صفحة جزء
( و ) عند ( رؤية مستيقظ ) خرج رؤية السكران والمغمى عليه المذي منيا أو مذيا ( وإن لم يتذكر الاحتلام ) إلا إذا علم أنه مذي أو شك أنه مذي أو ودي أو كان ذكره منتشرا قبيل النوم فلا غسل [ ص: 164 ] عليه اتفاقا كالودي ، لكن في الجواهر إلا إذا نام مضطجعا أو تيقن أنه مني أو تذكر حلما فعليه الغسل والناس عنه غافلون ( لا ) يفترض ( إن تذكر ولو مع اللذة ) والإنزال ( ولم ير ) على رأس الذكر ( بللا ) إجماعا ( وكذا المرأة ) مثل الرجل على المذهب . ولو وجد بين الزوجين ماء ولا مميز ولا تذكر ولا نام قبلهما غيرهما اغتسلا .


( قوله : وعند رؤية مستيقظ ) أي بفخذه أو ثوبه بحر ، والمراد بالرؤية العلم ليشمل الأعمى ، والمرأة كالرجل كما في القهستاني .

( قوله : خرج رؤية السكران والمغمى عليه المذي ) أي بعد إفاقتهما بحر . والفرق أن النوم مظنة الاحتلام فيحال عليه ، ثم يحتمل أنه مني رق بالهواء أو للغذاء فاعتبرناه منيا احتياطا ، ولا كذلك السكران والمغمى عليه ; لأنه لم يظهر فيهما هذا السبب بحر ، وقوله المذي مفعول رؤية وهما موجودان في بعض النسخ ولا بد منهما ; لأن برؤية المني يجب الغسل كما صرح به في المنية وغيرها . قال ط : وأشار به أي بالتقييد بالمذي إلى أن في مفهوم المستيقظ تفصيلا ، وأما أحسن ما صنع ولا تكلف فيه ا هـ فافهم .

( قوله : منيا أو مذيا ) اعلم أن هذه المسألة على أربعة عشر وجها ; لأنه إما أن يعلم أنه مني أو مذي أو ودي أو شك في الأولين أو في الطرفين أو في الأخيرين أو في الثلاثة ، وعلى كل إما أن يتذكر احتلاما أو لا فيجب الغسل اتفاقا في سبع صور منها وهي ما إذا علم أنه مذي ، أو شك في الأولين أو في الطرفين أو في الأخيرين أو في الثلاثة مع تذكر الاحتلام فيها ، أو علم أنه مني مطلقا ، ولا يجب اتفاقا فيما إذا علم أنه ودي مطلقا ، وفيما إذا علم أنه مذي أو شك في الأخيرين مع عدم تذكر الاحتلام ; ويجب عندهما فيما إذا شك في الأولين أو في الطرفين أو في الثلاثة احتياطا ، ولا يجب عند أبي يوسف للشك في وجود الموجب ، واعلم أن صاحب البحر ذكر اثنتي عشرة صورة وزدت الشك في الثلاثة تذكر أولا أخذا من عبارته . ا هـ . ح . أقول : إذا عرفت هذا فاعلم أن المصنف اقتصر على بعض الصور ، ولا يلزم أن يكون ما سكت عنه مخالفا في الحكم لما ذكره كما لا يخفى فافهم ، نعم قوله أو مذيا يقتضي أنه إذا علم أنه مذي ولم يتذكر احتلاما يجب الغسل وقد علمت خلافه . وعبارة النقاية كعبارة المصنف ، وأشار القهستاني إلى الجواب حيث فسر قوله أو مذيا بقوله أي شيئا شك فيه أنه مني أو مذي ; لأنا لا نوجب الغسل بالمذي أصلا بل بالمني ، إلا أنه قد يرق بإطالة الزمان ، فالمراد ما صورته صورة المذي لا حقيقته كما في الخلاصة ا هـ فليس فيه مخالفة لما تقدم فافهم .

( قوله : وإن لم يتذكر الاحتلام ) من الحلم بالضم والسكون لما يراه النائم ثم غلب على ما يراه من الجماع نهر . واعلم أنه اختلف ، الواو في نظير هذا التركيب ، فقيل إنها للحال أي والحال أنه إن لم يتذكر الاحتلام يجب الغسل ، ويفهم وجوبه إذا تذكر بالأولى ، وقيل للعطف على مقدر : أي إن تذكر وإن لم يتذكر .

( قوله : إلا إذا علم إلخ ) استثناء من قوله أو مذيا مع تقييده لعدم تذكر الاحتلام ; لأنه هو المنطوق ، سواء جعلت الواو للحال أو للعطف ، لكن على جعلها للحال أظهر ، إذ ليس في الكلام شيء مقدر ، ولو جعلت للعطف ربما يتوهم أن الاستثناء مفروض على عدم التذكر المنطوق ، ومع التذكر المقدر فلا يصح قوله الآتي اتفاقا . ثم اعلم أن الشارح قد أصلح عبارة المصنف ، فإن قوله أو مذيا يحتمل أن يكون المراد به أنه رأى مذيا حقيقة بأن علم أنه مذي ، أو أنه رأى مذيا صورة بأن رأى بللا وشك في أنه مذي أو ودي ، أو شك أنه مذي أو مني ، فاستثنى ما عدا الأخير وصار قوله أو مذيا مفروضا فيما إذا شك أنه مذي أو مني فقط كما قدمناه فهذه الصورة [ ص: 164 ] يجب فيها الغسل وإن لم يتذكر الاحتلام لكن بقيت هذه صادقة بما إذا كان ذكره منتشرا قبل النوم أو لا ، مع أنه إذا كان منتشرا لا يجب الغسل فاستثناه أيضا ، فصار جملة المستثنيات ثلاث صور لا يجب فيها الغسل اتفاقا مع عدم تذكر الاحتلام كما قلنا ، وبهذا الحل الذي هو من فيض الفتاح العليم ظهر أن هذه المتعاطفات مرتبطة ببعضها وأن الاستثناء فيها كلها متصل ، ولله در هذا الشارح الفاضل ، فكثيرا ما تخفى إشارته على المعترضين وإن كانوا من الماهرين ، فافهم .

( قوله : كالودي ) فإنه لا غسل فيه اتفاقا وإن تذكر كما مر .

( قوله : لكن في الجواهر إلخ ) استدراك على المسألة الثالثة . وحاصله أنه أطلق عدم الغسل فيها تبعا لكثير ، وهو مقيد بثلاثة قيود : أن يكون نومه قائما أو قاعدا ، أو أن لا يتيقن أنه مني ، وأن لا يتذكر حلما ، فإذا فقد واحد منها بأن نام مضطجعا أو تيقن أو تذكر وجب الغسل . وقد ذكر المسألة في منية المصلي فقال : وإن استيقظ فوجد في إحليله بللا ولم يتذكر حلما ، إن كان ذكره منتشرا قبل النوم فلا غسل عليه ، وإن كان ساكنا فعليه الغسل ، هذا إذا نام قائما أو قاعدا ، أما إذ نام مضطجعا أو تيقن أنه مني فعليه الغسل ، وهذا مذكور في المحيط والذخيرة . وقال شمس الأئمة الحلواني هذه مسألة يكثر وقوعها والناس عنها غافلون . ا هـ . والحاصل أن الانتشار قبل النوم سبب لخروج المذي ، فما يراه يحمل عليه ما لم يتذكر حلما ويعلم أنه مني أو يكن نام مضطجعا ; لأنه سبب للاسترخاء والاستغراق في النوم الذي هو سبب الاحتلام ، لكن ذكر في الحلية أنه راجع الذخيرة والمحيط البرهاني فلم ير تقييد عدم الغسل بما إذا نام قائما أو قاعدا ، ثم بحث وقال إن الفرق بينه وبين النوم مضطجعا غير ظاهر .

( قوله : أو تيقن ) عبر به تبعا للمنية ; ولو عبر بالعلم لكان أولى ; لأن المراد غلبة الظن والعلم يطلق عليها . وعبارة الخانية في هذه المسألة إلا أن يكون أكبر رأيه أنه مني فيلزمه الغسل ا هـ .

( قوله : ولو مع اللذة والإنزال ) أي مع تذكرهما ، وليس المراد أنه أنزل ; لأن الموضوع أنه لم ير بللا ط .

( قوله : وكذا المرأة إلخ ) في البحر عن المعراج : لو احتلمت المرأة ولم يخرج الماء إلى ظهر فرجها عن محمد يجب . وفي ظاهر الرواية لا يجب ; لأن خروج منيها إلى فرجها الخارج شرط لوجوب الغسل عليها وعليه الفتوى .

( قوله : ولو وجد إلخ ) حاصله أنه لو وجد الزوجان في فراشهما منيا ولم يتذكرا احتلاما ، فقيل إن كان أبيض غليظا فمني الرجل ، وإن كان أصفر رقيقا فمني المرأة . وقال في الظهيرية بعد حكايته لهذا القول : والأصح أنه يجب عليهما احتياطا ، وعزا هذا الثاني في الحلية إلى ابن الفضل ، وقال : ومشى عليه في المحيط والخلاصة ، واستظهر في الفتح الجمع بين القولين ، فقيد الوجوب عليهما بعدم التذكر وعدم المميز من غلظ ورقة أو بياض وصفرة ، ثم قال : فلا خلاف إذن ، واستحسنه في الحلية وأقره في البحر ، لكن في شرح المنية أن المميز يختلف باختلاف المزاج والأغذية فلا عبرة به ، والاحتياط هو الأول .

( قوله : ولا نام قبلهما غيرهما ) ذكره في الحلية بحثا وتبعه في البحر قال : فلو كان قد نام عليه غيرهما وكان المني المرئي يابسا فالظاهر أنه لا يجب الغسل على واحد منهما . [ ص: 165 ] تنبيه ]

التقييد بالزوجين صريح في أن غيرهما لا يجب عليه رملي على البحر . أقول : الظاهر أنه اتفاقي جريا على الغالب ولذا قال ط : الأجنبي والأجنبية كذلك ، وكذا لو كانا رجلين أو امرأتين ، فالظاهر اتحاد الحكم .

التالي السابق


الخدمات العلمية