صفحة جزء
[ ص: 672 ] باب الحلف بالعتق .

( قال إن دخلت الدار فكل مملوك لي يومئذ حر عتق من له حين دخوله ) ولو ليلا ، سواء ( ملكه بعد حلفه أو قبله ) ; لأن المعنى يوم إذ دخلت فاعتبر ملكه وقت دخول ( و ) لذا لو لم يقل يومئذ عتق من له وقت حلفه فقط كقوله ( كل عبد لي أو أملكه حر بعد غد ) أو بعد شهر اعتبر وقت حلفه ; لأن لي أو أملكه للحال [ ص: 673 ] فلا يتناول الاستقبال ، حتى لو لم يملك شيئا يوم حلفه لغا يمينه ( ودبر بكل عبد لي أو أملكه حر بعد موتي ، من ) كان ( له ) مملوك ( يوم قال ) هذا القول ( لا ) يكون مدبرا مطلقا بل مقيدا ( من ملكه بعده ، و ) لكن ( إن مات عتقا من الثلث ) لتعليقه بالموت فيصير وصية ( المملوك لا يتناول الحمل ) ; لأنه تبع لأمه ( فلا يعتق حمل جارية من قال كل مملوك لي ذكر فهو حر ) ولو لم يقل ذكر لدخل الحامل فيعتق الحمل تبعا ( وكذا ) لفظ المملوك والعبد لا يتناول ( المكاتب ) والمشترك ويتناول المدبر والمرهون والمأذون على الصواب ; [ ص: 674 ] ولو نوى الذكور أو لم ينو المدبر دين . وفي : مماليكي كلهم أحرار لم يدين لدفع احتمال التخصيص بالتأكيد .


[ ص: 672 ] باب الحلف بالعتق .

شروع في بيان التعليق بعد ذكر التنجيز ، وإنما ذكر مسألة التعليق بالولادة في معتق البعض لبيان أنه يعتق منه البعض عند عدم العلم نهر ، وهو بكسر اللام مصدر سماعي ، وجاء بسكونها وتدخله التاء للمرة كقوله : حلفت لها بالله حلفة فاجر وتمامه في الفتح ( قوله فكل مملوك لي ) يشمل العبد والأمة فإنه كالآدمي يقع على الذكر والأنثى كما في الذخيرة قهستاني ويأتي بيانه . وفي بعض النسخ بعد قوله لي زيادة وهي بخلاف قوله لعبد غيره إن دخلت الدار فأنت حر فاشتراه فدخل لم يعتق ; لأنه لم يضف العبد إلى ملكه لا صريحا ولا معنى ( قوله ولو ليلا ) أي ولو كان دخوله ليلا أفاد أن لفظ اليوم مراد به الوقت ; لأنه أضيف إلى فعل لا يمتد وهو الدخول فتح .

مطلب تحقيق مهم في يومئذ ( قوله ; لأن المعنى يوم إذ دخلت ) أشار به إلى أن إضافة يوم إلى الدخول أخذ بالحاصل وميل إلى جانب المعنى ، وإلا فالذي يقتضيه التركيب أن يوما مضاف إلى إذ المضافة إلى الدخول . قال في الفتح ; لأنه أضيف إلى فعل لا يمتد وهو الدخول وإن كان في اللفظ إنما أضيف إلى إذ المضافة للدخول ، لكن معنى إذ غير ملاحظ وإلا كان المراد يوم وقت الدخول ، وهو وإن كان يمكن على معنى يوم الوقت الذي فيه الدخول تقييدا لليوم ، لكن إذا أريد به مطلق الوقت يصير المعنى وقت وقت الدخول ونحن نعلم مثله كثيرا في الاستعمال الفصيح كنحو - { ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله } - ولا يلاحظ فيه شيء من ذلك ، إذ لا يلاحظ في هذه الآية : وقت يغلبون يفرح المؤمنون ولا يوم وقت يغلبون يفرحون ، ونظائره كثيرة في كتاب الله تعالى وغيره ، فعرف أن لفظ إذ لم يذكر إلا تكثيرا للعوض عن الجملة المحذوفة أو عمادا له : أعني التنوين لكونه حرفا واحدا ساكنا تحسينا ، ولم يلاحظ معناها ، ومثله كثير في أقوال أهل العربية في بعض الألفاظ لا تخفى على من له نظر فيها . ا هـ . ح ( قوله فاعتبر ملكه وقت دخوله ) فيشمل من لم يكن في ملكه وقت الحلف ثم اشتراه ثم دخل ومن كان وبقي حتى دخل .

( قوله ولذا ) أي لكون المعنى ما ذكر فإنه مستفاد من لفظة يومئذ ( قوله ; لأن لي أو أملكه للحال ) أي فإن لي متعلق بثابت مثلا وهو اسم فاعل . والمختار في الوصف من اسم الفاعل أو المفعول أن معناه قائم حال التكلم بمن نسب إليه على وجه قيامه به أو وقوعه عليه . وصيغة المضارع وإن كانت تستعمل للاستقبال لكن عند الإطلاق يراد بها الحال عرفا وشرعا ولغة ، واللام للاختصاص ، فلزم من التركيب اختصاص ياء المتكلم بالمتصف بالمملوكية للحال ، فلو نوى الاستقبال لم يصدق لصرفه عن ظاهره ، فيعتق ما ملكه للحال لما ذكرنا ، وكذا ما استحدث الملك فيه لإقراره . ولو قال : كل مملوك أملكه اليوم فهو حر عتق ما في ملكه وما استفاد ملكه في اليوم ، ومثل اليوم الشهر والسنة ، فإن عنى أحد [ ص: 673 ] الصنفين صدق ديانة لا قضاء .

وتمامه في البحر ، وفيه كل مملوك أشتريه فهو حر إن كلمت زيدا أو إذا كلمته فهو على ما يشتريه قبل الكلام لا بعده ، وإن قدم الشرط فبالعكس ، وكذا إن وسطه مثل : كل مملوك أشتريه إذا دخلت الدار فهو حر ، ولا يعتق ما اشترى قبله إلا أن ينويهم ( قوله ودبر ) بالبناء للفاعل كما يفيد قول المصنف في شرحه أن من مفعوله ، لكن الأظهر بناؤه للمفعول ومن نائب الفاعل ( قوله مملوك ) كذا في النسخ التي رأيناها وصوابه النصب . ا هـ ج ( قوله بل مقيدا من ملكه بعده ) حاصله أن من كان في ملكه يوم الحلف يصير مدبرا مطلقا فلا يصح بيعه بعد هذا القول ، ومن ملكه بعده يصير مدبرا مقيدا فيصح بيعه قبل موت سيده ( قوله عتقا من الثلث ) هذا ظاهر مذاهب الكل ، وعن الثاني لا يعتق ما استفاده بعد ; لأن اللفظ حقيقة للحال كما سبق فلا يعتق به ما سيملكه . ولهما أن هذا أي مجموع التركيب إيجاب عتق وإيصاء أيضا بقوله بعد موتي ولذا اعتبر من الثلث .

فمن حيث الجهة الأولى يتناول المملوك حتى صار مدبرا مطلقا ، ومن حيث الجهة الثانية يتناول المستفاد ، لما استقر أن الوصية يعتبر فيها كل من الجهتين ، ألا ترى أنه يدخل في الوصية بالمال الأولاد فلأن ما يستفيده ومن يولد له بعدها فيصير كأنه قال عند الموت كل مملوك أملكه فهو حر . ا هـ . نهر ( قوله ; لأنه تبع لأمه ) ; لأنه كعضو من أعضائها ولذا لم يجز عن الكفارة ولم تجب صدقة فطره ، ولا يجوز بيعه منفردا نهر ( قوله ولو لم يقل إلخ ) يعني أن المملوك لا يتناول الحمل سواء وصف المملوك بذكر أو لا ، وإنما فائدة وصفه به عدم دخول أم الحمل ، فلو لم يوصف به تدخل أمه ، ولكن يعتق هو لا بتناول اللفظ له بل بتبعيته لها ، وبه اندفع ما فهمه في البحر كما أفاده في النهر وذكر في الفتح أن تناول مملوك للأم مبني على أن الاستعمال استمر فيه على الأعمية أو على أنه اسم لذات متصفة بالمملوكية ، وقيد التذكير ليس جزء المفهوم وإن كان التأنيث جزء مفهوم مملوكة فيكون مملوك أعم من مملوكة ، فالثابت فيه عدم الدلالة على التأنيث لا الدلالة على عدم التأنيث . ا هـ لكن ذكر أيضا في الأيمان في باب الحلف بالعتق والطلاق أن لفظ كل مملوك للرجال حقيقة ; لأنه تعميم مملوك وهو الذكر ، وإنما يقال للأنثى مملوكة ، ولكن عند الإطلاق يستعمل لها المملوك عادة إذا عمم بإدخال كل ونحوه فيشمل الإناث حقيقة فلذا كان نية الذكور خاصة خلاف الظاهر فلا يصدق قضاء ، ولو نوى النساء وحدهن لم يصدق أصلا . ا هـ

( قوله لا يتناول المكاتب ) ; لأنه غير مملوك على الإطلاق إذ هو حر يدا ولأنه غير عبد كذلك ; لأنه يتصرف بلا إذن سيده والعبد ليس كذلك وسيأتي في باب الحلف بالعتق والطلاق عن الفتح أنه ينبغي في : كل مرقوق لي حر أن يعتق المكاتب ; لأن الرق فيه كامل لا أم الولد إلا بالنية ( قوله والمشترك ) قال في البحر إلا بالنية . وذكر في المحيط إلا إذا ملك النصف الأخير بعده فإنه يعتق في قوله إن ملكت مملوكا فهو حر ; لأنه وجد الشرط وهو مملوك كامل ، فلو باع نصيبه ثم اشترى نصيب شريكه لم يعتق استحسانا ، وتمامه فيه ( قوله على الصواب ) تخطئة لصاحب المجتبى في قوله لا يدخل العبد المرهون والمأذون في التجارة كما ذكره في البحر ح . ثم المأذون إن لم يكن عليه دين عتق عبيده إن نواهم [ ص: 674 ] السيد وإلا فلا ، وإن كان عليه دين لم يعتقوا وإن نواهم ، كذا في الفتح وغيره ط ( قوله ولو نوى الذكور ) أي بقوله كل مملوك لي حر فإنه لا يصدق في القضاء ; لأنه خلاف الظاهر في عرف الاستعمال ويصدق ديانة ط ( قوله دين ) ; لأنه نوى تخصيص العام ، فقد نوى ما يحتمله لفظه فيصدق ديانة ، لكنه خلاف الظاهر فلم يصدق قضاء . ا هـ . ح . والأولى أن يقول أو نوى غير المدبر ; لأن عدم نية المدبر صادق بعدم نية شيء أصلا وذلك لا يكون تخصيصا أفاده ط ( قوله لم يدين إلخ ) أي في نية الذكور ; لأنه تخصيص للعام وهو مماليكي ، فإنه جمع مضاف فيعم مع احتمال التخصيص ولما أكد بكلهم ارتفع احتمال التخصيص ، بخلاف كل مملوك فإن الثابت فيه أصل العموم فقط فقبل التخصيص أفاده في البحر .

التالي السابق


الخدمات العلمية