البحار وغيرهما ، لكن ظاهر ما في البحر عن المعراج أنه اتفاقي بالنسبة إلى أداء القيمة فإنه قال : وأداء القيمة مع وجود المنصوص عليه جائز عندنا ا هـ فتأمل ( قوله من ذات سن ) أشار بتقدير المضاف تبعا للنهر إلى أن المراد بالسن معناها الحقيقي واحدة الأسنان ، لكن قال في المغرب : السن هي المعروفة ، ثم سمي بها صاحبها كالناب للمسنة من النوق ، ثم استعيرت لغيره كابن المخاض وابن اللبون . ا هـ .

زاد في الدرر وذلك إنما يكون في الدواب دون الإنسان ; لأنها تعرف بالسن ا هـ أي سميت بذلك ; لأن عمرها يعرف بالسن بخلاف الآدمي ، ومقتضاه أنه مجاز في اللغة من إطلاق اسم البعض على الكل كالرقبة على المملوك فلا حاجة إلى تقدير مضاف إلا أن يريد الإشارة إلى تجويز كونه من مجاز الحذف تأمل ( قوله : الأدنى ) أي وصفا أو سنا وكذا قوله أو الأعلى ( قوله مع الفضل ) أي ما يزيد من قيمة الواجب على المدفوع ( قوله : لأنه دفع بالقيمة ) أي لا يبيع حتى ينافي الجبر ( قوله : ورد الفضل ) أي استرده ولم يقدروه عندنا بشيء ; لأنه يختلف بحسب الأوقات غلاء ورخصا .

وقدره الشافعي بشاتين أو عشرين درهما كما بسطه في العناية وغيرها إسماعيل ( قوله : بلا جبر ) كذا في الهداية ، وبه جزم الكمال والزيلعي . وفي النهر عن الصيرفي أنه الصحيح ، وقيل الخيار للساعي ذكره محمد في الأصل ، [ ص: 288 ] وجرى عليه القدوري ، واختاره الإسبيجابي ، وقيل للمالك في الصورتين ، وهو ظاهر المتن كالكنز والدرر والملتقى ، وصححه في الاختيار ، وذكر في النهاية والمعراج أنه الصواب ، ومشى عليه في البحر ، وعزاه إلى المبسوط وانتصر في النهر للأول فلذا جزم به الشارح ( قوله : جاز ) أي بخلاف المثلي كما قدمناه موضحا ( قوله : والمستفاد ) السين والتاء زائدتان : أي المال المفاد ط ( قوله : ولو بهبة أو إرث ) أدخل فيه المفاد بشراء أو ميراث أو وصية وما كان حاصلا من الأصل كالأولاد والربح كما في النهر ( قوله إلى نصاب ) قيد به ; لأنه لو كان النصاب ناقصا وكمل بالمستفاد فإن الحول ينعقد عليه عند الكمال ، بخلاف ما لو هلك بعض النصاب في أثناء الحول فاستفاد ما يكمله فإنه يضم عندنا ، وأشار إلى أنه لا بد من بقاء الأصل ; حتى لو ضاع استأنف للمستفاد حولا منذ ملكه ، فإن وجد منه شيئا قبل الحول ولو بيوم ضمه وزكى الكل ، وكذا لو وهب له ألف فاستفاد مثلها في الحول ثم رجع الواهب بقضاء استأنف حولا للفائدة ، وشمل كلامه ما لو كان النصاب دينا ، فاستفاد مائة فإنها تضم إجماعا غير أنه لو تم حول الدين ; فعند الإمام لا يلزمه الأداء من المستفاد ما لم يقبض أربعين درهما ، فلو مات المديون مفلسا سقط عنه زكاة المستفاد وعندهما يجب . ا هـ .

من البحر والنهر ( قوله : من جنسه ) سيأتي ; أن أحد النقدين يضم إلى الآخر وأن عروض التجارة تضم إلى النقدين للجنسية باعتبار قيمتها ، واحترز عن المستفاد من خلاف جنسه كالإبل مع الشياه فلا تضم بحر ( قوله ولو أدى إلخ ) هذا بمنزلة الاستثناء مما في المتن كأنه قال يضم المستفاد إلى جنسه ما لم يمنع منه مانع وهو الثني المنفي بقوله عليه الصلاة والسلام { لا ثني في الصدقة } ( قوله : لا تضم ) أي إلى سائمة عنده من جنس السائمة التي اشتراها بذلك النقد المزكى : أي لا يزكيها عند تمام حول السائمة الأصلية عند الإمام للمانع المذكور وعندهما يضم ، وكذا الخلاف لو باع السائمة المزكاة بنقد بخلاف ما لو أدى عشر طعام أو أرض أو صدقة فطر عبد ثم باع حيث تضم أثمانها إجماعا .

والفرق للإمام أن ثمن السائمة بدل مال الزكاة وللبدل حكم المبدل منه ، فلو ضم لأدى إلى الثني ، وكذا جعل السائمة علوفة بعدما زكاها ثم باعها ، أو جعل عبد التجارة المؤدى زكاته للخدمة ثم باعه ضم لخروجه عن مال الزكاة فصار كمال آخر ، وتمامه في البحر ( قوله : كثمن سائمة مزكاة ) أي وكالفرع المذكور قبله ، ففيه لو ورث سائمة من جنس السائمتين تضم إلى أقربهما أيضا ( قوله ضمت ) أي الألف الموروثة إلى أقربهما : أي أقرب الألفين الأولين حولا .

قال في البحر : لأنهما استويا في علة الضم وترجح أحدهما باعتبار القرب ; لأنه أنفع للفقراء ( قوله : وربح كل إلخ ) قال في البحر ولو كان المستفاد ربحا أو ولدا ضمه إلى أصله وإن كان أبعد حولا ; لأنه ترجح باعتبار التفرع والتولد ; لأنه تبع وحكم التبع لا يقطع عن الأصل .

التالي السابق


الخدمات العلمية