صفحة جزء
( فلا يجوز ) بلؤلؤ ولو مسحوقا لتولده من حيوان البحر ، ولا بمرجان [ ص: 240 ] لشبهه بالنبات لكونه أشجارا نابتة في قعر البحر على ما حرره المصنف ، ولا ( بمنطبع ) كفضة وزجاج ( ومترمد ) بالاحتراق إلا رماد الحجر فيجوز كحجر مدقوق أو مغسول ، وحائط مطين أو مجصص ، وأوان من طين غير مدهونة ، وطين غير مغلوب بماء لكن ، لا ينبغي التيمم به قبل خوف فوات وقت لئلا يصير مثلة بلا ضرورة ( ومعادن ) في محالها فيجوز التراب عليها ، وقيده الإسبيجابي بأن يستبين أثر التراب بمد يده عليه ، وإن لم يستبن لم يجز ; وكذا [ ص: 241 ] كل ما لا يجوز التيمم عليه كحنطة وجوخة فليحفظ .


( قوله فلا يجوز بلؤلؤ إلخ ) تفريع على قوله من جنس الأرض ( قوله لتولده من حيوان البحر ) قال الشيخ داود الطبيب في تذكرته : أصله دود يخرج في نيسان فاتحا فمه للمطر حتى إذا سقط فيه انطبق وغاص حتى يبلغ آخره ( قوله ولا بمرجان إلخ ) كذا قال في الفتح ، وجزم في البحر والنهر بأنه سهو ، وأن الصواب الجواز به كما في عامة الكتب .

وقال المصنف في منحه : أقول : الظاهر أنه ليس بسهو لأنه إنما منع جواز التيمم به ، لما قام عنده من أنه ينعقد من الماء كاللؤلؤ ; فإن كان الأمر كذلك فلا خلاف في منع الجواز ، والقائل بالجواز إنما قال به لما قام عنده من أنه من جملة أجزاء الأرض ، فإن كان كذلك فلا كلام في الجواز .

والذي دل عليه كلام أهل الخبرة بالجواهر أن له شبهين : شبها بالنبات ، وشبها بالمعادن ، وبه أفصح ابن الجوزي فقال : إنه متوسط بين عالمي النبات والجماد ، فيشبه الجماد بتحجره ، ويشبه النبات بكونه أشجارا نابتا في قعر البحر ذوات عروق وأغصان خضر متشعبة قائمة . ا هـ . [ ص: 240 ]

أقول : وحاصلة الميل إلى ما قاله في الفتح لعدم تحقق كونه من أجزاء الأرض . ومال محشيه الرملي إلى ما في عامة الكتب من الجواز ، وكان وجهه أن كونه أشجارا في قعر البحر لا ينافي كونه من أجزاء الأرض لأن الأشجار التي لا يجوز التيمم عليها هي التي تترمد بالنار ، وهذا حجر كباقي الأحجار يخرج في البحر على صورة الأشجار ، فلهذا جزموا في عامة الكتب بالجواز فيتعين المصير إليه .

وأما في الفتح فينبغي حمله على معنى آخر ، وهو ما قاله في القاموس من أن المرجان صغار اللؤلؤ ، ثم رأيته منقولا عن العلامة المقدسي فقال : مراده صغار اللؤلؤ كما فسر به في الآية في سورة الرحمن ، وهو غير ما أرادوه في عامة الكتب . ا هـ . وبه ظهر أن قول الشارح لشبهه للنبات إلخ في غير محله ، بل العلة على ما حررناه تولده من حيوان البحر ، وأما ما يخرج في قعر البحر فيجوز ، وإن أشبه النبات ، فاغتنم هذا التحرير .

( قوله ولا بمنطبع ) هو ما يقطع ويلين كالحديد منح ( قوله وزجاج ) أي المتخذ من الرمل وغيره بحر ( قوله ومترمد ) أي ما يحترق بالنار فتصير رمادا بحر ( قوله إلا رماد الحجر ) كجص وكلس ( قوله كحجر ) تنظير لا تمثيل ( قوله أو مغسول ) مبالغة في عدم اشتراط التراب ( قوله غير مدهونة ) أو مدهونة بصبغ هو من جنس الأرض كما يستفاد من البحر كالمدهونة بالطفل والمغرة ط ( قوله غير مغلوب بماء ) أما إذا صار مغلوبا بالماء فلا يجوز التيمم به بحر ، بل يتوضأ به حيث كان رقيقا سيالا يجري على العضو رملي ، وسيذكر أن المساوي كالمغلوب ( قوله لكن لا ينبغي إلخ ) هذا ما حرره الرملي وصاحب النهر من عبارة الولوالجية ، خلافا لما فهمه منها في البحر من عدم الجواز قبل خوف خروج الوقت ، وظاهره أنه أراد به عدم الصحة .

وحاصل ما في الولوالجية أنه إذا لم يجد إلا الطين لطخ ثوبه منه فإذا جف تيمم به ، وإن ذهب الوقت قبل أن يجف لا يتيمم به عند أبي يوسف لأن عنده لا يجوز إلا بالتراب أو الرمل . وعند أبي حنيفة إن خاف ذهاب الوقت تيمم به ; لأن التيمم بالطين عنده جائز وإلا فلا ، كي لا يتلطخ بوجهه فيصير مثلة . ا هـ وبه يظهر معنى ما ذكره الشارح ( قوله ومعادن ) جمع معدن كمجلس : منبت الجواهر من ذهب ونحوه قاموس ( قوله في محالها ) أي ما دامت في الأرض لم يصنع منها شيء ، وبعد السبك لا يجوز زيلعي ( قوله فيجوز إلخ ) أي إذا كانت الغلبة للتراب كما في الحلية عن المحيط ، ولعل من أطلق بناه على أنها ما دامت في محالها تكون مغلوبة بالتراب ، بخلاف ما إذا أخذت للسبك ; لأن العادة إخراج التراب منها فافهم . وأفاد أن ذات المعدن لا يجوز التيمم به ، قال في البحر ; لأنه ليس بتبع للماء وحده حتى يقوم مقامه ولا للتراب كذلك ، وإنما هو مركب من العناصر الأربعة فليس له اختصاص بشيء منها حتى يقوم مقامه ( قوله وقيده الإسبيجابي إلخ ) كذا في النهر ، وظاهره أن الضمير راجع إلى التيمم بالمعادن ، لكن إذا كانت مغلوبة بالتراب لا يحتاج إلى هذا القيد . وعبارة الإسبيجابي كما في البحر : ولو أن الحنطة أو الشيء الذي لا يجوز عليه التيمم إذا كان عليه التراب فضرب يده عليه وتيمم ينظر ، إن كان يستبين أثره بمده عليه جاز وإلا فلا ( قوله وكذا إلخ ) قال في البحر بعد عبارة الإسبيجابي التي ذكرناها : وبهذا يعلم [ ص: 241 ] حكم التيمم على جوخة أو بساط عليه غبار فالظاهر عدم الجواز لقلة وجود هذا الشرط في نحو الجوخة فليتنبه له . ا هـ . وقال محشيه الرملي : بل الظاهر التفصيل ، إن استبان أثره جاز وإلا فلا لوجود الشرط خصوصا في ثياب ذوي الأشغال . ا هـ وهو حسن فلذا جزم به الشارح .

وفي التتارخانية : وصورة التيمم بالغبار أن يضرب بيديه ثوبا أو نحوه من الأعيان الطاهرة التي عليها غبار ، فإذا وقع الغبار على يديه تيمم أو ينفض ثوبه حتى يرتفع غباره فيرفع يديه في الغبار في الهواء ، فإذا وقع الغبار على يديه تيمم . ا هـ .

قلت : وقيد بالأعيان الطاهرة لما في التتارخانية أيضا إذا تيمم بغبار الثوب النجس لا يجوز إلا إذا وقع الغبار بعدما جف الثوب .

التالي السابق


الخدمات العلمية