( ولحم الإنسان والكبد والكرش ) والرئة والقلب والطحال ( والخنزير لحم ) هذا في عرف أهل الكوفة أما في عرفنا فلا كما في البحر عن الخلاصة وغيرها [ ص: 773 ] ومنه علم أن العجمي يعتبر عرفه قطعا ، وفي الخانية : الرأس والأكارع لحم في يمين الأكل لا في يمين الشراء ، وفي لا يأكل من هذا الحمار يقع في كرائه ، ومن هذا الكلب لا يقع على صيده ولا يعم البقر الجاموس ، ولا يحنث بأكل النيء هو الأصح .
( قوله والكبد ) بالرفع وكذا ما بعده عطفا على " لحم " ، وكان الأولى ذكر الخنزير ، عقب الإنسان كما فعل في الكنز ليكون مجرورا عطفا على الإنسان بإضافة " لحم " إليهما لأنهما أعم ، فتكون من إضافة الجزء إلى الكل بخلاف الكبد ، وما بعده ، فإن اللحم ليس جزءا منه بل هو عينه ، فلذا قلنا إنه بالرفع عطفا على المضاف ، وإن صح جره عطفا على المضاف إليه على جعل الإضافة فيه بيانية لكن يلزم عليه اختلاف الإضافتين في لفظ واحد ، وفي القهستاني الكبد بفتح الكاف وكسرها مع سكون الباء والكرش بفتح الكاف وكسر الراء وسكونها ( قوله والرئة ) بالهمزة ، ويجوز قلبها ياء السحر مصباح وفيه السحر وزان فلس ، وسبب وقفل هو الرئة وقيل : ما لصق بالحلقوم والمريء من أعلى البطن وقيل كل ما تعلق بالحلقوم من كبد وقلب ورئة ( قوله لحم ) خبر المبتدأ وما عطف عليه أي هذه المذكورات داخلة في مسمى اللحم ( قوله هذا إلخ ) الإشارة إلى الكبد والأربعة التي بعده ، وعبارة البحر وفي الخلاصة : لو حلف لا يأكل لحما فأكل شيئا من البطون كالكبد والطحال يحنث في عرف أهل الكوفة ، وفي عرفنا لا يحنث ، وهكذا في المحيط والمجتبى ، ولا يخفى أنه لا يسمى لحما في عرف أهل مصر أيضا فعلم أن ما في المختصر أي الكنز مبني على عرف أهل الكوفة ، وأن ذلك يختلف باختلاف العرف ا هـ كلام البحر .
قلت ، وأما لحم الإنسان ولحم الخنزير فهو لحم حقيقة لغة وعرفا ، فلذا مشى المصنف كغيره على أنه يحنث به لكن يرد عليه كما أفاده في الفتح أن لفظ آكل لا ينصرف إليه عرفا وإن كان في العرف يسمى لحما كما مر في لا يركب دابة فلان فإن العرف اعتبر في ركب والمتبادر منه ركوب الأنواع الثلاثة وهي الحمار والبغل والفرس ، وإن كان لفظ دابة في العرف يشمل غيرها أيضا كالبقر والإبل ، فقد تقيد الركوب المحلوف عليه بالعرف ، [ ص: 773 ] ولذا نقل العتابي خلاف ما هنا فقال قيل : الحالف إذا كان مسلما ينبغي أن لا يحنث لأن أكله ليس بمتعارف ، ومبنى الأيمان على العرف قال : وهو الصحيح وفي الكافي وعليه الفتوى هذا خلاصة ما حققه في الفتح ، وهو حسن جدا ويؤيده ما قدمناه ، ويأتي أيضا من أنه لا يحنث باللحم النيء أشار إليه nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد ، وهو الأظهر قال في الذخيرة : لأنه عقد يمينه على ما يؤكل عادة فينصرف إلى المعتاد ، وهو الأكل بعد الطبخ ا هـ مع أنه لا شك في أن النيء لحم حقيقة فعلم أن الملحوظ إليه في العرف هو الأكل لا لفظ لحم ( قوله ومنه علم ) أي من قولهم أما في عرفنا فإن المراد عرف بلادهم ، وهي من العجم فافهم . ثم إن التنبيه على هذا ليس فيه كبير فائدة لأن قولهم باعتبار العرف في الأيمان ليس المراد به عرف العرب ، بل أي عرف كان في أي بلد كان كما سيأتي عند قوله الخبز ما اعتاده أهل بلد الحالف ، وفي البحر عن المحيط وفي الأيمان يعتبر العرف في كل موضع حتى قالوا لو كان الحالف خوارزميا فأكل لحم السمك يحنث لأنه يسمونه لحما ( قوله لحم في يمين الأكل لا في يمين الشراء ) وجعل في الشافي الأكل والشراء واحدا والأول أصح بزازية .
قلت : ولعل وجهه أن الرأس والأكارع مشتملة على اللحم وغيره ، لكنها عند الإطلاق لا تسمى لحما ، فإذا حلف لا يشتري لحما لا يقال في العرف أنه اشترى لحما بل اشترى رأسا أو أكارع ، أما إذا أكل اللحم الذي فيها فقد أكل لحما ، فيحنث ويشير إلى هذا الفرق ما في الذخيرة ، ولو أكل رءوس الحيوان يحنث لأن ما عليها لحم حقيقة ( قوله لا يقع على صيده ) وإنما يقع على لحمه وهو القياس في الحمار إلا أن الحمار لما كان له كراء ويستعملون هذا اللفظ في الأكل من كرائه حملوه على الكراء وفيما وراءه يبقى على الأصل منح عن جواهر الفتاوى ط ( قوله ولا يعم البقر الجاموس ) أي فلو حلف لا يأكل لحم البقر لا يحنث بأكل الجاموس ، كعكسه لأن الناس يفرقون بينهما ، وقيل يحنث لأن البقر أعم والصحيح الأول كما في النهر عن التتارخانية وفيه عن الذخيرة : لا يأكل لحم شاة لا يحنث بلحم العنز مصريا كان أو قرويا قال الشهيد وعليه الفتوى ( قوله ولا يحنث بأكل النيء ) بالهمز وزان حمل والإبدال والإدغام عامي مصباح أي إبدال الهمزة ياء وإدغامها في الياء لغة العوام وقدمنا وجه عدم الحنث قريبا .