صفحة جزء
[ فرع ] البعد بين البئر والبالوعة بقدر ما لا يظهر للنجس أثر ( ويعتبر سؤر بمسئر ) اسم فاعل من أسأر : أي أبقى لاختلاطه بلعابه ( فسؤر آدمي مطلقا ) ولو جنبا أو كافرا أو امرأة ، نعم يكره سؤرها للرجل كعكسه للاستلذاذ واستعمال ريق الغير ، وهو لا يجوز مجتبى .


( قوله البعد إلخ ) اختلف في مقدار البعد المانع من وصول نجاسة البالوعة إلى البئر ، ففي رواية خمسة أذرع ، وفي رواية سبعة . وقال الحلواني : المعتبر الطعم أو اللون أو الريح ، فإن لم يتغير جاز وإلا لا ولو كان عشرة أذرع .

وفي الخلاصة والخانية : والتعويل عليه وصححه في المحيط بحر .

والحاصل أنه يختلف بحسب رخاوة الأرض وصلابتها ، ومن قدره اعتبر حال أرضه . [ ص: 222 ]

مطلب في السؤر ( قوله ويعتبر سؤر بمسئر ) لما فرغ من بيان فساد الماء وعدمه باعتبار وقوع نفس الحيوانات فيه ذكرها باعتبار ما يتولد منها . والسؤر بالضم مهموز العين : بقية الماء التي يبقيها الشارب في الإناء أو في الحوض ثم استعير لبقية الطعام وغيره ، والجمع الأسآر والفعل أسأر : أي أبقى مما شرب بحر وغيره ، وظاهر القاموس أن السؤر حقيقة في مطلق البقية ، والمعنى أن السؤر يعتبر بلحم مسئره طاهرا فسؤره طاهرا ، أو نجسا فنجس ، أو مكروها فمكروه ، أو مشكوكا فمشكوك ابن ملك ( قوله اسم الفاعل من أسأر ) أي مسئر اسم فاعل قياسي ، مأخوذ من مصدر أسأر أو سأر كمنع ، واسم فاعلهما السماعي سآر كسحار ، والقياسي جائز كما في القاموس ( قوله لاختلاطه بلعابه ) علة ليعتبر : أي ولعابه متولد من لحمه ، فاعتبر به طهارة ونجاسة وكراهة وشكا منح . ا هـ ط ( قوله ولو جنبا إلخ ) بيان للإطلاق .

فإن قيل ينبغي أن يتنجس سؤره على القول بنجاسة المستعمل لسقوط الفرض بهذا الشرب على الراجح . قلنا المستعمل هو المشروب لا ما بقي ، ولو سلم فلا يستعمل للحرج كإدخال اليد في الحب لكوز ، وتمامه في البحر ( قوله أو كافرا ) ; لأنه عليه الصلاة والسلام أنزل بعض المشركين في المسجد على ما في الصحيحين ، فالمراد بقوله تعالى { إنما المشركون نجس } النجاسة في اعتقادهم بحر ، ولا يشكل نزح البئر به لو أخرج حيا ; لأن ذلك لما عليه في الغالب من النجاسة الحقيقية أو الحكمية كما قدمناه ( قوله أو امرأة ) أي ولو حائضا أو نفساء ، لما روى مسلم وغيره عن { عائشة رضي الله عنها قالت كنت أشرب وأنا حائض فأناوله النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع في } بحر ( قوله نعم يكره سؤرها إلخ ) أي في الشرب لا في الطهارة بحر . قال الرملي : ويجب تقييده بغير الزوجة والمحارم . ا هـ .

وأورد بعضهم على قول البحر لا في الطهارة ما مر في الوضوء من أنه يكره التوضؤ بفضل ماء المرأة ، والمراد به السؤر . أقول : المراد به الماء الذي توضأت به في خلوتها كما أوضحناه فيما مر ، فتدبر ( قوله للاستلذاذ ) قال شيخنا : ويستفاد منه كراهة الحلاق الأمرد إذا وجد المحلوق رأسه من اللذة ما يزيد على ما لو كان ملتحيا . ا هـ . فكراهة التكبيس وغمز الرجلين واليدين من الأمرد في الحمام بالأولى ط ( قوله واستعمال ريق الغير ) اعترضه أبو السعود بأنه يشمل سؤر الرجل لرجل والمرأة للمرأة فالظاهر الاقتصار على التعليل الأول كما فعل في النهر . ا هـ أي ; لأنه صلى الله عليه وسلم كان يشرب ويعطي الإناء لمن عن يمينه ويقول " الأيمن فالأيمن " نعم عبر في المنح بالأجنبية ، وفيه نظر أيضا . والذي يظهر أن العلة الاستلذاذ فقط ، ويفهم منه أنه حيث لا استلذاذ لا كراهة ولا سيما إذا كان يعافه ( قوله مجتبى ) أي قبيل كتاب الوصايا ، وكان المناسب ذكره قبل التعليل لأني لم أره في المجتبى .

التالي السابق


الخدمات العلمية