صفحة جزء
( وفرض ) الغسل ( عند ) خروج ( مني ) من العضو وإلا فلا يفرض اتفاقا ; لأنه في حكم الباطن ( منفصل عن مقره ) هو صلب الرجل وترائب المرأة ، ومنيه أبيض ومنيها أصفر ، فلو اغتسلت فخرج منها مني ، وإن منيها [ ص: 160 ] أعادت الغسل لا الصلاة وإلا لا ( بشهوة ) أي لذة ولو حكما كمحتلم ، ولم يذكر الدفق ليشمل مني المرأة ; لأن الدفق فيه غير ظاهر ، وأما إسناده إليه أيضا في قوله { خلق من ماء دافق } الآية ، فيحتمل التغليب فالمستدل بها كالقهستاني تبعا لأخي جلبي غير مصيب تأمل ; ولأنه ليس بشرط عندهما خلافا للثاني ولذا قال ( وإن لم يخرج ) من رأس الذكر ( بها ) وشرطه أبو يوسف ، وبقوله يفتى في ضيف خاف ريبة أو استحى كما في المستصفى . وفي القهستاني والتتارخانية معزيا للنوازل : وبقول أبي يوسف نأخذ ; لأنه أيسر على المسلمين قلت [ ص: 161 ] ولا سيما في الشتاء والسفر . وفي الخانية : خرج مني بعد البول وذكره منتشر لزمه الغسل . قال في البحر : ومحله إن وجد الشهوة ، وهو تقييد قولهم بعدم الغسل بخروجه بعد البول .


( قوله : وفرض الغسل ) الظاهر أنه أراد بالفرض ما يعم العلمي والعملي ; لأنه عند رؤية مستيقظ بللا ليس مما ثبت بدليل لا شبهة فيه كما نبه عليه في الحلية ; ولذا خالف فيه أبو يوسف كما سيأتي .

( قوله : عند خروج ) لم يقل بخروج ; لأن السبب هو ما لا يحل مع الجنابة كما اختاره في الفتح وسيذكره الشارح في قوله وعند انقطاع حيض ونفاس ، ولو قال وبعد خروج لكان أظهر ; لأنه لا يجب قبل السبب .

( قوله : مني ) أي مني الخارج منه ، الخلاف ما لو خرج من المرأة مني الرجل كما يأتي ، وشمل ما يكون به بلوغ المراهق على ما سيذكره المصنف .

( قوله : من العضو ) هو ذكر الرجل وفرج المرأة الداخل احترازا عن خروجه من مقره ولم يخرج من العضو بأن بقي في قصبة الذكر أو الفرج الداخل ، أما لو خرج من جرح في الخصية بعد انفصاله عن مقره بشهوة فالظاهر افتراض الغسل . وليراجع .

( قوله : وترائب المرأة ) أي عظام صدرها كما في الكشاف .

( قوله : ومنيه أبيض إلخ ) وأيضا منيه خاثر ومنيها رقيق .

( قوله : إن منيها ) أي [ ص: 160 ] يقينا ، فلو شكت فيه فلا تعيد الغسل اتفاقا للاحتمال والأولى الإعادة على قولهما احتياطا نوح أفندي .

( قوله : لا الصلاة ) كما أن الرجل لا يعيد ما صلى إذا خرج منه بقية المني بعد الغسل اتفاقا كما في الفتح ، لكن قال في المبتغي : بخلاف المرأة ، يعني أنها تعيد تلك الصلاة ، وفي نظر ظاهر ، والذي يظهر أنها كالرجل كذا في الحلية وتبعه في البحر . وأجاب المقدسي بحمل قوله بخلاف المرأة على أنها لا تعيد أصلا أي لا الغسل ولا الصلاة ; لأن ما يخرج منها يحتمل أنه ماء الرجل ا هـ . أقول : أي إذا لم تعلم أنه ماؤها .

( قوله : وإلا لا ) أي وإن لم يكن منيها بل مني الرجل لا تعيد شيئا وعليها الوضوء رملي عن التتارخانية .

( قوله : بشهوة ) متعلق بقوله منفصل ، احترز به عما لو انفصل بضرب أو حمل ثقيل على ظهره ، فلا غسل عندنا خلافا للشافعي كما في الدرر .

( قوله : كمحتلم ) فإنه لا لذة له يقينا لفقد إدراكه ط فتأمل . وقال الرحمتي : أي إذا رأى البلل ولم يدرك اللذة ; لأنه يمكن أنه أدركها ثم ذهل عنها فجعلت اللذة حاصلة حكما .

( قوله : ولم يذكر الدفق ) إشارة إلى الاعتراض على الكنز حيث ذكره ، فإنه في البحر زيف كلامه وجعله متناقضا ، وقد أجبنا عنه فيما علقناه على البحر . ولا يخفى أن المتبادر من الدفق هو سرعة الصب من رأس الذكر لا من مقره . وأما ما أجاب به في النهر عن الكنز من أنه يصح كونه دافقا من مقره بناء على قول ابن عطية إن الماء يكون دافقا أي حقيقة لا مجازا ; لأن بعضه يدفق بعضا ، فقد قال صاحب النهر نفسه : إني لم أر من عرج عليه فافهم .

( قوله : غير ظاهر ) أي لاتساع محله .

( قوله : وأما إسناده إلخ ) أي إسناد الدفق إلى مني المرأة أيضا أي كإسناده إلى مني الرجل .

( قوله : فيحتمل التغليب ) أي تغليب ماء الرجل لأفضليته على ماء المرأة .

( قوله : فالمستدل بها ) أي بالآية على أن في منيها دفقا أيضا .

( قوله : تأمل ) لعله يشير إلى إمكان الجواب ; لأن كون الدفق منها غير ظاهر يشعر بأن فيه دفقا وإن لم يكن كالرجل ، أفاده ابن عبد الرزاق .

( قوله : ولأنه ) معطوف على قوله ليشمل ، والضمير للدفق بالمعنى الذي ذكرناه فافهم .

( قوله : ولذا قال إلخ ) أي لكون الدفق ليس شرطا . قال المصنف وإن لم يخرج بها : أي بشهوة ، فإن عدم اشتراط الخروج بها مستلزم لعدم اشتراط الدفق إذ لا يوجد الدفق بدونها .

( قوله : وشرطه أبو يوسف ) أي شرط الدفق ، وأثر الخلاف يظهر فيما لو احتلم أو نظر بشهوة فأمسك ذكره حتى سكنت شهوته ثم أرسله فأنزل وجب عندهما لا عنده ، وكذا لو خرج منه بقية المني بعد الغسل قبل النوم أو البول أو المشي الكثير نهر أي لا بعده ; لأن النوم والبول والمشي يقطع مادة الزائل عن مكانه بشهوة فيكون الثاني زائلا عن مكانه بلا شهوة فلا يجب الغسل اتفاقا زيلعي ، وأطلق المشي كثير ، وقيده في المجتبى بالكثير وهو أوجه ; لأن الخطوة والخطوتين لا يكون منهما ذلك حلية وبحر . قال المقدسي : وفي خاطري أنه عين له أربعون خطوة فلينظر . ا هـ .

( قوله : خاف ريبة ) أي تهمة .

( قوله : وبقول أبي يوسف نأخذ ) أي في الضيف وغيره . وفي الذخيرة أن الفقيه أبا الليث وخلف بن أيوب أخذا بقول أبي يوسف . وفي جامع الفتاوى أن الفتوى على قول إسماعيل .

( قوله : قلت إلخ ) ظاهره الميل إلى اختيار ما في النوازل ، ولكن أكثر الكتب على خلافه حتى البحر والنهر ، ولا سيما قد ذكروا أن قوله قياس وقولهما استحسان وأنه الأحوط ، فينبغي الإفتاء بقوله في مواضع الضرورة فقط تأمل . [ ص: 161 ] وفي شرح الشيخ إسماعيل عن المنصورية قال الإمام قاضي خان : يؤخذ بقول أبي يوسف في صلوات ماضية فلا تعاد ، وفي مستقبلة لا يصلي ما لم يغتسل . ا هـ . [ تنبيه ] إذا لم يتدارك مسك ذكره حتى نزل المني صار جنبا بالاتفاق ، فإذا خشي الريبة يتستر بإيهام أنه يصلي بغير قراءة ونية وتحريمة فيرفع يديه ويقوم ويركع شبه المصلي إمداد .

( قوله : ومحمله ) أي ما في الخانية . قال في البحر : ويدل عليه تعليله في التجنيس بأن في حالة الانتشار وجد الخروج والانفصال جميعا على وجه الدفق والشهوة ا هـ : وعبارة المحيط كما في الحلية : رجل بال فخرج من ذكره مني ، إن كان منتشرا فعليه الغسل ; لأن ذلك دلالة خروجه عن شهوة .

( قوله : وهو ) أي ما في الخانية .

( قوله : تقييد قولهم ) أي فيقال إن عدم وجوب الغسل بخروجه بعد البول اتفاقا إذا لم يكن ذكره منتشرا فلو منتشرا وجب ; لأنه إنزال جديد وجد معه الدفق والشهوة . أقول : وكذا يقيد عدم وجوبه بعدم النوم والمشي الكثير .

التالي السابق


الخدمات العلمية