صفحة جزء
( و ) يصح أيضا ( بهذا ابني ) أو بنتي ( للأصغر ) سنا من المالك ( والأكبر و ) كذا ( هذا أبي ) أو جدي ( أو ) هذه ( أميوإن لم ) يصلحوا لذلك ولم ( ينو العتق ) ; لأنها صرائح لا كناية ولذا جاء بالباء وأخرها لتفصيلها ، فإن صلحوا وجهل نسبهم في مولدهم [ ص: 647 ] وليس للقائل أب معروف - ثبت النسب أيضا ما لم يقل ابني من الزنا فيعتق فقط ، وهل يشترط تصديقه فيما سوى دعوى البنوة ؟ قولان ، ولا تصير أمه أم ولد . ولو قال لعبده : هذه بنتي أو لأمته هذا ابني افتقر للنية وفي هذا خالي أو عمي عتق وأخي لا ، ما لم ينو من النسب ( لا ) يعتق ( بيا ابني ويا أخو ) ويا أختي ويا أبي - [ ص: 648 ] ( ولا سلطان لي عليك ولا بألفاظ الطلاق ) صريحه وكنايته ، بخلاف عكسه كما مر ( وإن نوى ) قيد للأخيرة لتوقفه في النداء على النية كما نقله ابن الكمال ، وكذا نفى السلطان كما رجحه الكمال وأقره في البحر .


( قوله أو بنتي ) أي أو هذه بنتي ، ولا يصح أن يكون التقدير أو هذا بنتي لما سيأتي أنه كناية وكلامه الآن في الصريح ; ولو قال أو هذه بنتي لكان أولى ح ، وقوله إنه كناية فيه كلام يأتي ( قوله وإن لم يصلحوا لذلك ) أي للأبوة والجدودة والأمومة ( قوله ولذا جاء بالباء إلخ ) أي إن قول المصنف وبهذا ابني بإعادة الباء الجارة ليفيد أنه عطف على قوله وبكنايته مقابل له ، ولو حذف الباء لأوهم أنه عطف على أمثلة الكناية مع أنه من أمثلة الصريح ، وإنما أخره وذكره بعد ألفاظ الكناية ; لما فيه من التفصيل المفاد بقوله فإن صلحوا إلخ ( قوله فإن صلحوا ) حاصله أن هذا ابني على وجهين : إما أن يصلح ابنا له بأن كان مثله يولد له أو لا ، وكل منهما إما أن يكون العبد مجهول النسب أو لا ، فإن صلح وهو مجهول عتق وثبت نسبه منه إجماعا ، وإن كان معروف النسب لا يثبت منه بلا شك لكن يعتق عندنا ، وإن لم يصلح ولدا له فكذلك عند الإمام .

وعندهما لا يعتق ، وكذلك الكلام في هذا أبي أو أمي فإن صلح أبا له أو أما وليس للقائل أب أو أم معروف ثبت النسب والعتق بلا خلاف ، وإن صلح وله أب معروف لا يثبت النسب ويعتق عندنا ، وإن لم يصلح لا يثبت النسب ، ولكن يعتق عنده لا عندهما ، ولو قال لصغير هذا جدي فقيل هو على الخلاف وهو الأصح ; لأنه وصفه بصفة من يعتق عليه بملكه كما في البحر ( قوله في مولدهم ) قال في القنية : مجهول النسب الذي يذكر في الكتب هو الذي لا يعرف نسبه في البلدة التي هو فيها . ا هـ ومختار المحققين من شراح [ ص: 647 ] الهداية وغيرهم أنه الذي لا يعرف نسبه في مولده ومسقط رأسه وتمامه في الدرر ( قوله وليس للقائل أب معروف ) أراد بالأب الأصل فيشمل الجد والأم . قال ط : وهذا يغني عنه قوله وجهل نسبهم ( قوله فيعتق فقط ) أي بلا ثبوت نسب ; لأن العتق باعتبار الجزئية ، والزنا ينفي النسبة الشرعية لا الجزئية ( قوله وهل يشترط ) أي في ثبوت النسب تصديق العبد للسيد ، فقيل لا ; لأن إقرار السيد على مملوكه يصح بلا تصديق ، وقيل يشترط فيما سوى دعوى البنوة ; لأن فيه حمل النسب على الغير زيلعي . قلت : ومشى في كافي الحاكم على الثاني حيث قال في مسألة الأب والأم : وصدقا في ذلك ولم يذكر ذلك في مسألة الابن ( قوله ولا تصير أمه أم ولد ) قال في فتح القدير : ثم إذا قال هذا ابني هل تصير أمه أم ولد له إذا كانت في ملكه ؟ فقيل لا سواء كان الولد مجهول النسب أو معروفه ، وقيل تصير في الوجهين ، وقيل إن كان معروف النسب حتى لم يثبت نسبه منه لا تصير أم ولد له ، وإن كان مجهوله حتى ثبت نسبه منه صارت أم ولد له وهذا أعدل . ا هـ

وبه علم ما في كلام الشارح من الإطلاق في محل التفصيل فافهم ( قوله افتقر للنية ) فيه نظر . ففي المجتبى : قال لغلامه هذه بنتي أو لجاريته هذا ابني يعتق عندهما خلافا لأبي حنيفة ، وقيل لا يعتق عند الكل وهو الأظهر . ا هـ . ومثله في الذخيرة والقهستاني . وقال في النهر : قال في المجتبى : والأظهر أنه لا يعتق يعني إلا بالنية ، ويدل عليه ما مر من أنه لو قال لعبده أنت حرة أو لأمته أنت حر ذكر في بعض المواضع أنه صريح وفي بعضها كناية . ا هـ فقوله : يعني إلا بالنية إلخ ليس من كلام المجتبى كما علمت ، وفيه نظر . وما استدل به لا يدل له لجواز كون التأنيث في قوله للعبد أنت حرة باعتبار كونه ذاتا أو جثة أو نسمة ، والتذكير في قوله للأمة أنت حر باعتبار كونها شخصا أو خلقا بخلاف إطلاق البنت على الابن وعكسه ، لما في فتح القدير حيث قال في تعليل المسألة : لأن الأول مجاز عن عتق في الذكر والثاني عنه في الأنثى ، فانتفى حقيقته لانتفاء محل ينزل فيه ، ولا يتجوز في لفظ الابن في البنت وعكسه اتفاقا . ثم قال : وما ذكره المصنف يعني صاحب الهداية بيان لتعذر عتقه بطريق آخر ، وهو أنه إذا اجتمعت الإشارة والتسمية والمسمى من جنس المشار تعلق بالمشار ، وإن كان من خلاف جنسه يتعلق بالمسمى ، والمشار إليه هنا مع المسمى جنسان ; لأن الذكر والأنثى في الإنسان جنسان لاختلاف المقاصد ، فيلزم أن يتعلق الحكم بالمسمى : أعني مسمى بنت ، وهو معدوم ; لأن الثابت ذكر . ا هـ . فأنت ترى أن مقتضى التعليل بهذين الوجهين كون الكلام لغوا لا يتعلق به حكم سواء نوى أو لا .

ويظهر من هذا أنه لا فرق بين قوله للعبد هذا بنتي أو هذه بنتي بتذكير اسم الإشارة أو تأنيثه ; لأن اللغو جاء من إطلاق البنت على الابن حيث لا يستعمل أحدهما في الآخر حقيقة ولا مجازا ، ومن كونه خلاف جنس المشار إليه كما لو باع فصا على أنه ياقوت فإذا هو زجاج فالبيع باطل ، ويدل لما قلنا : أنه في متن المنتقى عبر بقوله هذا ابنتي ( قوله عتق ) أي بلا خلاف فتح ، وينبغي توقفه على النية تأمل . ( قوله وأخي لا ) أي وفي قوله هذا أخي لا يعتق بدون نية . قال في البحر : وفرق في البدائع بأن الأخوة تحتمل الإكرام والنسب ، بخلاف العم ; لأنه لا يستعمل للإكرام عادة وهذا كله إذا اقتصر ; فلو قال أخو من أبي أو من أمي أو من النسب فإنه يعتق كما في الفتح وغيره . ولا يخفى أنه إذا اقتصر يكون من الكنايات فيعتق بالنية . ا هـ . ( قوله لا يعتق بيا ابني ويا أخي ) أي بدون نية كما يأتي . قال في الدر المنتقى : [ ص: 648 ] وعنه أنه يعتق . والظاهر الأول ; لأن المقصود بالنداء استحضار المنادى ، فإن كان بوصف يمكن إثباته من جهته نحو يا حر كان لإثبات ذلك الوصف ، وإن لم يمكن كالبنوة كان لمجرد الإعلام .

قال في الفتح : وينبغي أن يكون محل المسألة ما إذا كان العبد معروف النسب وإلا فهو مشكل ، إذ يجب أن يثبت النسب تصديقا له فيعتق . ا هـ . ولو قال يا أخي من أمي أو أبي أو من النسب عتق كما مر . ا هـ . ( قوله ولا سلطان لي عليك ) ; لأن السلطان عبارة عن الحجة واليد ونفي كل منهما لا يستدعي نفي الملك كالمكاتب يثبت للمولى فيه الملك دون اليد ( قوله بخلاف عكسه ) وهو وقوع الطلاق بألفاظ العتق ; لأن إزالة ملك الرقبة تستلزم إزالة ملك المتعة بلا عكس درر ( قوله كما مر ) أي في أول الطلاق ( قوله قيد للأخيرة ) يعني أن قوله وإن نوى راجع إلى المسألة الأخيرة وهي ألفاظ الطلاق ، أما الأولى وهي مسألة النداء والثانية وهي مسألة نفي السلطان فيتوقف وقوع العتق فيهما على النية فهما من كناياته . ( قوله كما نقله ابن الكمال ) أي عن غاية البيان ، وكذا نقله في البحر عنها عن التحفة وقال : فحينئذ لا ينبغي الجمع بين هذه المسائل في حكم واحد وأقره في النهر أيضا . قلت : بل على ما مر من بحث الفتح ينبغي أن يثبت العتق بلا نية إذا كان مجهول النسب ( قوله كما رجحه الكمال ) ونقله أيضا عن بعض المشايخ ، وبه قال الأئمة الثلاثة ، إذ لا يظهر فرق بينه وبين لا سبيل . وعن الإمام الكرخي : فني عمري ولم يتضح لي الفرق بينهما ، ثم قال الكمال بعد تقرير عدم الفرق . والذي يقتضيه النظر كونه من الكنايات ( قوله وأقره في البحر ) وكذا في النهر والشرنبلالية والمقدسي .

التالي السابق


الخدمات العلمية