صفحة جزء
( ولا تقدر الحاضنة على إبطال حق الصغير فيها ) حتى لو اختلعت على أن تترك ولدها عند التزوج صح الخلع . [ ص: 560 ] وبطل الشرط لأنه حق الولد ، فليس لها أن تبطله بالشرط ; ولو لم يوجد غيرها أجبرت بلا خلاف فتح ، وهذا يعم ما لو وجد وامتنع من القبول بحر ، وحينئذ فلا أجرة لها جوهرة .


( قوله : ولا تقدر الحاضنة إلخ ) اختلف في الحضانة ، هل هي حق الحاضنة ، أو حق الولد ؟ فقيل بالأول فلا تجبر إذا امتنعت ورجحه غير واحد .

[ ص: 560 ] وعليه الفتوى . وقيل بالثاني فتجبر ، واختاره الفقهاء الثلاثة أبو الليث والهندواني وخواهر زاده ، وأيده في الفتح بما في كافي الحاكم الشهيد الذي هو جمع كلام محمد من مسألة الخلع المذكورة . قال : فأفاد : أي كلام الحاكم أن قول الفقهاء جواب ظاهر الرواية . قال في البحر : فالترجيح قد اختلف ، والأولى الإفتاء بقول الفقهاء الثلاثة ، لكن قيده في الظهيرية بأن لا يكون للصغير ذو رحم محرم ، حينئذ تجبر الأم كي لا يضيع الولد ; أما لو امتنعت الأم وكان له جدة رضيت بإمساكه دفع إليها لأن الحضانة كانت حقا للأم فصح إسقاطها حقها ، وعزي هذا التفصيل للفقهاء الثلاثة . وعلله في المحيط بأنها لما أسقطت حقها بقي حق الولد ، فصارت بمنزلة الميتة ، أو المتزوجة فتكون الجدة أولى ا هـ ما في البحر ملخصا

قلت : ويؤخذ من هذا التوفيق بين القولين ، وذلك أن ما في المحيط يدل على أن لكل من الحاضنة والمحضون حقا في الحضانة ، ومثله ما قدمناه عن المفتي أبي السعود ; فقول من قال " إنها حق الحاضنة فلا تجبر " محمول على ما إذا لم تتعين لها ، واقتصر على أنها حقها لأن المحضون حينئذ لا يضيع حقه لوجود من يحضنه غيرها ، ومن قال " إنها حق المحضون فتجبر " محمول على ما إذا تعينت واقتصر على أنها حقه لعدم من يحضنه غيرها . والدليل على ذلك أيضا ما مر عن الظهيرية حيث عزي إلى الفقهاء الثلاثة القائلين بالجبر أنها تجبر عندهم إذا لم يوجد غيرها لا إذا وجد .

وأما قوله : في النهر إن ما في الظهيرية ليس بظاهر لما في الفتح من أنه إذا لم يوجد غيرها أجبرت بلا خلاف ، ففيه نظر لأنه على ما علمت من التوفيق يرتفع الخلاف أصلا وإن كان حكاية القولين تفيد الخلاف فيما إذا وجد غيرها ، ولكن حيث أمكن التوفيق كان أولى ويكون الخلاف لفظيا ، وكم له من نظير ، فاغتنم هذا التحرير . ( قوله : لأنه ) أي الحضانة وذكر الضمير نظرا للخبر ط . ( قوله : أجبرت بلا خلاف ) ولو وجد غيرها لم تجبر بلا خلاف أيضا على ما ذكرناه من التوفيق . ( قوله : وهذا يعم إلخ ) أي قوله " ولو لم يوجد غيرها " يشمل عدم الوجود حقيقة وعدمه حكما ، بأن وجد غيرها وامتنع . وعبارة البحر هكذا : وظاهر كلامهم أن الأم إذا امتنعت وعرض على من دونها من الحاضنات فامتنعت أجبرت الأم لا من دونها . ( قوله : وحينئذ ) أي حين لم يوجد غيرها فلا أجرة لها لأنها قامت بأمر واجب عليها شرعا ط . وعبارة الجوهرة : إذا كان لا يوجد سواها تجبر على إرضاعه صيانة له عن الهلاك وعليه لا أجرة لها . ا هـ . فكلام الجوهرة في الرضاع وكأن الشارح قاس الحضانة عليه ، لكن الظاهر أن ما في الجوهرة بحث منه كما يشعر به قوله : وعليه لا أجرة لها .

ويخالفه ما في الهندية وغيرها : لو استؤجر له من ترضعه شهرا ثم مضى ولم يأخذ ثدي غيرها تجبر على إبقاء الإجارة ، فإن مقتضاه أنها تستحق الأجرة وإلا لقيل تجبر على الإرضاع مجانا . ورأيت بخط شيخ مشايخنا السائحاني قال البرجندي : تجبر الأم على الحضانة إذا لم يكن لها زوج ، والنفقة على الأب .

وفي المنصورية أن أم الصغيرة إذا امتنعت عن إمساكها ولا زوج للأم تجبر عليه وعليه الفتوى . وقال الفقيه أبو جعفر . تجبر وينفق عليها من مال الصغيرة ، وبه أخذ الفقيه أبو الليث ، فهذا نص في أن الأجرة تؤخذ مع [ ص: 561 ] الجبر ا هـ ويأتي بيان وجهه قريبا .

التالي السابق


الخدمات العلمية