صفحة جزء
[ ص: 783 - 784 ] ( نية تخصيص العام تصح ديانة ) إجماعا ، فلو قال : كل امرأة أتزوجها فهي طالق ثم قال : نويت من بلد كذا ( لا ) يصدق ( قضاء ) وكذا من غصب دراهم إنسان فلما حلفه الخصم عاما نوى خاصا ( به يفتى ) خلافا للخصاف . وفي الولوالجية : متى حلفه ظالم وأخذ بقول الخصاف ، فلا بأس .


[ ص: 784 ] مطلب نية تخصيص العام تصح ديانة لا قضاء خلافا للخصاف

( قوله نية تخصيص العام تصح ديانة لا قضاء ) هذه الجملة بمنزلة التعليل لقوله قبله ولو ضم طعاما أو شرابا أو ثوبا دين لما علمت من أنه إذا ضم ذلك يصير نكرة في سياق الشرط فتعم ، والعام تصح فيه نية التخصيص ، لكن لا يصدقه القاضي لأنه خلاف الظاهر .

واعلم أن الفعل لا يعم ولا يتنوع كما في تلخيص الجامع لأن العموم للأسماء لا للفعل هو المنقول عن سيبويه كذا في شرحه للفارسي .

قلت : ويرد عليه ما مر من مسألة الخروج والمساكنة والشراء إلا أن يقال كما مر إن التنوع هناك للفعل بواسطة مصدره لا أصالة تأمل .

[ تنبيه ]

قيد بالنية لأن تخصيص العام بالعرف يصح ديانة وقضاء أيضا ، وأما الزيادة على اللفظ بالعرف فلا تصح كما أوضحنا ذلك أول باب اليمين في الدخول والخروج ، بقي هل يصح تعميم الخاص بالنية ؟ قال في الأشباه لم أره .

قلت : والظاهر أن تعميمه من الزيادة على اللفظ ، وإذا لم تصح الزيادة عليه بالعرف فلا تصح بالنية الأولى لأن العرف ظاهر بخلاف النية تأمل ( قوله لا يصدق قضاء ) ظاهره أنه يصدق ديانة ، وهو مخالف لقوله آنفا لا الصفة ككوفية أو بصرية أي أنه لا يدين فيها كما نبهنا عليه ، وما ذكره الشارح مأخوذ من الولوالجية كما ذكره في البحر ، ومثله في البزازية حيث قال : كل امرأة من بلد كذا لا يصدق في ظاهر الرواية ، وذكر الخصاف أنه يصدق وهذا بناء على جواز تخصيص العام بالنية فالخصاف جوزه وفي الظاهر لا ، وعلى هذا لو أخذ منه دراهم وحلفه على أنه ما أخذ منه شيئا ونوى الدنانير فالخصاف جوزه والظاهر خلافه والفتوى على الظاهر ، وإذا أخذ بقول الخصاف فيما إذا وقع في يد الظلمة لا بأس به . ا هـ .

قلت : وهذا كله في القضاء أما في الديانة فنية تخصيص العام صحيحة بالإجماع كما في البحر وقد مر .

والحاصل أن نية تخصيص العام تصح في ظاهر الرواية ديانة فقط ، وعند الخصاف تصح قضاء أيضا وهذا إذا كان العام مذكورا وإلا فلا تصح نية تخصيصه أصلا في ظاهر الرواية ، وقيل يدين كما قدمه الشارح وقدمنا أنه رواية عن الثاني وأنه اختاره الخصاف فصار حاصل ما اختاره الخصاف أنه في المذكور يصدق ديانة وقضاء وفي غيره ديانة فقط ( قوله متى حلفه ظالم وأخذ بقول الخصاف فلا بأس ) أقول : المناسب أن يكون أخذ بضم أوله مبنيا للمجهول أي وأخذ القاضي إذ لا معنى لأخذ الحالف به قضاء لأن أخذ الحالف بما نواه غير خاص بقول الخصاف .

مطلب إذا كان الحالف مظلوما يفتى بقول الخصاف

والحاصل أنه لو حلفه ظالم فحلف ونوى تخصيص العام أو غير ذلك مما هو خلاف الظاهر وعلم القاضي بحاله لا يقضي عليه ; بل يصدقه أخذا بقول الخصاف ، وأما إذا لم يكن مظلوما فلا يصدقه فافهم . قال في الفتاوى [ ص: 785 ] الهندية عن الخلاصة ما حاصله : أراد السلطان استحلافه بأنك ما تعلم غرماء فلان وأقرباءه ليأخذ منهم شيئا بلا حق لا يسعه أن يحلف ، والحيلة أن يذكر اسم الرجل وينوي غيره وهذا صحيح عند الخصاف لا في ظاهر الرواية فإن كان الحالف مظلوما يفتي بقول الخصاف ، ولو حلفه القاضي ما له عليك كذا فحلف وأشار بأصبعه في كمه إلى غير المدعي صدق ديانة لا قضاء . ا هـ .

التالي السابق


الخدمات العلمية