صفحة جزء
( فلا يباع المدبر ) المطلق خلافا للشافعي . ولو قضى بصحة بيعه نفذ ، وهل يبطل التدبير ؟ قيل نعم لو قضى ببطلان بيعه صار كالحر ( ولا يوهب ولا يرهن ) فشرط واقف الكتب الرهن باطل ; لأن الوقف في يد مستعيره أمانة فلا يتأتى الإيفاء والاستيفاء بالرهن به بحر . [ ص: 685 ] ( ولا يخرج من الملك إلا بالإعتاق والكتابة ) تعجيلا للحرية وسيتضح في بابه . والحيلة لمريد التدبير على وجه يملك بيعه أن يدبره مقيدا كإن مت وأنت في ملكي أو إن بقيت بعد موتي فأنت حر


( قوله فلا يباع المدبر المطلق ) استشكل بما إذا قال كل مملوك أملكه فهو حر بعد موتي وله مماليك واشترى مماليك ثم مات فإنهم يعتقون . ولو باع الذين اشتراهم صح . وأجيب بأن الوصية بالنسبة إلى المعدوم تعتبر يوم الموت وإلى الموجود عند الإيجاب ، وتمام تقريره في الفتح . قال ط : والمراد أنه لا يباع من غيره ، وأما بيعه من نفسه وهبته منه فإعتاق بمال أو بلا مال ، فلا إشكال كما في شرح النقاية للبرجندي ( قوله قيل نعم ) قال في البحر : وفي الظهيرية : فإن باعه وقضى القاضي بجواز بيعه نفذ قضاؤه ويكون فسخا للتدبير ، حتى لو عاد إليه يوما من الدهر بوجه من الوجوه ثم مات لا يعتق ، وهذا مشكل ; لأنه يبطل بقضاء القاضي ما هو مختلف فيه ، وما هو مختلف فيه لزوم التدبير لا صحة التعليق ، فينبغي أن يبطل وصف اللزوم لا غير . ا هـ وقوله وهذا مشكل إلخ من كلام الظهيرية ( قوله نعم لو قضي ببطلان بيعه صار كالحر ) أي في سريان الفساد إلى القن إن ضم إليه في صفقة . قال في البحر : وسيأتي في البيوع أن بيع المدبر باطل لا يملك بالقبض ، فلو باعه المولى فرفعه العبد إلى قاض حنفي وادعى عليه أو على المشتري فحكم الحنفي ببطلان البيع ولزوم التدبير فإنه يصير متفقا عليه فليس للشافعي أن يقضي بجواز بيعه بعده كما في فتاوى الشيخ قاسم ، وهو موافق للقواعد فينبغي أن يكون كالحر ; فلو جمع بينه وبين قن ينبغي أن يسري الفساد إلى القن كما سنبينه إن شاء الله في محله . ا هـ . ح ( قوله ولا يرهن ) ; لأن الرهن والارتهان من باب إيفاء الدين واستيفائه عندنا فكان من باب تمليك العين وتملكها بحر عن البدائع .

مطلب في : شرط واقف الكتب الرهن بها ( قوله فشرط إلخ ) تفريع على العلة التي ذكرناها كما فعل في البحر ، وأشار إليه الشارح . ووجه التفريع أن العلة كما أفادت أن الرهن لا بد أن يمكن الاستيفاء منه ، فقد أفادت أيضا أن المرهون به لا بد أن يكون دينا مضمونا يطالب بإيفائه ، فبالنظر إلى الأول لا يصح رهن المدبر بمال آخر ، وبالنظر إلى الثاني لا يصح رهن مال بكتب الوقف ، فالجامع بينهما عدم صحة الرهن في كل للعلة المذكورة ، فلا تضر المغايرة في كون المدبر مرهونا والكتب مرهونا بها ؟ فافهم ( قوله فلا يتأتى إلخ ) قيل مقتضى كونها أمانة أنها تضمن بالتعدي ، فما المانع من صحة الرهن لهذه الحيثية ؟ وعليه يحمل شرط الواقفين تصحيحا لأغراضهم . قلت : قد صرحوا بأن الرهن لا يصح إلا بدين مضمون وأنه لا يصح بالأمانات والودائع وسيأتي في بابه [ ص: 685 ] متنا والأمانات تضمن بالتعدي مطلقا برهن أو غيره ، ولا يمكن الاستيفاء من الرهن الباطل ولا حبسه على ذلك فلا فائدة له فافهم .

ثم اعلم أن هذا كله إن أريد بالرهن مدلوله الشرعي ، أما إن أريد مدلوله اللغوي وأن يكون تذكرة فيصح الشرط ; لأنه غرض صحيح كما قاله السبكي . قال : وإذا لم يعلم مراد الواقف فالأقرب حمله على اللغوي تصحيحا لكلامه ، ويكون المقصود تجويز الواقف الانتفاع لمن يخرجه من خزانته مشروطا بأن يضع في الخزانة ما يتذكر هو به إعادة الموقوف ويتذكر الخازن به مطالبته من غير أن تثبت له أحكام الوقف . قال في الأشباه في القول في الدين بعد أن نقل عبارة السبكي بطولها : وأما وجوب اتباع شرطه وحمله على المعنى اللغوي فغير بعيد ( قوله ولا يخرج من الملك ) عطف عام على خاص . وفي الذخيرة وغيرها : كل تصرف لا يقع في الحر ، نحو البيع والإمهار يمنع في المدبر ; لأنه باق على حكم ملك المولى إلا أنه انعقد له سبب الحرية ، فكل تصرف يبطل هذا السبب يمنع المولى منه . ا هـ فلذا لا تجوز الوصية به ولا رهنه بحر ( قوله إلا بالإعتاق ) أي بلا بدل أو به نهر ( قوله وسيتضح في بابه ) إيضاحه أن المدبر الذي كوتب إما أن يسعى في ثلثي قيمته إن شاء ، أو يسعى في كل البدل بموت سيده فقيرا لم يترك غيره . وأما إذا ترك مالا غيره وهو يخرج من الثلث عتق مجانا ط وهو حاصل ما في البحر عن الفتح ( قوله أو إن بقيت إلخ ) حيلة ثانية اختصرها مما في البحر عن الولوالجية قال : هذه أمتي إن احتجت إلى بيعها أبيعها ، وإن بقيت بعد موتي فهي حرة فباعها جاز ، كذا في فتاوى الصدر الشهيد . ا هـ فافهم .

قال : في البحر : ولم يصرح بأنها مدبرة تدبيرا مطلقا أو مقيدا . ا هـ . قلت : كيف يصح كون تدبيرها مطلقا مع تصريحه بجواز بيعها فلذا جزم الشارح بكونه مقيدا .

التالي السابق


الخدمات العلمية