صفحة جزء
( و ) حرم ( نكاح ) المولى ( أمته [ ص: 44 ] و ) العبد ( سيدته ) ; لأن المملوكية تنافي المالكية ، نعم لو فعله المولى احتياطا كان حسنا ، [ ص: 45 ] وفيه ما لا يخفى في عدم عدها خامسة ، ونحوه من عدم الاحتياط .


( قوله : وحرم نكاح المولى أمته إلخ ) [ ص: 44 ] أي ولو ملك بعضها وكذا المرأة لو لم تملك سوى سهم واحد منه فتح . زاد في الجوهرة : وكذا إذا ملك أحدهما صاحبه أو بعضها فسد النكاح ، وأما المأذون والمدبر إذا اشتريا زوجتهما لم يفسد النكاح لأنهما لا يملكانهما بالعقد ; وكذا المكاتب لأنه لا يملكها بالعقد ، وإنما يثبت له فيها حق الملك ، وكذا قال أبو حنيفة فيمن اشترى زوجته ، وهو فيها بالخيار لم يفسد نكاحها على أصله أن خيار المشتري لا يدخل المبيع في ملكه . ا هـ .

( قوله : ; لأن المملوكية إلخ ) علة المسألتين . قال في الفتح : لأن النكاح ما شرع إلا مثمرا ثمرات في الملك بين المتناكحين ، منها : ما تختص هي بملكه كالنفقة والسكنى والقسم والمنع من العزل إلا بإذن ، ومنها : ما يختص هو بملكه كوجوب التمكين ، والقرار في المنزل والتحصن عن غيره ، ومنها : ما يكون الملك في كل منها مشتركا كالاستمتاع مجامعة ، ومباشرة والولد في حق الإضافة ، والمملوكية تنافي المالكية فقد نافت لازم عقد النكاح ، ومنافي اللازم مناف للملزوم وبه سقط ما قيل يجوز كونها مملوكة من وجه الرق مالكة من وجه النكاح ; لأن الفرض أن لازم النكاح ملك كل واحد لما ذكرنا على الخلوص ، والرق يمنعه ( قوله : نعم لو فعله إلخ ) يشير إلى أن المراد بالحرمة في قوله وحرم مطلق المنع لا خصوص ما يتبادر منها من المنع على وجه يترتب عليه الإثم ، وإلا امتنع فعل الحرام للتنزه عن أمر موهوم في تزويج السيد أمته أو المراد بها نفي وجود العقد الشرعي المثمر لثمراته كما يشير إليه ما مر عن الفتح ، وهذا معنى ما في الجوهرة ، وكذا في البحر عن المضمرات : المراد به في أحكام النكاح من ثبوت المهر في ذمة المولى وبقاء النكاح بعد الإعتاق ، ووقوع الطلاق عليها وغير ذلك . أما إذا تزوجها متنزها عن وطئها حراما على سبيل الاحتمال فهو حسن ; لاحتمال أن تكون حرة أو معتقة الغير أو محلوفا عليها بعتقها ، وقد حنث الحالف وكثيرا ما يقع لا سيما إذا تداولتها الأيدي . ا هـ .

مطلب مهم في وطء السراري اللاتي يؤخذن غنيمة في زماننا . قلت : ولا سيما السراري اللاتي يؤخذن غنيمة في زماننا للتيقن بعدم قسمة الغنيمة ، فيبقى فيهن حق أصحاب الخمس وبقية الغانمين ، وما ذكره الشارح في الجهاد عن المفتي أبي السعود من أنه في زمانه وقع من السلطان التنفيل العام فبعد إعطاء الخمس لا تبقى شبهة في حل وطئهن . ا هـ .

فهو غير مفيد أما أولا فلأن التنفيل العام غير صحيح سواء شرط فيه السلطان أخذ الخمس أو لا ; لأن فيه إبطال السهام المقدرة كما نص على ذلك الإمام السرخسي في شرح السير الكبير ، وأما ثانيا : فلأن تنفيل سلطان زمانه ولا يبقى إلى زماننا ، وأما ثالثا فلأنه نفى الشبهة بإعطاء الخمس . ومن المعلوم في زماننا أن كل من وصلت يده من العسكر إلى شيء يأخذه ولا يعطي خمسه ، فينبغي أن يكون العقد واجبا إذا علم أنها مأخوذة من الغنيمة ، ولذا قال بعض الشافعية إن وطء السراري اللاتي يجلبن اليوم من الروم والهند والترك حرام . وأما قوله : في الأشباه بعد نقله ذلك عنه في قاعدة الأصل في الأبضاع التحريم أن هذا ورع لا حكم لازم فإن الجارية المجهولة الحال المرجع فيها إلى صاحب اليد إن كانت صغيرة ، وإلى إقرارها إن كانت كبيرة ، وإن علم حالها فلا إشكال . ا هـ . فهذا إنما هو في غير ما علم أنها أخذت من الغنيمة ، أما ما علم فيها ذلك ففيها ما ذكرناه لكن قد يقال إنه يحتمل أن يكون باعها الإمام أو أحد من العسكر وأجاز الإمام بيعه ، أما بدون ذلك فقد نص في شرح السير الكبير على بيع الغازي سهمه قبل القسمة باطل كإعتاقه لكن العقد عليها لا يرفع الشبهة ; لأنها إذا كانت غنيمة تكون مشتركة بين الغانمين وأصحاب الخمس فلا يصح تزويجها نفسها ، بل الرافع للشبهة شراؤها من وكيل بيت المال أو التصدق بها على فقير ثم شراؤها منه ، وسيأتي إن شاء الله تعالى تمام تحرير [ ص: 45 ] هذه المسألة في الجهاد .

( قوله : وفيه إلخ ) هذا مأخوذ من الشرنبلالي ، وقوله : ونحوه أي كعدم القسم لها وعدم إيقاع الطلاق عليها ، وعدم ثبوت نسب ولدها بلا دعوى ، لكن لا يخفى أن الاحتياط في العقد عليها إنما هو عند احتمال عدم صحة الملك احتمالا قويا ليقع الوطء حلالا بلا شبهة ، ولا يلزم من العقد عليها لذلك أن لا يعدها على نفسه خامسة ونحوه ، بل نقول ينبغي له الاحتياط في ذلك أيضا .

التالي السابق


الخدمات العلمية