صفحة جزء
: لو حرك [ ص: 238 ] رأسه أو أدخله في موضع الغبار بنية التيمم جاز والشرط وجود الفعل منه ( ولو جنبا أو حائضا ) طهرت لعادتها ( أو نفساء بمطهر [ ص: 239 ] من جنس الأرض وإن لم يكن عليه نقع ) أي غبار ، فلو لم يدخل بين أصابعه لم يحتج إلى ضربة ثالثة للتخلل . وعن محمد يحتاج إليها ، نعم لو يمم غيره يضرب ثلاثا للوجه واليمنى واليسرى قهستاني ( وبه مطلقا ) عجز عن التراب أو لا ; لأنه تراب رقيق .


( قوله طهرت لعادتها ) اعلم أنه قال في الظهيرية : وكما يجوز التيمم للجنب لصلاة الجنازة والعيد فكذلك يجوز للحائض إذا طهرت من الحيض إذا كان أيام حيضها عشرا ، وإن كان أقل فلا . ا هـ .

وقال في البحر : والذي يظهر أن هذا التفصيل غير صحيح ، بدليل ما اتفقوا عليه من أنه إذا انقطع لأقل من عشرة فتيممت لعدم الماء وصلت جاز للزوج وطؤها إلخ .

وأجاب في النهر بحمل ما في الظهيرية على ما إذا انقطع لأقل من عادتها ، لما سيأتي في الحيض من أنه حينئذ لا يحل قربانها وإن اغتسلت فضلا عن التيمم . ا هـ .

أقول : لا يخفى أن قول الظهيرية إذا كان أيام حيضها عشرا ظاهر في أن ذلك عادتها ، فهذا الحمل بعيد ، ثم ظهر لي بتوفيق الله تعالى أن كلام الظهيرية صحيح لا إشكال فيه .

وبيان ذلك أن التيمم لخوف فوت صلاة الجنازة أو العيد يصح مع وجود الماء ; لأنها تفوت لا إلى خلف كما يأتي ، وهذا في المحدث ظاهر ، وكذا في الجنب .

وأما الحائض فإذا طهرت لتمام العشرة فقد خرجت من الحيض ولم يبق معها سوى الجنابة فهي كالجنب . وأما إذا انقطع دمها لدون العشرة فلا تخرج من الحيض ما لم يحكم عليها بأحكام الطاهرات ، بأن تصير الصلاة دينا في ذمتها أو تغتسل أو تتيمم بشرطه كما سيأتي في بابه ، وقولهم أو تتيمم بشرطه أرادوا به التيمم الكامل المبيح لصلاة الفرائض ، وهو ما يكون عند العجز عن استعمال الماء .

وأما التيمم لصلاة الجنازة أو عيد خيف فوتها فغير كامل ; لأنه يكون مع حضور الماء ، لهذا لا تصح صلاة الفرض به ولا صلاة جنازة حضرت بعده ، فعلمنا بذلك أنها لو تيممت لذلك لم تخرج من الحيض ; لأن ذلك التيمم غير كامل . ولا يصح ذلك التيمم لقيام المنافي بعد وهو الحيض وعدم وجود شرطه وهو فقد الماء ، نعم لو تيممت لذلك مع فقد الماء حكم عليها بالطهارة وجازت صلاتها به من الفرائض وغيرها ; لأنه تيمم كامل ; ومراد الظهيرية التيمم الناقص ، وهو ما يكون مع وجود الماء ، فالتفصيل الذي ذكره في الحائض صحيح لا غبار عليه ، كأنه في البحر ظن أن مراده التيمم الكامل وليس كذلك كما لا يخفى .

بقي الكلام في عبارة الشارح ، فقوله طهرت لعادتها في غير محله ; لأن قول المصنف ولو جنبا أو حائضا مفروض في التيمم الكامل الذي يكون عند فقد الماء والحائض يصح تيممها عند فقد الماء إذا طهرت لتمام العشرة أو لدونها ، ويجب عليها أن تغتسل أو تتيمم عند فقد الماء سواء انقطع لتمام عادتها أو لدون عادتها كما سيأتي في بابه ، ويأتي فيه أنه إذا انقطع لتمام العادة يحل لزوجها قربانها كما لو انقطع لتمام العشرة ، وإن لدون عادتها لا يحل له قربانها ، فالتقييد بالعادة في كلام الشارح إنما يفيد بالنظر إلى القربان فقط ، فكان الواجب إسقاطه لإيهامه أنه لو كان لدون العادة لا يصح تيممها مع أنه يجب عليها إذا فقدت الماء لوجود الصلاة عليها كما علمت . والذي أوقعه عبارة النهر المبنية على ما فهمه صاحب النهر من كلام الظهيرية فافهم ( قوله بمطهر ) متعلق بتيمم ، ويجوز أن يتعلق بمستوعبا ، وجعله العيني صفة لضربتين فهو متعلق بمحذوف : أي ملتصقتين بمطهر نهر . [ ص: 239 ]

قلت : والأخير أولى ، لئلا يلزم تعلق حرفي جر بمعنى واحد بمتعلق واحد ، إلا أن نجعل الباء في بضربتين للتعدية وفي بمطهر للملابسة أو بالعكس تأمل . وتعبيره بمطهر أولى من تعبيرهم بطاهر ، لإخراج الأرض المتنجسة إذا جفت كما قدمه الشارح .

وأما إذا تيمم جماعة من محل واحد فيجوز كما سيأتي في الفروع ; لأنه لم يصر مستعملا ، إذ التيمم إنما يتأدى بما التزق بيده لا بما فضل كالماء الفاضل في الإناء بعد وضوء الأول ، وإذا كان على حجر أملس فيجوز بالأولى نهر ( قوله من جنس الأرض ) الفارق بين جنس الأرض وغيره أن كل ما يحترق بالنار فيصير رمادا كالشجر والحشيش أو ينطبع ويلين كالحديد والصفر والذهب والزجاج ونحوها فليس من جنس الأرض ابن كمال عن التحفة ( قوله نقع ) بفتح فسكون كما قال تعالى { فأثرن به نقعا } ( قوله لم يحتج إلخ ) أي بل يخلل من غير ضربة ، وليس المراد أنه لا يخلل أصلا ; لأن الاستيعاب من تمام الحقيقة . قال الزيلعي : ويجب تخليل الأصابع إذا لم يدخل بينها غبار . وفي الهندية : والصحيح أنه لا يمسح الكف وضربها يكفي . أفاده ط .

أقول : والظاهر أن ما تحت الخاتم الواسع إن أصابه الغبار لا يلزم تحريكه وإلا لزم كالتخليل المذكور ( قوله وعن محمد يحتاج إليها ) ; لأن عنده لا يجوز التيمم بلا غبار فحيث لم يدخل بين الأصابع لا بد منها على قوله ( قوله وهو ) أي الغير ( قوله يضرب ثلاثا ) أي لكل واحد من الأعضاء ضربة ، وهذا نقله القهستاني عن العماني وهو كتاب غريب ، والمشهور في الكتب المتداولة الإطلاق ، وهو الموافق للحديث الشريف { التيمم ضربتان } إلا أن يكون المراد إذا مسح يد المريض بكلتا يديه ، فحينئذ لا شبهة في أنه يحتاج إلى ضربة ثالثة يمسح بها يده الأخرى ( قوله وبه مطلقا ) أي ويتيمم بالنقع مطلقا خلافا لأبي يوسف ; فعنده لا يتيمم به إلا عند العجز بحر ، ولا يجوز عنده إلا التراب والرمل نهر ، وما في الحاوي القدسي من أنه هو المختار غريب مخالف لما اعتمده أصحاب المتون رملي .

التالي السابق


الخدمات العلمية