صفحة جزء
( ويثبت ) أيضا ( بإقراره ) [ ص: 9 ] صريحا صاحيا ، ولم يكذبه الآخر ، ولا ظهر كذبه بجبه أو رتقها ، ولا أقر بزناه بخرساء أو هي بأخرس لجواز إبداء ما يسقط الحد ; ولو أقر به أو بسرقة في حال سكره لا حد ; ولو سرق أو زنى حد لأن الإنشاء لا يحتمل التكذيب والإقرار يحتمله نهر ( أربعا في مجالسه ) أي المقر ( الأربعة كلما أقر رده ) بحيث لا يراه ( وسأله كما مر ) حتى عن المزني بها لجواز بيانه بأمة ابنه نهر ( فإن بينه ) كما يحق ( حد ) فلا يثبت بعلم [ ص: 10 ] القاضي ولا بالبينة على الإقرار ; ولو قضى بالبينة فأقر مرة لم يحد عند الثاني وهو الأصح ; ولو أقر أربعا بطلت الشهادة إجماعا سراج .


( قوله ويثبت أيضا بإقراره ) عطف على قوله ويثبت بشهادة أربعة ، وقدم الأول ; لأنه المذكور في القرآن ولأن الثابت بها أقوى حتى لا يندفع الحد بالفرار ولا بالتقادم ولأنها حجة متعدية والإقرار حجة قاصرة ، كذا في الفتح والبحر ، لكن قوله ولا بالتقادم مخالف لما قدمناه ولما سيأتي في باب الشهادة على الزنا .

ثم رأيت الرملي نبه على ذلك في حاشية المنح فقال : المقرر أن التقادم يمنعها دون الفرار ، وكما يمنع التقادم [ ص: 9 ] قبولها في الابتداء فكذا يمنع الإقامة بعد القضاء ( قوله صريحا ) أخرج به إقرار الأخرس بكتابة أو إشارة فلا يحد للشبهة بعدم الصراحة ، بخلاف الأعمى فإنه يصح إقراره والشهادة عليه بحر ، وقد مر ( قوله صاحيا ) احتراز عن السكر كما يأتي ( قوله ولم يكذبه الآخر ) فلو أقر بالزنا بفلانة فكذبته درئ الحد عنه سواء قالت تزوجني أو لا أعرفه أصلا ، وعليه المهر إن ادعته المرأة ، وإن أقرت بالزنا بفلان فكذبها فلا حد عليها أيضا عنده خلافا لهما في المسألتين بحر ( قوله أو رتقها ) بأن تخبر النساء بأنها رتقاء قبل الحد ; لأن إخبارهن بالرتق يوجب شبهة في شهادة الشهود بحر ( قوله لجواز إبداء ما يسقط الحد ) أي من الخرساء أو الأخرس على تقدير عدم الخرس .

واستشكل ما لو أقر أنه زنى بغائبة فإنه يحد قبل حضورها مع احتمال أن تذكر مسقطا عنه وعنها إذا حضرت فيحتاج إلى الفرق .

قلت : يؤخذ جوابه مما في الجوهرة من أن القياس عدم الحد في الثانية لجواز أن تحضر فتجحد فتدعي حد القذف أو تدعي نكاحها فتطلب المهر ، وفي حده إبطال حقها والاستحسان أن يحد لحديث ماعز فإنه حد مع غيبة المرأة . ا هـ .

والحاصل أن القياس عدم الفرق بين المسألتين ، ولكنه حد في الثانية على خلاف القياس للحديث وهذا أولى مما أجاب به بعضهم من أن الزيلعي علل الثانية بأن حضور الغائبة ودعواها النكاح شبهة واحتمال ذلك يكون شبهة الشبهة ، والمعتبر هو الشبهة دون شبهة الشبهة ، لما أورد عليه من أنه في المسألة الأولى كذلك .

قلت : وقد يفرق بينهما بأن نفس الخرس شبهة محققة مانعة بخلاف الغيبة ، ولذا لو أقر بالزنا بمن لا يعرفها فإنه يحد . قال في الفتح ; لأنه أقر بالزنا ولم يذكر مسقطا ; لأن الإنسان لا يجهل زوجته وأمته . ا هـ . فعلم أن الغائبة إنما حد فيها ; لأنه لم يبد مسقطا ، بخلاف الخرساء فإن الخرس نفسه مسقط للعلة المذكورة ( قوله في حال سكره ) متعلق بأقر ( قوله ولو سرق أو زنى ) أي في حال سكره وثبت ذلك بالبينة ( قوله ; لأن الإنشاء ) أي إنشاء الزنا أو السرقة المعاين للشهود في حال سكره لا يحتمل التكذيب فيحد ، بخلاف إقراره بذلك في حال سكره ( قوله أربعا في مجالسه ) ولو كل شهر مرة ، أما لو أقر أربعا في مجلس واحد كان بمنزلة إقرار واحد كما في النهر ( قوله أي المقر ) وقيل مجالس القاضي ، والأول أصح .

وفسر محمد تفرق المجلس بأن يذهب المقر عنه بحيث يتوارى عن بصر القاضي : وظاهر قوله في الهداية لا بد من اختلاف المجالس ، وهو أن يرده القاضي كلما أقر فيذهب حتى لا يراه فإن اختلاف المجالس لا يكون إلا برده نهر ( قوله كلما أقر رده ) فيه تسامح كما قال صدر الشريعة ; لأنه في الرابعة لا يرده ، ومن ثم قال في الإصلاح إلا الرابعة نهر ( قوله سأله كما مر ) أي سؤالا مماثلا لما مر ، وهذا السؤال بعد الرابعة كما في الكافي ، وذكر أنه يسأل عن عقله وعن إحصانه ( قوله حتى عن المزني بها إلخ ) سقط لفظ حتى من بعض النسخ ولا بد منه ; لأن مراده إفادة أنه لا بد من السؤال عن الخمسة المارة ، وصرح بالمزني بها ردا على ابن الكمال حيث قال : لك أن تقوله إنه لا حاجة إليه ، لكن كان عليه التصريح بالزمان أيضا ; لأنه قيل لا يلزم ; لأن التقادم يمنع الشهادة دون الإقرار ، ورد بأن فائدته احتمال أنه زنى في حال صباه ( قوله فلا يثبت إلخ ) تفريع على ما فهم [ ص: 10 ] من حصر ثبوته بأحد شيئين الشهادة بالزنا أو الإقرار به ، وقوله ولا بالبينة على الإقرار بيان لفائدة تقييد الشهادة بأن تكون على الزنا .

ووجهه كما في الزيلعي أنه إن كان منكرا فقد رجع ، و إن كان مقرا لا تعتبر الشهادة مع الإقرار ( قوله ولو قضي بالبينة ) أي البينة على الزنا لا على الإقرار ( قوله فأقر مرة ) أو مرتين نهر . والظاهر أن الثلاث كذلك ، وقيد بما بعد القضاء ; لأنه لو أقر قبله يسقط الحد بالاتفاق كما صرح به في الفتح ، وظاهره ولو أقر مرة واحدة ( قوله لم يحد ) أي خلافا لمحمد ; لأن شرط الشهادة عدم الإقرار ففات الشرط قبل العمل بها ; لأن الإمضاء من القضاء في الحدود كما يأتي فصار كالأول ، وهو ما لو أقر قبل القضاء كما في الفتح ثم إذا لم يكمل نصاب الإقرار الموجب للحد فلا يحد ( قوله بطلت الشهادة ) أي وصار الحكم للإقرار فيعامل بموجبه لا بموجب الشهادة

التالي السابق


الخدمات العلمية