صفحة جزء
( و ) يثبت نسب ولد ( المعتدة ) بموت ، أو طلاق ( إن جحدت ولادتها [ ص: 545 ] بحجة تامة ) واكتفيا بالقابلة ، قيل : وبرجل ( أو حبل ظاهر ) وهل تكفي الشهادة بكونه كان ظاهرا ؟ في البحر بحثا نعم ( أو إقرار ) الزوج ( به ) بالحبل ، ولو أنكر تعيينه تكفي شهادة القابلة إجماعا كما تكفي في معتدة رجعي ولدت لأكثر من سنتين . [ ص: 546 ] لا لأقل ( أو تصديق ) بعض ( الورثة ) فيثبت في حق المقرين ( و ) إنما ( يثبت النسب في حق غيره ) حتى الناس كافة ( إن تم نصاب الشهادة بهم ) بأن شهد مع المقر رجل آخر ، وكذا لو صدق المقر عليه الورثة وهم من أهل التصديق فيثبت النسب ولا ينفع الرجوع ( وإلا ) يتم نصابها ( لا ) يشارك المكذبين ، وهل يشترط لفظ الشهادة ومجلس الحكم ؟ الأصح لا ، نظرا لشبه الإقرار ، وشرطوا العدد نظرا لشبه الشهادة . ونقل المصنف عن الزيلعي ما يفيد اشتراط العدالة ، ثم قال : فقول شيخنا وينبغي أن لا تشترط العدالة مما لا ينبغي .

قلت : وفيه أنه كيف تشترط العدالة في المقر ، اللهم إلا أن يقال لأجل السراية فتأمل ، وليراجع .


( قوله : بموت ، أو طلاق ) أي بائن ، أو رجعي وبه صرح فخر الإسلام ، وعليه جرى قاضي خان ، وقيده السرخسي بالبائن .

قال في البحر : والحق أنها في الرجعي ، إن جاءت به لأكثر من سنتين احتيج إلى الشهادة كالبائن وإن لأقل يثبت نسبه بشهادة القابلة اتفاقا لقيام الفراش نهر . وعليه جرى الشارح كما يأتي في قوله كما تكفي في معتدة رجعي إلخ . فيحمل الطلاق هنا على البائن ليوافق كلامه الآتي فافهم . ( قوله : إن جحدت ) بالبناء للمجهول ، والفاعل [ ص: 545 ] الورثة في الموت ، والزوج في الطلاق ح . ( قوله : بحجة تامة ) متعلق بيثبت : أي بشهادة رجلين ، أو رجل وامرأتين .

ويصور فيما إذا دخلت المرأة بحضرتهم بيتا يعلمون أنه ليس فيه غيرها ثم خرجت مع الولد فيعلمون أنها ولدته ، وفيما إذا لم يتعمدوا النظر بل وقع اتفاقا ، وبه يندفع ما أورد من أن شهادة الرجال تستلزم فسقهم فلا تقبل فتح و نهر . ( قوله : واكتفيا بالقابلة ) أي إذا كانت حرة مسلمة عدلة كما في النسفي . ( قوله : قيل : وبرجل ) أي على قولهما ، وعبر بقيل تبعا للفتح وغيره إشارة إلى ضعفه ، لكن قال في الجوهرة : وفي الخلاصة يقبل على أصح الأقاويل ، كذا في المستصفى . ا هـ . ولعل وجهه أن شهادة الرجل أقوى من شهادة المرأتين . ( قوله : أو حبل ظاهر ) ظهوره بأن تأتي به لأقل من ستة أشهر كما في السراج . وقال الشيخ قاسم : المراد بظهوره أن تكون أمارات حملها بالغة مبلغا يوجب غلبة الظن بكونها حاملا لكل من شاهدها ا هـ شرنبلالية . ومشى في النهر على الثاني حيث قال : أو حبل ظاهر يعرفه كل أحد ا هـ وهذا يفيد أن الحبل قد يثبت بدون ولادة ، وهذا مؤيد لما قدمناه في باب الرجعة . ( قوله : وهل تكفي الشهادة ) أي إذا ولدت وجحد الزوج الولادة بظهور الحبل لأن الحبل وقت المنازعة لم يكن موجودا حتى يكفي ظهوره بحر . وحاصله أنه قبل الولادة إذا كان ظاهرا يعرفه كل أحد فلا حاجة إلى إثباته ، وأما بعد الولادة فبحث في البحر أنه تكفي الشهادة على أنه كان ظاهرا ، وهو ظاهر فافهم . ( قوله : ولو أنكر تعيينه إلخ ) ببناء " أنكر " للمجهول فيشمل إنكار الزوج وإنكار الورثة . ا هـ . ح يعني لو اعترف بولادتها وأنكر تعيينا لولد يثبت تعيينه بشهادة القابلة إجماعا ، ولا يثبت بدونها إجماعا لاحتمال أن يكون غير هذا المعين بحر . [ تنبيه ]

لم يذكر ما إذا اعترف بالحبل ، أو كان ظاهرا ، أو كان الفراش قائما هل يحتاج في ثبوت النسب إلى شهادة القابلة لتعيين الولد أم لا ؟ ظاهر كلام المصنف كالكنز والهداية لا وبه صرح في البدائع ، وكذا في غاية السروجي وأنكر على صاحب ملتقى البحار اشتراطه ذلك عند أبي حنيفة ، لكن رده الزيلعي بأنه سهو وأنه لا بد منها لتعيين الولد إجماعا في جميع هذه الصور ، وأطال فيه وجزم به ابن كمال ، ومثله ما في الجوهرة من أنه لا بد من شهادة القابلة لجواز أن تكون ولدت ولدا ميتا وأرادت إلزامه ولد غيره ا هـ وهو صريح كلام الهداية آخرا ، وكذا كلام الكافي النسفي والاختيار والفتح وغيرهم ، وذكر في البحر توفيقا بين القولين . قال في النهر : إنه بعيد عن التحقيق . ورده أيضا المقدسي في شرحه . والحاصل كما في الزيلعي أن شهادة النساء لا تكون حجة في تعيين الولد إلا إذا تأيدت بمؤيد من ظهور حبل ، أو اعتراف منه ، أو فراش قائم نص عليه في ملتقى البحار وغيره ، وإنما الخلاف في ثبوت نفس الولادة بقولها : فعنده يثبت في الصور الثلاث . وعندهما لا يثبت إلا بشهادة القابلة ، فلو علق الطلاق بولادتها يقع عنده بقولها ولدت لاعترافه بالحبل ، أو لظهوره . وعندهما لا يقبل حتى تشهد القابلة ، ونص عليه في الإيضاح والنهاية وغيرها ا هـ ملخصا . ( قوله : كما تكفي إلخ ) تقييد لإطلاق قوله " أو طلاق " الشامل للرجعي والبائن ; لأن معتدة الرجعي إذا ولدت لأكثر من سنتين ولم تكن أقرت بانقضاء عدتها يكون ذلك رجعة أفاده ح أي رجعة بالوطء السابق فتكون قد ولدت والنكاح قائم ، فلا يتوقف ثبوت الولادة على الشهادة إذا أنكرها بل يكفي شهادة القابلة لقيام الفراش ، [ ص: 546 ] فيثبت النسب بالفراش ، وتعيين الولادة بشهادة القابلة كما ذكره الزيلعي في ولادة المنكوحة . ( قوله : لا لأقل ) أي لا تكفي شهادة القابلة على الولادة لأقل من سنتين لانقضاء عدتها ، فلم تبق زوجة ، والولادة لتمام السنتين كذلك كما لا يخفى ح . ( قوله : أو تصديق بعض الورثة ) المراد بالبعض من لا يتم به نصاب الشهادة وهو الواحد العدل ، أو الأكثر مع عدم العدالة كما يظهر من مقابله ح .

وصورة المسألة لو ادعت معتدة الوفاة الولادة فصدقها الورثة ولم يشهد بها أحد فهو ابن الميت في قولهم جميعا لأن الإرث خالص حقهم فيقبل تصديقهم فيه فتح . ( قوله : فيثبت في حق المقرين ) الأولى في حق من أقر ليشمل الواحد ولأنهم لو كانوا جماعة ثبت في حق غيرهم أيضا ، إلا أن يحمل على ما إذا كانوا غير عدول أفاده ط . ( قوله : في حق غيرهم ) أي في حق من لم يصدق . ( قوله : حتى الناس كافة ) فإذا ادعى هذا الولد دينا للميت على رجل تسمع دعواه عليه بلا توقف على إثبات نسبه ثانيا . ( قوله : إن تم نصاب الشهادة بهم ) أي بالمقرين .

( قوله : بأن شهد مع المقر رجل آخر ) أفاد أنه لا يشترط في تمام نصاب الشهادة أن يكون كلهم ورثة ، لكن إذا كان أحد الشاهدين أجنبيا لا بد من شروط الشهادة من مجلس الحكم والخصومة ولفظ الشهادة ; إذ هم شهود محض ليسوا بمقرين بوجه رحمتي . ( قوله : وكذا لو صدق المقر عليه الورثة إلخ ) كذا في أغلب النسخ ، فالمقر اسم فاعل منصوب على أنه مفعول " صدق " ، وعليه متعلق ب صدق : أي على الإقرار ، و " الورثة " بالرفع فاعل " صدق " . وفي بعض النسخ : لو صدقه عليه الورثة . وفي بعضها : لو صدق المقر بقية الورثة إلخ ، وهما أحسن من النسخة الأولى . ( قوله : وهم من أهل التصديق ) المناسب : وهم من أهل الشهادة . قال في الفتح : أما في حق ثبوت النسب من الميت ليظهر في حق الناس كافة ، قالوا : إذا كان الورثة من أهل الشهادة بأن يكونوا ذكورا مع إناث وهم عدول ثبت لقيام الحجة ، فيشارك المقرين منهم والمنكرين ، ويطالب غريم الميت بدينه . ا هـ . ( قوله : وإلا يتم نصابها ) بأن كان المصدق رجلا وامرأة مثلا ، وكذا لو كانا رجلين غير عدلين كما يظهر من عبارة الفتح المذكورة ومما يأتي . ( قوله : لا يشارك المكذبين ) المناسب لعبارة المصنف أن يقول لا يثبت النسب فلا يشارك المكذبين . ( قوله : الأصح لا ) هذا إذا كان الشهود ورثة ، فلو فيهم غير وارث لا بد من لفظ الشهادة ومجلس الحكم والخصومة لعدم شبهة الإقرار في حقه كما تقدم رحمتي ، والمراد ما إذا لم يتم النصاب من الورثة ، إذ لو تم بهم لم ينظر إلى شهادة غيرهم . ( قوله : نظرا لشبه الإقرار ) علله في الفتح بعلة أخرى ، وهي أن الثبوت في حق غيرهم تبع للثبوت في حقهم ، ولا يراعى للتبع شرائطه إلا إذا ثبت أصالة . وعلى هذا فلو لم يكونوا من أهل الشهادة لا يثبت النسب إلا في حق المقرين منهم . ا هـ . ( قوله : عن الزيلعي ) حيث قال : ويثبت في حق غيرهم أيضا إذا كانوا ا من أهل الشهادة ، بأن كان فيهم رجلان عدلان أو رجل وامرأتان عدول فيشارك المصدقين والمكذبين . ا هـ . ومثله قول الفتح المار وهم عدول ، وتعبيره بأهلية الشهادة . ( قوله : فقول شيخنا ) الشيخ زين بن نجيم صاحب البحر . ( قوله : إلا أن يقال لأجل السراية ) أي لأجل سراية ثبوت النسب .

[ ص: 547 ] إلى غير المقر ، وهذا الجواب ظاهر لا يحتاج إلى التأمل والمراجعة ح .

التالي السابق


الخدمات العلمية