صفحة جزء
( و ) أما في العجم فتعتبر ( حرية وإسلاما ) فمسلم بنفسه أو معتق غير كفء لمن أبوها مسلم أو حر أو معتق وأمها حرة الأصل ومن أبوه مسلم أو حر غير كفء لذات أبوين ( وأبوان فيهما كالآباء ) لتمام النسب [ ص: 88 ] بالجد ، وفي الفتح ولا يبعد مكافأة مسلم بنفسه لمعتق بنفسه وأما معتق الوضيع ، فلا يكافئ معتقة الشريف . وأما مرتد أسلم فكفء لمن لم يرتد ، وأما الكفاءة بين الذميين فلا تعتبر إلا لفتنة


( قوله وأما في العجم ) المراد بهم من لم ينتسب إلى إحدى قبائل العرب ، ويسمون الموالي والعتقاء كما مر وعامة أهل الأمصار والقرى في زماننا منهم ، سواء تكلموا بالعربية أو غيرها إلا من كان له منهم نسب معروف كالمنتسبين إلى أحد الخلفاء الأربعة أو إلى الأنصار ونحوهم ( قوله فتعتبر حرية وإسلاما ) أفاد أن الإسلام لا يكون معتبرا في حق العرب كما اتفق عليه أبو حنيفة وصاحباه لأنهم لا يتفاخرون به ، وإنما يتفاخرون بالنسب فعربي له أب كافر يكون كفؤا لعربية لها آباء في الإسلام ، وأما الحرية فهي لازمة للعرب لأنه لا يجوز استرقاقهم ، نعم الإسلام معتبر في العرب بالنظر إلى نفس الزوج لا إلى أبيه وجده ، فعلى هذا فالنسب معتبر في العرب فقط وإسلام الأب والجد في العجم فقط والحرية في العرب والعجم وكذا إسلام نفس الزوج هذا حاصل ما في البحر ( قوله لمن أبوها مسلم ) راجع إلى قوله مسلم بنفسه ح ( قوله أو حر أو معتق ) كل منهما راجع لقوله أو معتق ح ( قوله وأمها حرة الأصل ) لأن الزوج المعتق فيه أثر الرق وهو الولاء والمرأة لما كانت أمها حرة الأصل ، كانت هي حرة الأصل بحر عن التجنيس ، أما لو كانت أمها رقيقة فهي تبع لأمها في الرق فيكون المعتق كفؤا لها بخلاف ما لو كانت أمها معتقة لأن لها أبا في الحرية لقوله في البحر والحرية نظير الإسلام أفاده ط ( قوله لذات أبوين ) أي في الإسلام والحرية ط ( قوله وأبوان فيهما كالآباء ) أي فمن له أب وجد في الإسلام أو الحرية كفء لمن له آباء [ ص: 88 ]

قال في فتح القدير : وألحق أبو يوسف الواحد بالمثنى كما هو مذهبه في التعريف أي في الشهادات والدعوى قيل كان أبو يوسف إنما قال ذلك في موضع لا يعد كفر الجد عيبا بعد أن كان الأب مسلما وهما قالاه في موضع يعد عيبا ، والدليل على ذلك أنهم قالوا جميعا إن ذلك ليس عيبا في حق العرب لأنهم لا يعيرون في ذلك ، هذا حسن وبه ينتفي الخلاف ا هـ وتبعه في النهر ( قوله ولا يبعد إلخ ) ظاهره أنه قاله تفقها ، وقد رأيته في الذخيرة ونصه ذكر ابن سماعة في الرجل يسلم والمرأة معتقة أنه كفء لها . ا هـ .

ووجهه : أنه إذا أسلم وهو حر وعتقت وهي مسلمة يكون فيه أثر الكفر وفيها أثر الرق وهما منقصان وفيه شرف حرية الأصل وفيها شرف إسلام الأصل وهما مكملان فتساويا بقي ما لو كان بالعكس بأن أسلمت المرأة وعتق الرجل فالظاهر أن الحكم كذلك بشرط أن لا يكون إسلامه طارئا وإلا ففيه أثر الكفر ، وأثر الرق معا فلا يكون كفؤا لمن فيها أثر الكفر فقط تأمل ( قوله وأما معتق الوضيع إلخ ) عزاه في البحر إلى المجتبي ومثله في البدائع قال حتى لا يكون مولى العرب كفؤا لمولاة بني هاشم حتى لو زوجت مولاة بني هاشم نفسها من مولى العرب كان لمعتقها حق الاعتراض ، لأن الولاء بمنزلة النسب قال النبي صلى الله عليه وسلم { الولاء لحمة كلحمة النسب } " ا هـ ومثله في الذخيرة وذكر الشارح في كتاب الولاء الكفاءة تعتبر في ولاء العتاقة فمعتقة التاجر كفء لمعتق العطار دون الدباغ ا هـ ويشكل عليه ما ذكره في البدائع أيضا قبل ما قدمناه ، حيث قال : وموالي العرب أكفاء لموالي قريش لعموم قوله صلى الله عليه وسلم { والموالي بعضهم أكفاء لبعض } ا هـ فتأمل .

[ تنبيه ] مولى الموالاة لا يكافئ مولاة العتاقة قال في الذخيرة : روى المعلى عن أبي يوسف أن من أسلم على يدي إنسان لا يكون كفؤا لموالي العتاقة وفي شرح الطحاوي : معتقة أشرف القوم تكون كفؤا للموالي لأن لها شرف الولاء وللموالي شرف إسلام الآباء . ا هـ . ( قوله وأما مرتد أسلم إلخ ) نقله في البحر عن القنية ، وسكت عليه وكأنه محمول على مرتد لم يطل زمن ردته ولذا لم يقيده باللحاق بدار الحرب لأن المرتد في دار الإسلام يقتل إن لم يسلم ، أما من ارتد وطال زمن ردته حتى اشتهر بذلك ولحق أولا ثم أسلم فينبغي أن لا يكون كفؤا لمن لم ترتد فإن العار الذي يلحقها بهذا أعظم من العار بكافر أصلي أسلم بنفسه فليتأمل ( قوله إلا لفتنة ) أي لدفعها قال في الفتح عن الأصل إلا أن يكون نسبا مشهورا كبنت ملك من ملوكهم خدعها حائك أو سائس فإنه يفرق بينهم لا لعدم الكفاءة بل لتسكين الفتنة والقاضي مأمور بتسكينها بينهم كما بين المسلمين . ا هـ .

التالي السابق


الخدمات العلمية