صفحة جزء
( يباع القن ) ويسعى مدبر ومكاتب لم يعجز ( المأذون في النكاح ) وبدونه يطالب بعد عتقه ( في نفقة زوجته ) - [ ص: 597 ] المفروضة ( إذا اجتمع عليه ما يعجز عن أدائه ولم يفده ) ذخيرة ولو بنت المولى ، لا أمته ولا نفقة ولده ولو زوجته حرة ، بل نفقته على أمه ولو مكاتبة لتبعيته للأم ولو مكاتبين سعى لأمه ونفقته على أبيه جوهرة ( مرة بعد أخرى ) أي لو اجتمع عليه نفقة أخرى بعد ما اشتراه من علم به أو لم يعلم ثم علم فرضي بيع ثانيا ، وكذا المشتري الثالث وهلم جرا ; لأنه دين حادث قاله الكمال وابن الكمال : فما في الدرر تبعا للصدر سهو . - [ ص: 598 ] ( وتسقط بموته وقتله ) في الأصح ( ويباع في دين غيرها ) مرة لعدم التجدد ، وسيجيء في المأذون أن للغرماء استسعاءه ومفاده أن لها استسعاءه ولو لنفقة كل يوم بحر ، قال : وهل يباع في كفنها ؟ ينبغي على قول الثاني المفتى به نعم كما يباع في كسوتها . .


مطلب في بيع العبد لنفقة زوجته ( قوله يباع القن ) أي يبيعه سيده ; لأنه دين تعلق في رقبته بإذن المولى فيؤمر ببيعه ، فإن امتنع باعه القاضي بحضرته كما قدمناه عن النهر في نكاح الرقيق . والقن عند الفقهاء من لا حرية فيه بوجه . وفي اللغة : من ملك هو وأبوه بحر ( قوله ويسعى مدبر ومكاتب ) لعدم صحة بيعهما ، ومثلهما ولد أم الولد ، وقوله في البحر والنهر وأم الولد فيه سقط ، ومعتق البعض عند الإمام بمنزلة المكاتب هندية عن المحيط ، ولو اختارت استسعاء القن دون بيعه ينبغي أن لها ذلك كما قالوا في المأذون المديون إذا اختار الغرماء استسعاءه بحر ، وأقره أخوه والمقدسي ( قوله لم يعجز ) أما لو عجز نفسه عاد إلى الرق فيجري عليه حكم القن ( قوله وبدونه إلخ ) يعني إذا تزوج القن أو المدبر ونحوه [ ص: 597 ] بلا إذن السيد يطالب بالنفقة بعد العتق : أي بالنفقة المستقبلة لا التي في حال رقه لعدم كونها زوجة وقته . قال في الفتاوى الهندية : فإن تزوج هؤلاء بغير إذن المولى فلا نفقة عليهم ولا مهر ، كذا في الكافي ، وإن أعتق واحد منهم جاز نكاحه حين عتق وعليه المهر والنفقة في المستقبل . ا هـ . ح ( قوله المفروضة ) كذا قيد به في النهر وعزاه إلى الفتح وغيره أي ; لأنها بدون الفرض تسقط بالمضي كنفقة زوجة الحر . والذي في الفتح فرضها بقضاء القاضي وهل بالتراضي كذلك لم أره ، وذكرت في باب نكاح الرقيق بحثا أنه ينبغي أن لا يصح فرضها بتراضيهما لحجر العبد عن التصرف ولاتهامه بقصد الزيادة لإضرار المولى تأمل .

( قوله إذا اجتمع عليه إلخ ) أفاد أنه لا يباع بالقدر اليسير كنفقة كل يوم وأنه لا يلزمها أن تصير إلى أن يجتمع لها من النفقة قدر قيمته ، لما في الأول من الإضرار بالمولى ، وما في الثاني من الإضرار بها ، أفاده في البحر . قلت : والظاهر أن الخيار للمولى ، إن شاء باعه جميعه أو باع منه بقدر مالها عليه ، ثم إذا تجمد لها عليه نفقة أخرى يباع من حصة كل من السيد والمشتري بقدر ما يخصه ; لأنه عبد مشترك لزمه دين فيغرم كل منهما بقدر ما يملكه وهكذا لو بيع منه لثالث ورابع تأمل . ( قوله ولم يفده ) فلو اختار المولى فداءه لا يباع ; لأن حقها في النفقة لا في رقبة العبد ( قوله ولو بنت المولى ) تعميم للزوجة ، فإن لها النفقة على عبد أبيها ; لأن البنت تستحق الدين على الأب فكذا على عبده بحر عن الذخيرة ( قوله لا أمته ) أي أمة مولاه أي لا يجب على العبد نفقة زوجته التي هي أمة مولاه ، سواء بوأها أو لا ; لأنهما جميعا ملك المولى ونفقة المملوك على المالك بحر ، وينظر ما لو كان مكاتبا للمولى ولعلها عليه شرنبلالية ( قوله ولا نفقة ولده إلخ ) ; لأنه إذا كانت زوجته حرة فأولادها أحرار تبعا لها ، ونفقتهم عليها لو قادرة وإلا فعلى الأقرب فالأقرب ممن يرثهم ; وإذا كانت مكاتبة فأولادها تبع لها في الكتابة فنفقتهم عليها .

وإذا كانت الزوجة قنة أو مدبرة أو أم ولد فأولادها تبع لها في الرق والتدبير والاستيلاد ، ونفقتهم على مولاهم ; لأنهم ملكه ، وهذا معنى قوله لتبعية الأم : أي لا تلزم العبد نفقة ولده سواء كانت زوجته حرة أو غيرها لتبعية الولد لأمه في الحرية لو حرة ، والكتابة لو مكاتبة ، والرق لو قنة ، والتدبير أو الاستيلاد لو مدبرة أو أم ولد فافهم ( قوله ولو مكاتبين إلخ ) في البحر عن كافي الحاكم وشرحه للنسفي وشرح الطحاوي والشامل ، وكذا في الفتح ، المكاتب لا تجب عليه نفقة ولده سواء كانت امرأته حرة أو أمة لهذا المعنى . وإذا كانت امرأة المكاتب مكاتبة وهما لمولى واحد فنفقة الولد على الأم ; لأن الولد تابع للأم في كتابتها ، ولهذا كان كسب الولد لها وأرش الجناية عليه لها وميراثه لها فكذلك النفقة تكون عليها .

ا هـ وبه ظهر أن الضمير في قوله سعى ، وكذا ما بعده عائد على الولد ; لأنه معنى كون كسبه لأمه ولا ضرورة لإرجاعه للزوج ; لأن الكلام في نفقة ولد المكاتب ، أما نفقة زوجته فعلم حكمها من قوله ومكاتب لم يعجز فافهم ، نعم قوله ونفقته على أبيه الظاهر أنه سبق قلم من صاحب الجوهرة ، لما علمت من صريح هذه الكتب المعتمدة من أن نفقته على أمه ونحوه في ح عن الذخيرة ( قوله ثم علم فرضي ) أما إذا لم يعلم المشتري بحاله أو علم بعد الشراء ولم يرض فله رده ; لأنه عيب اطلع عليه فتح ( قوله ; لأنه دين حادث ) أي عند المشتري ; لأن النفقة تتجدد شيئا فشيئا على حسب تجدد الزمان على وجه يظهر في حق السيد ، فهو في الحقيقة دين حادث عند المشتري فتح ( قوله فما في الدرر إلخ ) تفريع على قوله [ ص: 598 ] بعدما اشتراه ، وقوله ; لأنه دين حادث فإن معناه أنه إنما يباع ثانيا بما يجتمع عليه من النفقة عند المشتري لا بما بقي عليه من عند الأول ، كما إذا بيع فلم يف ثمنه بما عليه لا يباع ثانيا بما بقي بل بما يحدث عند الثاني ، ولهذا رد تبعا لغيره على ما في الدرر تبعا لصدر الشريعة ، حيث قالا : صورته عبد تزوج امرأة بإذن المولى ففرض القاضي النفقة عليه فاجتمع عليه ألف درهم فبيع بخمسمائة وهي قيمته والمشتري عالم أن عليه دين النفقة يباع مرة أخرى ، بخلاف ما إذا كان عليه ألف بسبب آخر فبيع بخمسمائة لا يباع مرة أخرى . ا هـ

وأجاب ح بأن قوله يباع مرة أخرى يحتمل أن يكون المراد به يباع فيما تجدد لا في الخمسمائة الباقية فالأحسن قول الشرنبلالية فيه تساهل ; لأنه يوهم أنه يباع فيما بقي عليه من الألف وليس كذلك ، بل فيما يتجدد عليه من النفقة عند المشتري كما هو منقول في المذهب ا هـ لكن قوله بخلاف إلخ يمنع من هذا التأويل كما لا يخفى ( قوله في الأصح ) وقيل لا تسقط بالقتل ; لأنه أخلف القيمة فتنتقل إليه كسائر الديون ، وليس بشيء ; لأن الدين إنما ينتقل إلى القيمة إذا كان دينا لا يسقط بالموت وهذا يسقط بالموت زيلعي ( قوله ويباع في دين غيرها ) بتنوين دين وجر غيرها على أنه صفة له أي غير النفقة كالمهر ، وما لزمه بتجارة بإذن أو بضمان متلف . قال ح : وفيه أنه لا يظهر فرق بين النفقة وغيرها فإن الدين الحادث في ملك مولى إذا بيع فيه لا يباع في بقيته عند مولى آخر نفقة كان أو غيرها . إلا أن يقال : إن سبب النفقة لما كان أمرا واحدا مستمرا يقال إنه بيع فيه مرارا عند موال متعددة بخلاف غيره ( قوله ومفاده أن لها استسعاءه ) لكونها من جملة الغرماء ولذا تحاصصهم ط ( قوله قال ) أي صاحب البحر ، وأقره أخوه والمقدسي ، وذكر الرملي أنه سئل عن ذلك فأجاب كذلك قبل وقوفه على ما في البحر . ا هـ . قلت : ورأيته مصرحا في الذخيرة عن أبي يوسف ( قوله على قول الثاني ) أي من أن مؤنة تجهيزها على الزوج وإن تركت مالا ; لأن الكفن كالكسوة حال الحياة .

التالي السابق


الخدمات العلمية