صفحة جزء
( و ) تجب ( لخادمها المملوك ) لها على الظاهر ملكا تاما ولا شغل له غير خدمتها بالفعل " فلو لم يكن في ملكها أو لم يخدمها لا نفقة له ; لأن نفقة الخادم بإزاء الخدمة ، [ ص: 589 ] ولو جاءها بخادم لم يقبل منه إلا برضاها فلا يملك إخراج خادمها بل ما زاد عليه بحر بحثا ( لو ) حرة لا أمة جوهرة لعدم ملكها ( موسرا ) لا معسرا في الأصح والقول له في العسار ، ولو برهنا فبينتها أولى خانية ( ولو له أولاد لا يكفيه خادم واحد فرض عليه ) نفقة ( لخادمين أو أكثر اتفاقا ) فتح .

وعن الثاني : غنية زفت إليه بخدم كثير استحقت نفقة الجميع ذكره المصنف . ثم قال : وفي البحر عن الغاية وبه نأخذ . قال : وفي السراجية : ويفرض عليه نفقة خادمها ، وإن كانت من الأشراف فرض نفقة خادمين ، - [ ص: 590 ] وعليه الفتوى .


مطلب في نفقة خادم المرأة ( قوله وتجب لخادمها المملوك لها ) ; لأن كفايتها واجبة عليه وهذا من تمامها إذ لا بد منه هداية ، ويعلم منه أنها إذا مرضت وجب عليه إخدامها ولو كانت أمة ، وبه صرح الشافعية ، وهو مقتضى قواعد مذهبنا ; ولم أره صريحا وإن علم من كلامهم رملي . قلت : هذا ظاهر على خلاف الظاهر . ففي البحر : قيل هو أي الخادم كل من يخدمها حرا كان أو عبدا ملكا لها أو له أو لهما أو لغيرهما وظاهر الرواية عن أصحابنا الثلاثة كما في الذخيرة أنه مملوكها ، فلو لم يكن لها خادم لا يفرض عليه نفقة خادم ; لأنها بسبب الملك ، فإذا لم يكن في ملكها لا تلزمه نفقته . ا هـ . ثم قال : وبهذا علم أنه إذا لم يكن لها خادم مملوك لا يلزمه كراء غلام يخدمها ، لكن يلزمه أن يشتري لها ما تحتاجه من السوق كما صرح به في السراجية . ا هـ إلا أن يقال : هذا في غير المريضة ; لأنه إذا اشترى لها ما تحتاجه تستغني عنه ، بخلاف المريضة إذا لم تجد من يمرضها فيكون من تمام الكفاية الواجبة على الزوج . نعم إذا طلبته ليقوم عنها في الطبخ ونحوه ، فقد مر أنها إذا لم تفعل يأتيها بمن يكفيها ذلك إذا كانت ممن لا يخدم أو لا تقدر ، وكذا إذا كان لخدمة أولاده كما يأتي ( قوله على الظاهر ) أي ظاهر الرواية كما علمت ( قوله ملكا تاما ) احترز به عن الزوجة المكاتبة إذا كان لها مملوك فإن نفقته لا تجب على زوجها كما في المنح أخذا من تقييد الزيلعي وغيره بالحرة ، بقي لو كانت الزوجة حرة وكاتبت أمتها فالظاهر أن نفقتها على الزوج إن لم تشتغل عن خدمتها ; لأن التقييد بالحرة لا يلزم منه إخراج أمتها المكاتبة فافهم .

( قوله بالفعل ) ليس المراد أنه إنما يستحق النفقة في حال تلبسه بالخدمة دون ما قبل الشروع فيها أو بعد الفراغ منها إذ لا يتوهمه أحد ، وإنما المراد الاحتراز عما إذا لم يخدمها وإن كان لا شغل له غير خدمتها ولذا قال في الدر المنتقى : فلو لم يكن في ملكها أو كان له شغل غير خدمتها أو لم يكن له شغل لكن لم يخدمها فلا نفقة له . ا هـ فقد فرع على القيود الثلاثة . [ ص: 589 ] وفي البحر عن الذخيرة : نفقة الخادم إنما تجب عليه بإزاء الخدمة ، فإذا امتنعت عن الطبخ والخبز وأعمال البيت لم تجب ، بخلاف نفقة المرأة فإنها بمقابلة الاحتباس . ا هـ فافهم ( قوله ولو جاءها بخادم إلخ ) أي قاصدا إخراج خادمها من بيته فلا يملك ذلك في الصحيح خانية ; لأنها قد لا تتهيأ لها الخدمة بخادم الزوج ولوالجية . قال في النهر : وينبغي أن يقيد بما إذا لم يتضرر من خادمها أما إذا تضرر منه بأن كان يختلس من ثمن ما يشتريه كما هو دأب صغار العبيد في ديارنا ولم تستبدل به غيره وجاءها بخادم أمين فإنه لا يتوقف على رضاها . ا هـ وفيه أنه يمكن الزوج تعاطي الشراء بخادمة ; لأنه من الواجب عليه وليس ذلك من خدمتها الخاصة بها والكلام فيما يتعلق بها ط ، نعم لو كان خادمها يختلس أمتعة بيته يمكن أن يكون عذرا للزوج في إخراجه ( قوله بحر بحثا ) راجع لقوله بل ما زاد . وعبارته : وظاهره أي ظاهر قولهم لا يملك إخراج خادمها أنه يملك إخراج ما عدا خادم واحد من بيته ; لأنه زائد على قولهما . ا هـ . أما على قول أبي يوسف الآتي فلا .

( قوله لو حرة ) لا حاجة إليه بعد قول المتن المملوك كما صرح به المصنف في المنح أفاده ح وأشار إليه الشارح بقوله لعدم ملكها ( قوله موسرا ) منصوب على أنه خبر كان المقدرة بعد لو ، وعلى حل . الشارح صار منصوبا على الحالية من الزوج في قول المصنف أول الباب فتجب للزوجة على زوجها فإن قوله هنا ولخادمها معطوف على قوله للزوجة فافهم . قال في البحر : وفي غاية البيان : واليسار مقدر بنصاب حرمان الصدقة لا بنصاب وجوب الزكاة . ا هـ

وفي الذخيرة : ولا تقدر نفقة الخادم بالدراهم على ما ذكرنا في نفقة المرأة بل يفرض له ما يكفيه بالمعروف ولكن لا تبلغ نفقته نفقتها ; لأنه تبع لها فتنقص نفقته عنها في الإدام ، وما ذكره محمد في الكتاب من ثياب الخادم فهو بناء على عاداتهم وذلك يختلف في كل وقت ; فعلى القاضي اعتبار الكفاية فيما يفرض له في كل وقت ومكان . ا هـ ملخصا ( قوله في الأصح ) خلافا لما يقوله محمد من أنه يفرض لخادمها ولو كان الزوج معسرا ، وتمامه في الفتح والبحر ( قوله والقول له في العسار ) ; لأنه متمسك بالأصل منح " ولأنه منكر لسبب الوجوب . قال في البحر : إلا أن تقيم المرأة البينة ، ويشترط في هذا الخبر العدد والعدالة لا لفظ الشهادة . وفي القهستاني : العسار اسم من الإعسار أي الافتقار يستعمله بعض أهل العلم إلا أنه غير مسموع كما في الطلبة ، وقال المطرزي . إنه خطأ محض ، وكأنهم ارتكبوها لمزاوجة اليسار ( قوله لا يكفيه ) عبارة الفتح لا يكفيهم ( قوله فرض عليه لخادمين أو أكثر ) ظاهره أن الخدم لها أي لا يلزمه نفقة أكثر من خادم لها إلا إذا احتاجهم لأولاده ; لأنها لو لم يكن لها خدم واحتاج أولاده إلى أكثر من خادم يلزمه ; لأن ذلك من جملة نفقتهم كما لا يخفى ( قوله وعن الثاني ) أي أبي يوسف ، أشار إلى أن هذا رواية عن أبي يوسف ; لأن المنقول عنه في الهداية وغيرها أنه يفرض لخادمين لاحتياج أحدهما لمصالح الداخل والآخر لمصالح الخارج ( قوله زفت إليه ) أشار إلى أن المعتبر حالها في بيت أبيها لا حالها الطارئ عليها في بيت الزوج تأمل ، رملي ( قوله ثم قال وفي البحر إلخ ) عبارة البحر هكذا قال الطحاوي . [ ص: 590 ] وروى صاحب الإملاء عن أبي يوسف أن المرأة إذا كانت ممن يجل مقدارها عن خدمة خادم واحد أنفق على من لا بد لها منه من الخدم ممن هو أكثر من الخادم الواحد أو الاثنين أو أكثر من ذلك ، قال وبه نأخذ ، كذا في غاية البيان . وفي الظهيرية والولوالجية : المرأة إذا كانت من بنات الأشراف ولها خدم يجبر الزوج على نفقة خادمين ا هـ . فالحاصل أن المذهب الاقتصار على واحد مطلقا . والمأخوذ به عند المشايخ قول أبي يوسف . ا هـ .

التالي السابق


الخدمات العلمية