صفحة جزء
باب عتق البعض

( أعتق بعض عبده ) ولو مبهما ( صح ) ولزمه بيانه ( ويسعى فيما بقي ) وإن شاء حرره ( وهو ) أي معتق [ ص: 658 ] البعض ( كمكاتب ) حتى يؤدي إلا في ثلاث ( بلا رد إلى الرق لو عجز ) ولو جمع بينه وبين قن في البيع بطل فيهما ، ولو قتل ولم يترك وفاء فلا قود ، بخلاف المكاتب ( وقالا ) من أعتق بعضه ( عتق كله ) والصحيح قول الإمام قهستاني عن المضمرات ، والخلاف مبني على أن الإعتاق يوجب زوال الملك عنده وهو منجز . وعندهما زوال الرق وهو غير منجز ، وعلى هذا الخلاف التدبير والاستيلاد . ولا خلاف في عدم تجزؤ العتق والرق . ومن الغريب ما في البدائع من تجزئيهما عند الإمام ; لأن الإمام لو ظهر على جماعة من الكفرة وضرب الرق [ ص: 659 ] على أنصافهم ومن على الأنصاف جاز ، ويكون حكمهم بقاء كالمبعض .


باب عتق البعض .

أخره عن الكل إما ; لأنه من العوارض لقلة وقوعه ، أو للخلاف ، أو ; لأنه تبع للكل ، أو لأنه دونه في الثواب نهر ( قوله ولو مبهما ) كجزء منك حر أو شيء منك حر ، ولو قال : سهم منك حر عتق السدس خانية ( قوله صح ) أي إعتاقه ، وهو عبارة عن زوال الملك عن البعض لا عن زوال الرق ; لأنه عند الإمام رقيق كله كما في الفتح ويأتي تمامه ( قوله ولزمه بيانه ) أي في المبهم ( قوله ويسعى فيما بقي ) أي في بقية قيمته لمولاه ، وتعتبر قيمته في الحال فتح . وفي البحر عن جوامع الفقه : الاستسعاء أن يؤاجره ويأخذ قيمة ما بقي من أجره . ا هـ .

وفي القهستاني : [ ص: 658 ] وعن أبي يوسف أنه يؤجر ولو صغيرا يعقل فيأخذ من أجرته كالحر المديون إلى أن يؤدي السعاية ( قوله كمكاتب ) في أنه لا يباع ، ولا يرث ، ولا يورث ولا يتزوج ، ولا تقبل شهادته ، ويصير أحق بمكاسبه ، ويخرج إلى الحرية بالسعاية والإعتاق ، ويزول بعض الملك عنه كما يزول ملك اليد عن المكاتب ، فيبقى هكذا إلى أن يؤدي السعاية در منتقى وقهستاني ( قوله بلا رد إلى الرق لو عجز ) ; لأنه إسقاط محض فلا يقبل الفسخ ، بخلاف الكتابة در منتقى ( قوله بطل فيهما ) ; لأنه لما تعذر رده إلى الرق صار بمنزلة الحر ، ولو جمع بين قن وحر في البيع بطل فيهما فكذا هذا ح .

( قوله ولو قتل ) أي قتله أحد عمدا أو لم يترك وفاء أي ما يفي بما عليه لسيده فلا قود بقتله : أي لا قصاص للاختلاف في أنه يعتق كله أو لا كالمكاتب إذا قتل عن وفاء وله وارث ، فقيل يموت حرا ، وقيل لا ، فقد جهل المستحق هل هو الوارث أو المولى . أما المكاتب الذي لم يترك وفاء فإنه مات رقيقا بلا خلاف ( قوله والصحيح قول الإمام إلخ ) وكذا نقل العلامة قاسم تصحيحه عن أئمة التصحيح ، وأيده في فتح القدير بالمعنى وبالسمع ، ومنه حديث الصحيحين { من أعتق شركا له في عبد فكان له مال يبلغ ثمن العبد قوم عليه قيمة عدل فأعطى شركاءه حصصهم وعتق العبد عليه ، وإلا فقد عتق منه ما عتق } أفاد تصور عتق البعض فقط إلخ .

( قوله والخلاف مبني إلخ ) هذا ما حققه في فتح القدير ، وهو أن يراد الخلاف في تجزؤ العتق أو الإعتاق وعدمه غلط في تحرير محل النزاع ، بل الخلاف فيما يوجبه الإعتاق أولا وبالذات . فعندهما زوال الرق وهو غير منجز اتفاقا . وعنده زوال الملك ويتبعه زوال الرق ، فلزم تجزؤ موجبه غير أن زوال الرق لا يثبت إلا عند زوال الملك عن الكل شرعا ، كحكم الحدث لا يزول إلا عند غسل كل الأعضاء وغسلها منجز ، وهذا لضرورة أن العتق قوة شرعية هي قدرة على التصرفات ، ولا يتصور ثبوتها في بعضه شائعا وتمامه فيه .

( قوله وعلى هذا الخلاف التدبير ) فإذا دبر بعض عبده اقتصر عليه عنده وسعى في الباقي بعد موت سيده ، وسرى إلى كله عندهما ولا سعاية عليه ط ( قوله والاستيلاد ) أي فإنه منجز عنده لا عندهما . والخلاف في استيلاد المشتركة المدبرة لا القنة . قال في الفتح : وأما الاستيلاد فمنجز عنده ، حتى لو استولد نصيبه من مدبرة اقتصر عليه ، حتى لو مات المستولد تعتق من جميع ماله ، ولو مات المدبر عتقت من ثلث ماله ، وإنما كمل في القنة ; لأنه لما ضمن نصيب صاحبه بالإتلاف ملكه من حين الاستيلاد فصار مستولدا جارية نفسه فثبت عدم التجزؤ ضرورة . ا هـ . ( قوله ولا خلاف في عدم تجزؤ العتق والرق ) فيه أن العتق إن كان بمعنى زوال الملك تجزأ ، وإن كان بمعنى زوال الرق لا يتجزأ . ا هـ ح . قلت : ليس مراد الشارح موجب العتق وهو ما ذكر بل مراده نفس العتق . ففي الزيلعي : الإعتاق يوجب زوال الملك عنده ، وهو منجز . وعندهما زوال الرق ، وهو غير منجز . وأما نفس الإعتاق أو العتق فلا يتجزأ بالإجماع ; لأن ذات القول وهو العلة وحكمه وهو نزول الحرية فيه لا يتصور فيه التجزؤ وكذا الرق لا يتجزأ بالإجماع ; لأنه ضعف حكمي ، والعتق والحرية قوة حكمية فلا يتصور اجتماعهما في شخص واحد . ا هـ أي اجتماع الضعف الحكمي والقوة الحكمية وهما الرق والعتق ( قوله ومن الغريب إلخ ) إنما كان غريبا لمخالفته المشهور [ ص: 659 ] من الاتفاق المذكور ، ولكن هذا حكاه في البدائع عن بعض المشايخ جوابا عن استدلال الصاحبين بأن الرق لا يتجزأ في حالة الثبوت ، حتى لا يصرف الإمام الرق في نصف السبايا ويمن على نصفهم فكذا في حال البقاء . ثم قال في جوابه : من مشايخنا من منع ذلك ، فإن الإمام لو فعل ذلك جاز ويكون حكمهم حكم معتق البعض في حالة البقاء . ا هـ . قلت : ويظهر لي الجواب بأنه ليس في ذلك تجزؤ الرق في حالة الثبوت ; لأن الرق ثبت عليهم حالة الاستيلاء كما مر فصرف الرق إلى نصف كل واحد منهم تقرير للثابت والمن على النصف الباقي بمعنى إعتاق أنصافهم ، فصار ذلك إعتاق البعض ابتداء وبقاء فتدبر .

التالي السابق


الخدمات العلمية