صفحة جزء
[ ص: 95 ] ( أمره بتزويج امرأة فزوجه أمة جاز وقالا : لا يصح ) وهو استحسان ملتقى تبعا للهداية وفي شرح الطحاوي قولهما أحسن للفتوى واختاره أبو الليث ، وأقره المصنف وأجمعوا أنه لو زوجه بنته الصغيرة أو موليته لم يجز كما لو أمره بمعينة أو بحرة أو أمة ، فخالف أو أمرته بتزويجها ولم تعين فزوجها غير كفء لم يجز اتفاقا [ ص: 96 ] ( ولو ) زوجه المأمور بنكاح امرأة ( امرأتين في عقد واحد لا ) ينفذ للمخالفة وله أن يجيزهما أو إحداهما ولو في عقدين لزم الأول وتوقف الثاني ; ولو أمره بامرأتين في عقدة فزوجه واحدة أو ثنتين في عقدتان جاز إلا إذا قال : لا تزوجني إلا امرأتين في عقدة أو في عقدتين لم تجز المخالفة


[ ص: 95 ] مطلب في الوكيل والفضولي في النكاح

( قوله أمره بتزويج إلخ ) شروع في بعض مسائل الوكيل والفضولي وذكرها في باب الولي لأن الوكالة نوع من الولاية لنفاذ تصرفه على الموكل ونفاذ عقد الفضولي بالإجازة يجعله في حكم الوكيل ، وعقد ذلك في الكنز وغيره فصلا على حدة .

واعلم أنه لا تشترط الشهادة على الوكالة بالنكاح بل على عقد الوكيل ، وإنما ينبغي أن يشهد على الوكالة إذا خيف جحد الموكل إياها فتح ( قوله بتزويج امرأة ) أي منكرة ويأتي محترزه وأطلق في الأمة فشمل المكاتبة وأم الولد بشرط أن لا تكون للوكيل للتهمة ، وما لو كانت عمياء أو مقطوعة اليدين أو مفلوجة أو مجنونة خلافا لهما أو صغيرة لا تجامع اتفاقا ، وقيل على الخلاف فتح زاد في البحر : أو كتابية أو من حلف بطلاقها أو آلى منها أو في عدة الموكل أو بغبن فاحش بنفي المهر ( قوله جاز ) في بعض النسخ نفذ وهي أنسب لأن الكلام في النفاذ لا في الجواز ح ( قوله وقالا لا يصح ) أي إذا رده الآمر والأولى التعبير بلا ينفذ ليفيد أنه موقوف . ووجه قول الإمام أن هذا رجوع إلى إطلاق اللفظ ، وعدم التهمة ووجه قولهما إن المطلق ينصرف إلى المتعارف وهو التزوج بالإكفاء ، وجوابه أن العرف مشترك في تزوج المكافئات وغيرهن وتمامه في الفتح ( قوله وهو استحسان ) قال في الهداية : وذكر في الوكالة أن اعتبار الكفاءة في هذا استحسان عندهما لأن كل أحد لا يعجز عن التزوج بمطلق الزوجة فكانت الاستعانة في التزوج بالكفء ا هـ قال في الفتح : وفيه إشارة إلى اختيار قولهما لأن الاستحسان مقدم على غيره إلا في المسائل المعلومة والحق أن قول الإمام ليس قياسا لأنه أخذ بنفس اللفظ المنصوص فكان النظر في أي الاستحسانين أولى . ا هـ .

والمراد باللفظ المنصوص لفظ الموكل ( قوله بنته الصغيرة ) فلو كبيرة برضاها لا يجوز عنده خلافا لهما ولو زوجه أخته الكبيرة برضاها جاز اتفاقا بحر ومثله في الذخيرة ( قوله أو موليته ) بتشديد الياء كمرمية اسم مفعول أي التي هي مولى عليها من جهته أي له عليها الولاية وهذا عطف عام على خاص ، وذلك كبنت أخيه الصغيرة ( قوله كما لو أمره بمعينة ) محترز قول المتن امرأة بالتنكير ، ومثله ما لو عين المهر كألف فزوجه بأكثر فإن دخل بها غير عالم فهو على خياره ، فإن فارقها فلها الأقل من المسمى ، ومهر المثل ولو هي الموكلة وسمت له ألفا فزوجها ثم قال الزوج ولو بعد الدخول : تزوجتك بدينار وصدقه الوكيل إن أقر الزوج أنها لم توكل بدينار فهي بالخيار ، فإن ردت فلها مهر المثل بالغا ما بلغ ، ولا نفقة عدة لها بالرد تبين أن الدخول حصل في نكاح موقوف فيوجب مهر المثل دون نفقة العدة ، وإن كذبها الزوج فالقول لها مع يمينها ، فإن ردت فباقي الجواب بحاله ويجب الاحتياط في هذا ، فإنه ربما يحصل لها منه أولاد ثم تنكر قدر ما زوجها به الوكيل ، ويكون القول قولها فترد النكاح فتح ملخصا قال في البزازية : وهذا إن ذكر المهر وإن لم يذكر فزوجه بأكثر من مهر المثل بما لا يتغابن فيه الناس أو زوجها بأقل منه كذلك صح عنده خلافا لهما لكن للأولياء حق الاعتراض في جانب المرأة دفعا للعار عنهم . ا هـ .

وانظر ما قدمناه في باب الولي ( قوله لم يجز اتفاقا ) لأن الكفاءة معتبرة في حقها فلو كان كفؤا إلا أنه أعمى أو مقعد أو صبي أو معتوه ، فهو جائز وكذا لو كان خصيا أو عنينا ، وإن كان لها التفريق بعد ذلك بحر ثم قال : ولو زوجها من [ ص: 96 ] أبيه أو ابنه لم يجز عنده وفي كل موضع لا ينفذ فعل الوكيل فالعقد موقوف على إجازة الموكل وحكم الرسول كحكم الوكيل في جميع ما ذكرناه وتوكيل المرأة المتزوجة بالتزويج إذا طلقت وانقضت عدتها صحيح كتوكيله أن يزوجه المتزوجة . فطلقت وحلت فزوجها فإنه صحيح ( قوله بنكاح امرأة ) نكرها دلالة على أنه لو عينها فزوجها مع أخرى ، لا يكون مخالفا بل ينفذ عليه في المعينة وفي الخانية وكله بأن يزوجه فلانة أو فلانة فأيهما زوجه جاز ولا يبطل التوكيل بهذه الجهالة نهر ( قوله للمخالفة ) تعليل قاصر وعبارة الهداية لأنه لا وجه إلى تنفيذهما للمخالفة ولا إلى التنفيذ في إحداهما غير عين للجهالة ولا إلى التعيين لعدم الأولوية ، فتعين التفريق ا هـ ( قوله وله أن يجيزهما أو إحداهما ) اعتراض الزيلعي بهذا على قول الهداية فتعين التفريق ، وأجاب في البحر بأن مراده عند عدم الإجازة فإن أجاز نكاحهما أو إحداهما نفذ .

( قوله وتوقف الثاني ) لأنه فضولي فيه ط ( قوله إلا إذا قال إلخ ) في غاية البيان أمره بامرأتين في عقدة ، فزوجه واحدة جاز إلا إذا قال لا تزوجني إلا امرأتين في عقدة فلا يجوز ا هـ أي لا يجوز أن يزوجه واحدة فلو زوجه ثنتين في عقدتين فالظاهر عدم الجواز لأن قوله في عقدة داخل تحت الحصر وهو المفهوم من كلام الشارح .

وفي المحيط أمره بامرأتين في عقدة فزوجهما في عقدتين جاز وفي لا تزوجني امرأتين إلا في عقدتين فزوجهما في عقدة لا يجوز . والفرق أنه في الأول أثبت الوكالة حالة الجمع ، ولم ينفها حالة التفرد نصا ، بل سكت والتنصيص على الجمع لا ينفي ما عداه وفي الثاني نفاها حالة التفرد والنفي مفيد لما في الجمع من تعجيل مقصوده فلم يصر وكيلا حالة الانفراد ا هـ والظاهر أن في صورة النفي هذه لو زوجه امرأة يصح ، ولا يتوقف على تزويج الثانية في عقد آخر ، وكذا في صورة النفي في كلام الشارح ، وهي لا تزوجني إلا امرأتين في عقدتين وهو خلاف المفهوم من كلامه فتأمل

التالي السابق


الخدمات العلمية