صفحة جزء
[ ص: 494 ] باب العنين وغيره ( هو ) لغة من لا يقدر على الجماع فعيل بمعنى مفعول جمعه عنن . وشرعا ( من لا يقدر على جماع فرج زوجته ) يعني لمانع منه ككبر سن ، أو سحر ، إذ الرتقاء لا خيار لها للمانع منها خانية . ( إذا وجدت ) المرأة ( زوجها مجبوبا ) ، أو مقطوع الذكر فقط أو صغيره جدا كالزر ، ولو قصيرا لا يمكنه إدخاله داخل الفرج فليس لها الفرقة بحر ، وفيه نظر . [ ص: 495 ] وفيه : المجبوب كالعنين إلا في مسألتين ; التأجيل ، ومجيء الولد ( فرق ) الحاكم بطلبها لو حرة بالغة غير رتقاء وقرناء وغير عالمة بحاله قبل النكاح وغير راضية به بعده ( بينهما في الحال ) ولو المجبوب صغيرا لعدم فائدة التأجيل .


[ ص: 494 ] باب العنين وغيره :

شروع في بيان من به مرض له تعلق بالنكاح ( قوله : وغيره ) الأولى ونحوه من كل من لا يقدر على جماع زوجته : كالمجبوب ، والخصي ، والمسحور ، والشيخ الكبير ، والشكاز - كشداد بشين معجمة وزاي - : من إذا حدث المرأة أنزل قبل أن يخالطها قاموس ( قوله : على الجماع ) أي جماع زوجته ، أو غيرها ، فهو أعم من المعنى الشرعي الآتي ( قوله : فعيل بمعنى مفعول ) هذا مبني على أنه من عن بمعنى حبس لا من عن بمعنى أعرض . قال في المصباح قال الأزهري : وسمي عنينا لأن ذكره يعن بقبل المرأة عن يمين وشمال أي يعترض إذا أراد إيلاجه . والعنة : بالضم حظيرة للإبل والخيل ، فقول الفقهاء لو عن عن امرأة يخرج على المعنى الثاني دون الأول لأنه يقال عن عن الشيء يعن من باب ضرب بالبناء للفاعل : إذا أعرض عنه وانصرف ، ويجوز أن يقرأ بالبناء للمفعول . ا هـ . وذكر أيضا أن قول الفقهاء " به عنة " - وفي كلام الجوهري ما يشبهه - كلام ساقط . والمشهور رجل عنين بين التعنين والعنينة ( قوله : جمعه عنن ) بضم أوله وثانيه أفاده ط ( قوله : على جماع فرج زوجته ) - أي مع وجود الآلة سواء كانت تقوم أو لا - أخرج الدبر فلا يخرج عن العنة بالإدخال فيه خلافا لابن عقيل من الحنابلة معراج لأن الإدخال فيه وإن كان أشد ، لكنه قد يكون ممنوعا عن الإدخال في الفرج لسحر . وأخرج أيضا ما لو قدر على جماع غيرها دونها ، أو على الثيب دون البكر . وفي المعراج : إذا أولج الحشفة فقط فليس بعنين وإن كان مقطوعها فلا بد من إيلاج بقية الذكر . قال في البحر : وينبغي الاكتفاء بقدرها من مقطوعها ، ولم أر حكم ما إذا قطعت ذكره ، وإطلاق المجبوب يشمله ، لكن قولهم لو رضيت به فلا خيار لها ينافيه ، وله نظيران :

أحدهما لو خرب المستأجر الدار .

الثاني لو أتلف البائع المبيع قبل القبض ا هـ أي فإنه ليس له فسخ الإجارة ولا الرجوع بالثمن ( قوله : لمانع منه ) أي فقط ; فخرج ما إذا كان المانع منها فقط ، أو منهما جميعا كما يأتي ط ( قوله : أو سحر ) قال في البحر : فهو عنين في حق من لا يصل إليها لفوات المقصود في حقها ، فإن السحر عندنا حق وجوده وتصوره وتكون أثره كما في المحيط ( قوله : إذ الرتقاء ) أي التي وجدت زوجها مجبوبا والقرناء مثلها كما يأتي ( قوله : مجبوبا ) في المصباح جببته جبا من باب قتل : قطعته وهو مجبوب بين الجباب - بالكسر - : إذا استؤصلت مذاكيره ا هـ فالمصدر هو الجب والاسم هو الجباب فافهم ، والمذاكير جمع ذكر والمراد بها الذكر والخصيتان تغليبا ( قوله : أو مقطوع الذكر فقط ) قال في النهر ولم يذكروه . والظاهر أنه يعطى هذا الحكم ا هـ وهذا لا شبهة فيه ( قوله : أو صغيره ) بهاء الضمير أي صغير الذكر ، وقوله : جدا أي نهاية ومبالغة مصباح ( قوله : كالزر ) بالزاي المكسورة واحد الأزرار ( قوله : وفيه نظر ) أشار إلى ما قاله الشرنبلالي في شرحه على الوهبانية .

أقول : إن هذا حاله دون حال العنين لإمكان زوال عنته فيصل إليها . وهو مستحيل هنا ، فحكمه حكم المجبوب [ ص: 495 ] بجامع أنه لا يمكنه إدخال آلته القصيرة داخل الفرج ، فالضرر الحاصل للمرأة به مساو لضرر المجبوب فلها طلب التفريق ; وبهذا ظهر أن انتفاء التفريق لا وجه له وهو من القنية فلا يسلم . ا هـ .

قلت : لكن لم ينفرد به صاحب القنية ، بل نقله في الفتح والبحر عن المحيط . والأحسن الجواب بأن المراد بداخل الفرج نهايته المعتاد الوصول إليها ، ولذا قال في البحر : وظاهره أنه إذا كان لا يمكنه إدخاله أصلا فإنه كالمجبوب لتقييده بالداخل . ا هـ . وقدمنا ما هو صريح في اشتراط إدخال الحشفة ( قوله : إلا في مسألتين ; التأجيل ، ومجيء الولد ) أي إن المجبوب لا يؤجل بل يفرق في الحال ، ولو ولدت امرأته بعد التفريق لا يبطل التفريق كما يأتي . وزاد في البحر مسألتين أيضا : أنه يفرق بلا انتظار بلوغه ، ولا انتظار صحته لو مريضا ( قوله : فرق الحاكم ) وهو طلاق بائن كفرقة العنين بحر عن الخانية ، ولها كل المهر ، وعليها العدة إن خلا بها عنده . وعندهما لها نصفه كما لو لم يخل بها بدائع ( قوله : بطلبها ) هو على التراخي كما يأتي بيانه ( قوله : لو حرة ) أما الأمة فالخيار لمولاها كما يأتي متنا ( قوله : بالغة ) فلو صغيرة انتظر بلوغها في المجبوب والعنين لاحتمال أن ترضى بهما بحر وغيره ، وأما العقل فغير شرط فيفرق بطلب ولي المجنونة أو من ينصبه القاضي كما في الفتح ويأتي ( قوله : غير رتقاء وقرناء ) أما هما فلا خيار لهما لتحقق المانع منهما كما مر ولأنه لا حق لهما في الجماع ، وفي البحر عن التتارخانية : لو اختلفا في كونها رتقاء يريها النساء ( قوله : وغير عالمة بحاله إلخ ) أما لو كانت عالمة فلا خيار لها على المذهب كما يأتي ، وكذا لو رضيت به بعد النكاح ( قوله : ولو المجبوب صغيرا ) قيد بالمجبوب لأن العنين لو كان صغيرا ينتظر بلوغه كما مر ، وشمل إطلاقه المجنون بالنون . ففي البحر عن الفتح : لو كان أحدهما مجنونا فإنه لا يؤخر إلى عقله في الجب والعنة لعدم الفائدة ويفرق بينهما في الحال في الجب وبعد التأجيل في العنين لأن الجنون لا يعدم الشهوة . ا هـ .

قال في النهر : ولو كان يجن ويفيق هل تنتظر إفاقته ؟ لم أر المسألة . والذي ينبغي أن يقال : إن كان هو الزوج لا ينتظر ، وفي الزوجة تنتظر لجواز رضاها به إذا هي أفاقت كما لو كانت غير بالغة . ا هـ . وصحح في البدائع أن المجنون لا يؤجل لأنه لا يملك الطلاق ، لكن في البحر عن المعراج : ويؤهل الصبي هنا للطلاق في مسألة الجب لأنه مستحق عليه كما يؤهل ليعتق القريب ، ومنهم من جعله فرقة بغير طلاق ، والأول أصح . ا هـ . [ تتمة ] :

لو اختلفا في كونه مجبوبا ، فإن كان لا يعرف بالمس من وراء الثياب أمر القاضي أمينا أن ينظر إلى عورته فيخبر بحاله لأنه يباح عند الضرورة خانية .

التالي السابق


الخدمات العلمية