صفحة جزء
( خرج ) المكلف ( إلى الحج ومات في الطريق وأوصى بالحج عنه ) إنما تجب الوصية به إذا أخره بعد وجوبه ، أما لو حج من عامه فلا ( فإن فسر المال ) أو المكان . [ ص: 605 ] ( فالأمر عليه ) أي على ما فسره ( وإلا فيحج ) عنه ( من بلده ) قياسا لا استحسانا فليحفظ ، فلو أحج الوصي عنه من غيره لم يصح ( إن وفى به ) أي بالحج من بلده ( ثلثه ) وإن لم يف فمن حيث يبلغ استحسانا ، ولوصي الميت ووارثه أن يسترد المال من المأمور ما لم يحرم ، ثم إن رده لخيانة منه فنفقة الرجوع في ماله وإلا ففي مال الميت


( قوله خرج المكلف إلخ ) أما إذا لم يخرج وأوصى بأن يحج عنه وأطلق : أي لم يعين مالا ولا مكانا فإنه يحج عنه من ثلث ماله من بلده إن بلغ الثلث لأن الواجب عليه الحج من بلده الذي يسكنه وإلا فمن حيث يبلغ ، وإن لم يمكن من مكان بطلت الوصية كما في اللباب . قال شارحه : ولعل المكان مقيد بما قبل المواقيت وإلا فبأدنى شيء يمكن أن يحج عنه من مكة ، وكذا الحكم إذا أوصى أن يحج عنه بمال وسمى مبلغه فإنه إن كان يبلغ من بلده فمنها وإلا فمن حيث يبلغ . ا هـ . واحترز بالمكلف عن غيره كالصبي والمجنون فإن وصيته لا تعتبر . واحترز بقوله إلى الحج عما لو خرج للتجارة ونحوها وأوصى فإنه يحج عنه من وطنه إجماعا كما في المعراج وغيره ، وقيد بخروجه بنفسه لأنه لو أمر غيره ومات المأمور في الطريق فسيذكر تفصيله بعد ( قوله ومات في الطريق ) أراد به موته قبل الوقوف بعرفة ولو كان بمكة بحر . وفي التجنيس : إذا مات بعد الوقوف بعرفة أجزأ عن الميت لأن الحج عرفة بالنص وقدمنا عند الكلام على فرض الحج أن الحاج عن نفسه إذا أوصى بإتمام الحج تجب بدنة ( قوله إنما تجب الوصية به إلخ ) كذا [ ص: 605 ] في التجنيس .

قال الكمال : وهو قيد حسن شرنبلالية ( قوله فالأمر عليه ) أي الشأن مبني على ما فسره أي عينه ، فإن فسر المال يحج عنه من حيث يبلغ ، وإن فسر المكان يحج عنه منه ح . قلت : والظاهر أنه يجب عليه أن يوصي بما يبلغ من بلده إن كان في الثلث سعة ، فلو أوصى بما دون ذلك أو عين مكانا دون بلده يأثم لما علمت أن الواجب عليه الحج من بلد يسكنه ( قوله من بلده ) فلو كان له أوطان فمن أقربها إلى مكة ، وإن لم يكن له وطن فمن حيث مات ; ولو أوصى خراساني بمكة أو مكي بالري يحج عنهما من وطنهما ، ولو أوصى المكي أي الذي مات بالري أن يقرن عنه من الري لباب : أي لأنه لا قران لمن بمكة .

مطلب العمل على القياس دون الاستحسان هنا ( قوله قياسا لا استحسانا ) الأول قول الإمام والثاني قولهما ، وأخر دليله في الهداية فيحتمل أنه مختار له ، لأن المأخوذ به في عامة الصور الاستحسان عناية ، وقواه في المعراج ، لكن المتون على الأول ، وذكر تصحيحه العلامة قاسم في كتاب الوصايا فهو مما قدم فيه القياس على الاستحسان ، وإليه أشار بقوله فليحفظ ( قوله فلو أحج الوصي عنه من غيره ) أي من غير بلده فيما إذا وجب الإحجاج من بلده لم يصح ويضمن ويكون الحج له ويحج عن الميت ثانيا لأنه خالف إلا أن يكون ذلك المكان قريبا من بلده بحيث يبلغ إليه ويرجع إلى الوطن قبل الليل كما في اللباب والبحر ( قوله ثلثه ) أي ثلث مال الموصي ، فإن بلغ الثلث الإحجاج راكبا فأحج ماشيا لم يجز ، وإن لم يبلغ إلا ماشيا من بلده قال محمد يحج عنه من حيث بلغ راكبا . وعن الإمام أنه يخير بينهما . وأما إن كان الثلث يكفي لأكثر من حجة ، فإن عين الميت حجة واحدة فالفاضل للورثة ، وإن أطلق أحج عنه في كل سنة حجة واحدة أو أحج في سنة حججا وهو الأفضل تعجيلا لتنفيذ الوصية لأنه ربما يهلك المال ، وإن عين الميت في كل سنة حجة فهو كالإطلاق ; كما لو أمر الوصي رجلا بالحج السنة فأخره إلي القابلة جاز عن الميت ولا يضمن ، لأن ذكر السنة للاستعجال لا للتقييد بحر .

قلت : ومثل الثلث ما لو قال أحجوا عني بألف والألف يبلغ حججا كما في اللباب وشرحه ( قوله وإن لم يف فمن حيث يبلغ ) لكن لو أحج عنه من حيث يبلغ وفضل من الثلث وتبين أنه يبلغ من موضع أبعد منه يضمن الوصي ويحج عن الميت من حيث يبلغ إلا أن يكون الفاضل شيئا يسيرا من زاد أو كسوة فلا يضمن شرح اللباب ، ونقله في الفتح عن البدائع ( قوله ووارثه ) الأولى العطف بأو كما فعل في اللباب لأنه لو كان وصي فلا كلام للوارث في الوصية ، نعم لو كان الميت هو الذي دفع للمأمور ثم مات كان للوارث استرداد ما في يد المأمور وإن أحرم كما سيأتي في الفروع : أي ولو مع وجود الوصي لأن الباقي صار ميراثا لكون الميت لم يوص به ( قوله ما لم يحرم ) فلو أحرم ليس له الاسترداد ، والمحرم يمضي في إحرامه وبعد فراغه من الحج ليس له استرداده حتى يرجع إلى أهله ، وإن أحرم حين أراد الأخذ فله أن يأخذه ويكون إحرامه تطوعا عن الميت شرح اللباب عن خزانة الأكمل ( قوله وإلا ) يعني بأن رده لعلة غير الخيانة كضعف رأي فيه أو جهل بالمناسك ، أما لو بلا علة أصلا فالنفقة في مال الدافع . قال في البحر : إن استرد بخيانة ظهرت منه : أي من المأمور فالنفقة [ ص: 606 ] في ماله خاصة ، وإن استرد لا بخيانة ولا تهمة فالنفقة على الوصي في ماله خاصة ، وإن استرد لضعف رأي فيه أو لجهله بأمور المناسك فأراد الدفع إلى أصلح منه فنفقته في مال الميت لأنه استرد لمنفعة الميت ا هـ أفاده ح

التالي السابق


الخدمات العلمية