صفحة جزء
( لا ) يعزر ( بيا حمار يا خنزير ، يا كلب ، يا تيس ، يا قرد ) يا ثور يا بقر ، يا حية لظهور كذبه واستحسن في الهداية [ ص: 72 ] التعزير لو المخاطب من الأشراف وتبعه الزيلعي وغيره ( يا حجام يا أبله يا ابن الحجام وأبوه ليس كذلك ) وأوجب الزيلعي التعزير في يا ابن الحجام ( يا مؤاجر ) لأنه عرفا بمعنى المؤجر ( يا بغا ) هو المأبون بالفارسية ، وفي الملتقط في عرفنا يعزر فيهما وفي ولد الحرام نهر . والضابط أنه متى نسبه إلى فعل اختياري محرم شرعا ويعد عارا [ ص: 73 ] عرفا يعزر وإلا لا ابن كمال ( يا ضحكة ) بسكون الحاء : من يضحك عليه الناس ، أما بفتحها : فهو من يضحك على الناس ، وكذا ( يا سخرة ) واختار في الغاية التعزير فيهما وفي يا ساحر يا مقامر . وفي الملتقى : واستحسنوا التعزير لو المقول له فقيها أو علويا .


( قوله لظهور كذبه ) أي يقينا كما في الهداية ، وفي البحر عن الحاوي القدسي : الأصل أن كل سب عاد شينه إلى الساب فإنه لا يعزر ، فإن عاد الشين فيه إلى المسبوب عزر ا هـ وإنما يعود شينه إلى الساب لظهور كذبه ( قوله واستحسن في الهداية ) وكذا في الكافي كما في التتارخانية .

ونقل القهستاني تصحيحه عن الفتاوى . وعبارة الهداية : وقيل في عرفنا يعزر ; لأنه يعد شينا . وقيل إن كان المسبوب من الأشراف كالفقهاء والعلوية يعزر ; لأنه يلحقهم الوحشة بذلك ، وإن كان من العامة لا يعزر ، وهذا أحسن . ا هـ . والحاصل أن ظاهر الرواية أنه لا يعزر مطلقا ومختار الهندواني أنه يعزر مطلقا ، والتفصيل المذكور كما في الفتح وغيره ، قال السيد أبو السعود : وقوى شيخنا ما اختاره الهندواني بأنه الموافق للضابط : كل من ارتكب منكرا أو آذى مسلما بغير حق بقول أو فعل أو إشارة يلزمه التعزير . قلت : ويؤيده أن هذه الألفاظ لا يقصد بها حقيقة اللفظ حتى يقال بظهور كذبه ، ولولا النظر إلى ما فيها من الأذى لما قيل بالتعزير بها في حق الأشراف وإلا فظهور الكذب فيها موجود في حق الكل فينبغي أن يلحق بهم من كان [ ص: 72 ] في معناهم ممن يحصل له بذلك الأذى والوحشة ، بل كثير من أصحاب الأنفس الأبية يحصل له من الوحشة أكثر من الفقهاء والعلوية . وقد يجاب بأن المراد بالأشراف من كان كريم النفس حسن الطبع وذكر الفقهاء والعلوية ; لأن الغالب فيهم ذلك ، فمن كان بهذه الصفة يلحقه الشين بهذه الألفاظ المراد لازمها من نحو البلادة وخبث الطباع وإلا فلا ; لأنه هو الذي ألحق الشين بنفسه فلا يعتبر لحوق الوحشة به ، كما لو قيل لفاسق يا فاسق فيرجع إلى ما استحسنه في الهداية وغيرها .

ثم رأيت الشارح في شرح الملتقى قال : ولعل المراد بالعلوي كل متق وإلا فالتخصيص غير ظاهر بل قال الفقيه أبو جعفر إنه في الأخسة أما في الأشراف فالتعزير ا هـ فافهم .

[ تنبيه ] ذكر في شرحه على الملتقى أيضا أنه لو على وجه المزاح يعزر فلو بطريق الحقارة كفر ; لأن إهانة أهل العلم كفر على المختار فتاوى بديعية لكنه يشكل بما في الخلاصة أن سب الختنين ليس بكفر . ا هـ . والمراد بالختنين عثمان وعلي رضي الله تعالى عنهما ( قوله يا أبله ) بمعنى الغافل ( قوله وأبوه ليس كذلك ) أي ليس بحجام ، وكذا لا تعزير لو كان كذلك بالأولى ( قوله وأوجب الزيلعي إلخ ) كأنه لعدم ظهور الكذب في يا ابن الحجام لموت أبيه فالسامعون لا يعلمون كذبه فلحقه الشين بخلاف قوله يا حجام ; لأنهم يشاهدون صنعته بحر . ودفعه في النهر بأن التفرقة تحكم ; لأن الحكم بتعزيره غير مقيد بموت أبيه . ا هـ .

قلت : والذي رأيته في الزيلعي هكذا : ومن الألفاظ التي لا توجب التعزير قوله يا رستاقي ويا ابن الأسود ويا ابن الحجام وهو ليس كذلك . ا هـ . فقوله وهو ليس كذلك : أي ليس بهذه الصفة فليس المراد نفي الحكم المذكور كما فهمه الشارح وغيره فافهم ( قوله ; لأنه عرفا بمعنى المؤجر ) قال منلا خسرو : المؤاجر يستعمل فيمن يؤجر أهله للزنا لكنه ليس معناه الحقيقي المتعارف بل بمعنى المؤجر ( قوله يا بغا ) هو بالباء الموحدة والغين المعجمة المشددة ويقال باغا وكأنه انتزع من البغاء بحر عن المغرب ( قوله هو المأبون ) أي الذي لا يقدر على ترك أن يؤتى في دبره لدودة ونحوها بحر . قلت : لكن قال المصنف في شرحه تبعا للدرر : إن البغا من شتم العوام يتفوهون به ولا يعرفون ما يقولون ا هـ وهذا هو المناسب لما مشى عليه تبعا للمتون ، من أنه لا تعزير فيه .

أما على تفسيره بالمأبون فلا ، ولذا قال في البحر بعدما نقل عن المغرب إنه المأبون . وينبغي أن يجب التعزير فيه اتفاقا ; لأنه ألحق الشين به لعدم ظهور الكذب فيه ، ثم استشهد لذلك بما صرح به في الظهيرية من وجوب التعزير في يا معفوج : وهو المأتي في الدبر معللا بأنه ألحق الشين به ، بل البغا أقوى ; لأن الأبنة عيب شديد . قلت : وحاصله أن المأبون هو الذي يطلب أن يؤتى بخلاف المعفوج وهو بالعين المهملة والفاء والجيم ، وفسره في التتارخانية بالمضروب في الدبر : وفي القاموس : عفج يعفج ضرب ، وجاريته جامعها ( قوله يعزر فيهما ) أي في يا مؤاجر ويا بغا بناء على أن عرفهم استعمال مؤاجر فيمن يؤاجر أهله للزنا وبغا في المأبون ، وهذا مؤيد لما بحثه في البحر . قلت : ولا يستعمل في عرفنا هذان اللفظان في الشتم ، فينبغي عدم التعزير فيهما كما عليه المتون ( قوله وفي ولد الحرام ) هذا ذكره في النهر بحثا ، حيث قال : وينبغي أن يعزر في ولد الحرام ، بل أولى من حرام زاده ، ولم يذكر في النهر عبارة الملتقط ، ففي كلام الشارح إيهام ( قوله والضابط إلخ ) قال ابن كمال : فخرج بالقيد [ ص: 73 ] الأول النسبة إلى الأمور الخلقية ، فلا يعزر في يا حمار ونحوه ، فإن معناه الحقيقي غير مراد ، بل معناه المجازي كالبليد ، وهو أمر خلقي ، وبالقيد الثاني النسبة إلى ما لا يحرم في الشرع ، فلا يعزر في يا حجام ونحوه مما يعد عارا في العرف ، ولا يحرم في الشرع ، وبالقيد الثالث إلى ما لا يعد عارا في العرف فلا يعزر في يا لاعب النرد ونحوه مما يحرم في الشرع . ا هـ . قلت : وهذا الضابط مبني على ظاهر الرواية ، وقد علمت تفصيل الهداية ( قوله بسكون الحاء ) أي مع ضم أوله في الموضعين ( قوله وفي يا ساحر ) رأيته في البحر بالحاء المعجمة تأمل ( قوله يا مقامر ) من قامره مقامرة وقمارا فقمره : إذا راهنه فغلبه كما في القاموس ( قوله وفي الملتقى إلخ ) هذا بمعنى ما مر عن الهداية والزيلعي ، لكنه في الملتقى ذكره بعد جميع ما مر من الألفاظ . وعبارة الهداية والزيلعي توهم أن هذا التفصيل في نحو حمار وخنزير مما يتيقن فيه بكذب القائل فأعاده الشارح آخرا لدفع هذا الإيهام فافهم

التالي السابق


الخدمات العلمية