صفحة جزء
( ووطؤه في إحدى السبيلين ) من آدمي ( ولو ناسيا ) أو مكرها أو نائمة أو صبيا أو مجنونا ذكره الحدادي ، لكن لا دم ولا قضاء عليه ( قبل وقوف فرض يفسد حجه )


( قوله ووطؤه ) أي بإيلاج قدر الحشفة وإن لم ينزل ولو بحائل لا يمنع وجود الحرارة واللذة ، وسواء كان في امرأة واحدة أو أكثر أجنبية ، أو لا ، مرة أو مرارا ، ولا يتعدد الدم إلا بتعدد المجلس إذا لم ينو بالثاني رفض الإحرام كما مر بيانه ، أفاده في البحر ( قوله في إحدى السبيلين ) السبيل يذكر ويؤنث أي القبل والدبر . قال في النهر : ثم هذا في الدبر أصح الروايتين ، وهو قولهما ( قوله من آدمي ) فلا يفسد بوطء البهيمة مطلقا لقصوره بحر أي سواء أنزل أو لا ، وقد ألحقوا التي لا تشتهى بالبهيمة كما مر في الصوم فيقتضي عدم الفساد بوطء الميتة والصغيرة التي لا تشتهى رملي ونحوه في شرح اللباب ( قوله ولو ناسيا ) شمل التعميم العبد ، لكن يلزمه الهدي وقضاء الحج بعد العتق سوى حجة الإسلام ، وكل ما يجب فيه المال يؤاخذ به بعد عتقه ، بخلاف ما فيه الصوم فإنه يؤاخذ به للحال ، ولا يجوز إطعام المولى عنه إلا في الإحصار فإن المولى يبعث عنه ليحل هو ، فإذا عتق فعليه حجة وعمرة بحر ( قوله أو مكرها ) ولا رجوع له على المكره كما ذكره الإسبيجابي ، وحكى في الفتح خلافا في رجوع المرأة بالدم إذا أكرهها الزوج ، ولم أر قولا في رجوعها بمؤنة حجها بحر ( قوله أو صبيا ) يؤيده أن المفسد للصلاة والصوم لا فرق فيه بين المكلف وغيره فكذلك الحج ، وما في الفتح من أنه لا يفسد حجه ضعيف بحر ونهر ( قوله لكن لا دم ولا قضاء عليه ) أي على الصبي أو المجنون ، وأفرد الضمير لمكان أو ، وكذا لا مضي عليهما في إحرامهما لعدم تكليفهما شرح اللباب ( قوله قبل وقوف فرض ) بالإضافة البيانية : أي وقوف هو فرض أو بدونها مع التنوين فيهما على الوصفية : أي وقوف مفروض ، والمراد بالفرضية الركنية فشمل حج النفل ، وخرج وقوف المزدلفة إذا جامع قبله فإنه لا يفسد الحج لكن فيه بدنة ( قوله يفسد حجه ) أي ينقصه نقصانا فاحشا ولم يبطله كما في [ ص: 559 ] المضمرات قهستاني . قال صاحب اللباب بعد نقله عنه : وهو قيد حسن يزيل بعض الإشكالات .

قال القاري : قلت : من جملتها المضي في الأفعال ، لكن في عدم الإبطال أيضا نوع إشكال وهو القضاء إلا أنه يمكن دفعه بأنه ليؤدى على وجه الكمال . ا هـ .

أقول : حاصله أنه ليس المراد بالفساد هنا البطلان بمعنى عدم وجود حقيقة الفعل الشرعية كالصلاة بلا طهارة بل المراد به الخلل الفاحش الموجب لعدم الاعتداء بفعله ولوجوب القضاء ليخرج عن العهدة ، فالحقيقة الشرعية موجودة ناقصة نقصانا أخرجها عن الإجزاء ، ولهذا صرح في الفتح عن المبسوط بأنه بإفساد الإحرام لم يصر خارجا عنه قبل الإعمال ا هـ ولو كان باطلا من كل وجه لكان خارجا عنه ، ولما كان يلزمه موجب ما يرتكبه بعد ذلك من المحظورات .

وذكر في اللباب وغيره أنه لو أهل بحجة أخرى ينوي قبل أدائها فهي هي ، ونيته لغو لا تصح ما لم يفرغ من الفاسدة ، وبهذا ظهر أن قول بعض معاصري صاحب البحر أن الحج إذا فسد لم يفسد الإحرام معناه لم يبطل بالمعنى الذي ذكرنا ، فلا يرد ما أورده عليه من تصريحهم بفساده . ثم إن هذا يفيد الفرق بين الفساد والبطلان في الحج بخلاف سائر العبادات فهو مستثنى من قولهم لا فرق بينهما في العبادات بخلاف المعاملات ، ويؤيده أنه صرح في اللباب في فصل محرمات الإحرام بأن مفسده الجماع قبل الوقوف ومبطله الردة ، والله تعالى أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية