صفحة جزء
[ ص: 631 ] ( ولا نفقة ) بواجبة ( مع الاختلاف دينا إلا للزوجة والأصول والفروع ) علوا أو سفلوا ( الذميين ) لا الحربيين ولو مستأمنين لانقطاع الإرث ( يبيع الأب ) ; لأن له ولاية التصرف ( لا الأم ) ولا بقية أقاربه ولا القاضي إجماعا ( عرض ابنه ) الكبير الغائب لا الحاضر إجماعا ( لا عقاره ) فيبيع عقار صغير ومجنون اتفاقا للنفقة له ولزوجته وأطفاله كما في النهر بحثا . [ ص: 632 ] بقدر حاجته لا فوقها ( ولا في دين له سواها ) لمخالفة دين النفقة لسائر الديون ( ضمن ) قضاء لا ديانة ( مودع الابن ) كمديونه ( لو أنفق الوديعة على أبويه ) وزوجته وأطفاله ( بغير أمر ) مالك ( أو قاض ) إن كان وإلا فلا ضمان استحسانا كما لا رجوع ، وكما لو انحصر إرثه في المدفوع إليه ; لأنه وصل إليه عين حقه . .


( قوله مع الاختلاف دينا ) أي كالكفر والإسلام ، فلا يجب على أحدهما الإنفاق على الآخر . وفيه إشعار بأن نفقة السني على الموسر الشيعي كما أشير إليه في التكميل قهستاني ، والمراد الشيعي المفضل . بخلاف الساب القاذف فإنه مرتد يقتل إن ثبت عليه ذلك ، فإن لم يقتل تساهلا في إقامة الحدود فالظاهر عدم الوجوب ; لأن مدار نفقة الرحم المحرم على أهلية الإرث ، ولا توارث بين مسلم ومرتد ، نعم لو كان يجحد ذلك ولا بينة يعامل بالظاهر وإن اشتهر حاله بخلافه ، والله سبحانه أعلم ( قوله إلا للزوجة إلخ ) لأن نفقة الزوجة جزاء الاحتباس وهو لا يتعلق باتخاذ الملة ونفقة الأصول والفروع للجزئية وجزء المرء في معنى نفسه فكما لا تمتنع نفقة نفسه بكفره لا تمتنع نفقة جزئه ، إلا أنهم إذا كانوا حربيين لا تجب نفقتهم على المسلم وإن كانوا مستأمنين ; لأننا نهينا عن البر في حق من يقاتلنا في الدين كما في الهداية ( قوله لانقطاع الإرث ) تعليل لقوله ولا نفقة مع الاختلاف دينا ولقوله لا الحربيين ، فإن العلة فيهم عدم التوارث كما نص عليه في كافي الحاكم ، فقد أخر التعليل ليكون للمسألتين فافهم ( قوله ; لأن له ولاية التصرف ) فيه نظر . وعبارة الهداية وغيرها ; لأن للأب ولاية الحفظ في مال الغائب ; ألا ترى أن للوصي ذلك فالأب أولى لوفور شفقته . ا هـ

قال في الفتح : وإذا جاز بيعه صار الحاصل عنده الثمن وهو جنس حقه فيأخذه ، بخلاف العقار ; لأنه محصن بنفسه فلا يحتاج إلى الحفظ بالبيع . ا هـ وحاصله أن المنقول مما يخشى هلاكه فللأب بيعه حفظا له وبعد بيعه يصير الثمن من جنس حقه فله الإنفاق منه فلا يقال إنه إنما يكون حفظا إذا لم ينفق ثمنه ; لأن نفس البيع حفظا فلا ينافي تعلق حقه في الثمن بعد البيع فافهم ، نعم استشكل الزيلعي أنه إذا كان البيع من باب الحفظ وله ذلك فما المانع منه لأجل دين آخر : قال في البحر : وأجاب عنه في غاية البيان بأن النفقة واجبة قبل القضاء والقضاء فيها إعانة لا قضاء على الغائب ، بخلاف سائر الديون . ا هـ تأمل . ثم إن ما ذكر هنا قول الإمام وهو الاستحسان . وعندهما وهو القياس أن المنقول كالعقار لانقطاع ولاية الأب بالبلوغ ، وهل الجد كالأب ؟ لم أره ( قوله لا الأم ) ذكر في الأقضية جواز بيع الأبوين ، فيحتمل أن هذا رواية في أن الأم كالأب ، ويحتمل أن المراد أن الأب هو الذي يتولى البيع وينفق عليه وعليها ، أما بيعها بنفسها فبعيد لعدم ولاية الحفظ كما في الفتح وغيره ، فأفاد ترجيح الثاني . وفي الذخيرة أنه الظاهر ، ومثله في النهر عن الدراية . وفي القهستاني عن الخلاصة أن ظاهر الرواية أن الأم لا تبيع ( قوله ولا بقية أقاربه ) وكذا ابنه كما في القهستاني عن شرح الطحاوي ( قوله فيبيع عقار صغير ومجنون ) تفريع على قوله لا عقاره الراجع إلى الابن الكبير ، وزاد المجنون ; لأنه في حكم الصغير ( قوله ولزوجته وأطفاله ) المتبادر من كلامه أن الضمير راجع [ ص: 632 ] للأب كضمير له . وعبارة النهر ، ولم يقل لنفقته ، لما مر من أنه ينفق على الأم أيضا من الثمن ، و ينبغي أن تكون الزوجة وأولاده الصغار كذلك . ا هـ . والمتبادر منها أن المراد زوجة الغائب وأولاده ; لأن المراد من الأم أمه أيضا ( قوله بقدر حاجته ) قال في النهر : وفي قوله للنفقة إيماء إلى أنه لا يجوز له بيع زيادة على قدر حاجته فيها ، كذا في شرح الطحاوي . ا هـ . وعزاه في البحر إلى غاية البيان . قلت : وهذا مخالف لبحث النهر ، إلا أن يحمل على ما إذا لم يكن غيره ، ويؤيده أنه ينفق على أم الغائب أيضا كما علمته .

( قوله ولا في دين له ) أي للأب على الابن الغائب ( قوله لمخالفة إلخ ) أشار إلى ما مر من إشكال الزيلعي وجوابه ( قوله لا ديانة ) فلو مات الغائب حل له أن يحلف لورثته أنهم ليس لهم عليه حق ; لأنه لم يرد بذلك غير الإصلاح بحر عن الفتح ( قوله كمديونه ) أي فإنه إذا أنفق على من ذكر مما عليه يضمن ، بمعنى أنه لا يبرأ قضاء ويبرأ ديانة رحمتي ( قوله وزوجته وأطفاله ) أشار إلى أن ذكر الأبوين غير قيد كما نبه عليه في البحر . وفي النهر : إنما خص الأبوين ليعم الزوجة والأولاد بالأولى ( قوله إن كان ) أي إن وجد ثم قاض شرعي ، وهو من لم يأخذ القضاء بالرشوة ، ولم يطلب رشوة على الإذن ، وإلا فهو كالعدم رحمتي .

( قوله استحسانا ) ; لأنه لم يرد به إلا الإصلاح ذخيرة . وفيها : وكذا قالوا في مسافرين أغمي على أحدهما أو مات فأنفق الآخر عليه من ماله ، وفي عبد مأذون مات مولاه فأنفق في الطريق ، وفي مسجد بلا متول له أوقاف أنفق عليه منها بعض أهل المحلة لا يضمن استحسانا فيما بينه وبين الله تعالى . وحكي عن محمد أنه مات تلميذ له فباع كتبه وأنفق في تجهيزه ، فقيل له إنه لم يوص بذلك ، فتلا محمد قوله تعالى { - والله يعلم المفسد من المصلح } - فما كان على قياس هذا لا يضمن ديانة استحسانا ، أما في الحكم فيضمن ، وكذا لو عرف الوصي دينا على الميت فقضاه لا يأثم ، وكذا لو مات رب الوديعة وعليه مثلها دين لآخر لم يقضه فقضاه المودع ، ومثله المديون لو مات دائنه وعليه دين لآخر مثله لم يقضه فقضاه المديون ، وكذا الوارث الكبير لو أنفق على الصغير ولا وصي له فهو محسن ديانة متطوع حكما . ا هـ ملخصا من البحر لكن ذكر في التتارخانية في المسألة الأخيرة أنه إن كان طعاما لا ينفق سواء كان الصغير في حجره أو لا ، وإن كان دراهم يملك شراء الطعام لو في حجره ، وإن كان شيئا يحتاج إلى بيعه لا يملك إلا إن كان وصيا ( قوله كما لا رجوع ) أي للمودع على الأب بما أنفقه عليه إذا ضمنه الغائب ; لأن المودع ملك المدفوع بالضمان فكان متبرعا بملك نفسه . قال في البحر : وظاهره أنه لا فرق بين أن ينفق عليهم أو يدفع إليهم في وجوب الضمان وعدم الرجوع عليهم لوجود العلة فيهما . ويظهر أنه لا ضمان لو أجاز المالك ; لأن الإجازة إبراء منه ولأنها كالوكالة السابقة . ا هـ

( قوله وكما لو انحصر إرثه إلخ ) فإذا أنفق على أبي الغائب مثلا بلا أمر ثم مات الغائب ولا وارث له غير الأب فلا رجوع للأب على المودع ; لأنه وصل إليه عين حقه ، وهذا ذكره في النهر بحثا وشبهه بما لو أطعم المغصوب للمالك بغير علمه .

التالي السابق


الخدمات العلمية