صفحة جزء
كتاب السرقة ( هي ) لغة أخذ الشيء من الغير خفية ، وتسمية المسروق سرقة مجاز . وشرعا باعتبار الحرمة أخذه كذلك بغير حق نصابا كان أم لا ، وباعتبار القطع ( أخذ مكلف ) [ ص: 83 ] ولو أنثى أو عبدا أو كافرا أو مجنونا حال إفاقته ( ناطق بصير ) فلا يقطع أخرس لاحتمال نطقه بشبهة ، ولا أعمى لجهله بمال غيره ( عشرة دراهم ) لم يقل مضروبة لما في المغرب : الدراهم اسم للمضروبة ( جيادا أو مقدارها ) فلا قطع بنقرة وزنها عشرة لا تساوي عشرة مضروبة ، [ ص: 84 ] ولا بدينار قيمته دون عشرة . وتعتبر القيمة وقت السرقة ووقت القطع ومكانه بتقويم عدلين لهما معرفة بالقيمة ، ولا قطع عند اختلاف المقومين ظهيرية ( مقصودة ) بالأخذ ، فلا قطع بثوب قيمته دون عشرة وفيه دينار أو دراهم مصرورة إلا إذا كان وعاء لها عادة تجنيس ( ظاهرة الإخراج ) فلو ابتلع دينارا في الحرز وخرج لم يقطع ، ولا ينتظر تغوطه بل يضمن مثله لأنه استهلكه وهو سبب الضمان للحال ( خفية ) ابتداء وانتهاء لو الأخذ نهارا ، ومنه ما بين العشاءين ، وابتداء فقط لو ليلا ، وهل العبرة لزعم السارق أو لزعم أحدهما ؟ خلاف ( من صاحب يد صحيحة ) فلا يقطع السارق من السارق فتح ( مما لا يتسارع إليه الفساد ) كلحم وفواكه مجتبى ، ولا بد من كون المسروق متقوما مطلقا ، فلا قطع بسرقة خمر مسلم مسلما كان السارق أو ذميا ، وكذا الذمي إذا سرق من ذمي خمرا أو خنزيرا أو ميتة لا يقطع لعدم تقومها عندنا ذكره الباقاني ( في دار العدل ) فلا يقطع بسرقة في دار حرب أو بغي بدائع [ ص: 85 ] ( من حرز ) بمرة واحدة اتحد مالكه أم تعدد ( لا شبهة ولا تأويل فيه ) وثبت ذلك عند الإمام كما سيتضح ( فيقطع إن أقر بها مرة ) وإليه رجع الثاني ( طائعا ) فإقراره بها مكرها باطل . ومن المتأخرين من أفتى بصحته [ ص: 86 ] ظهيرية . زاد القهستاني معزيا لخزانة المفتين : ويحل ضربه ليقر ، وسنحققه ( أو شهد رجلان ) ولو عبدا شرط حضرة مولاه ، ولا تقبل على إقراره ولو بحضرته ( وسألهما الإمام كيف هي وأين هي وكم هي ؟ ) زاد في الدرر : وما هي ومتى هي ( وممن سرق وبيناها ) احتيالا للدرء ، ويحبسه حتى يسأل عن الشهود لعدم الكفالة في الحدود ، ويسأل المقر عن الكل إلا الزمان . وما في الفتح إلا المكان تحريف نهر .


كتاب السرقة عقب به الحدود ; لأنه منها مع الضمان قهستاني . قلت : وكأنهم ترجموا لها بالكتاب دون الباب لاشتمالها على بيان حكم الضمان الخارج عن الحدود فكانت غيرها من وجه ، فأفردت عنها بكتاب متضمن لأبواب تأمل .

قال القهستاني : وهي نوعان ; لأنه إما أن يكون ضررها بذي المال أو به وبعامة المسلمين ، فالأول يسمى بالسرقة الصغرى والثاني بالكبرى ، بين حكمها في الآخر ; لأنها أقل وقوعا وقد اشتركا في التعريف وأكثر الشروط ا هـ أي ; لأن المعتبر في كل منهما أخذ المال خفية ، لكن الخفية في الصغرى هي الخفية عن غين المالك أو من يقوم مقامه كالمودع والمستعير . وفي الكبرى عن عين الإمام الملتزم حفظ طرق المسلمين وبلادهم كما في الفتح ، والشروط تعلم مما يأتي ( قوله هي لغة أخذ الشيء إلخ ) أفاد أنها مصدر وهي أحد خمسة . ففي القاموس : سرق منه الشيء يسرق أي من باب ضرب سرقا محركة وككتف وسرقة محركة أي ككلمة وكفرجة أي بضم فسكون وسرقا بالفتح أي مع السكون والاسم السرقة بالفتح وكفرجة وكتف ا هـ موضحا ( قوله خفية ) بضم الخاء وكسرها ط عن المصباح ( قوله مجاز ) أي من إطلاق المصدر وإرادة اسم المفعول كالخلق بمعنى المخلوق ( قوله وشرعا باعتبار الحرمة إلخ ) يعني أن لها في الشرع تعريفين : تعريفا باعتبار كونها محرمة ، وتعريفا باعتبار ترتب حكم شرعي عليها وهو القطع ، ومر نظيره في الزنا ( قوله أخذه كذلك ) أي أخذ الشيء خفية ( قوله أخذ مكلف ) شمل الأخذ حكما ، وهو أن يدخل جماعة [ ص: 83 ] من اللصوص منزل رجل ويأخذوا متاعه ويحملوه على ظهر واحد ويخرجوه من المنزل ، فإن الكل يقطعون استحسانا وسيأتي بحر . وأخرج الصبي والمجنون ; لأن القطع عقوبة وهما ليسا من أهلها ، لكنهما يضمنان المال كما في البحر ( قوله أو عبدا ) فهو كالحر هنا ; لأن القطع لا يتنصف بخلاف الجلد ( قوله أو كافرا ) الأولى أو ذميا لما في كافي الحاكم أن الحربي المستأمن إذا سرق في دار الإسلام لم يقطع في قول أبي حنيفة ومحمد .

وقال أبو يوسف أقطعه ( قوله أو مجنونا حال إفاقته ) الأولى أن يقول أو مجنونا في غير حال أخذه ; لأن قوله ولو أنثى إلخ تعميم للمكلف فيصير المعنى أخذ مكلف ولو كان ذلك المكلف مجنونا في حال إفاقته ، ولا يخفى ما فيه ، فإنه في حال الإفاقة عاقل لا مجنون إلا أن يجعل حال إفاقته ظرفا لأخذ فكأنه قال أخذ مجنون في حال إفاقته فيصدق عليه أخذ مكلف ، وإنما سماه مجنونا نظرا إلى حاله في غير وقت الأخذ فيرجع إلى ما قلنا تأمل .

والحاصل كما في البحر والنهر أنه إذا كان يجن ويفيق ، فإن سرق في حال إفاقته قطع وإلا فلا . ا هـ . بقي لو جن بعد الأخذ هل يقطع أم تنتظر إفاقته ؟ قال السيد أبو السعود : ظاهر ما قدمه في النهر من أنه يشترط لإقامة الحد كونه من أهل الاعتبار يقتضي اشتراط إفاقته ، إلا أن يفرق بين الجلد والقطع بأن الذي يحصل به الجلد لا فائدة فيه قبلها لزوال الألم قبل الإفاقة بخلاف القطع . ا هـ . قلت : لكن في حد الشرب من البحر : إذا أقر السكران بالسرقة ولم يقطع لسكره أخذ منه المال ثم قال شهدوا عليه بالشرب وهو سكران قبلت ، وكذا بالزنا وهو سكران ، كما إذا زنى وهو سكران وكذا بالسرقة وهو سكران ، ويحد بعد الصحو ويقطع ا هـ فهذا يفيد اشتراط صحوه إلا أن يفرق بين الجنون والسكر بأن السكر له غاية ، بخلاف الجنون ، لكن الظاهر انتظار إفاقته لاندراء الحد بالشبهة ، وهي هنا احتمال إبداء ما يسقطه إذا أفاق كما لا يقطع الأخرس لذلك تأمل ( قوله ناطق بصير ) زاد في البحر هنا قيدا آخر ، وهو كونه صاحب يد يسرى ورجل يمنى صحيحتين ، وسيأتي في فصل القطع .

( قوله لجهله بمال غيره ) يعني أن مقتضى حاله ذلك ( قوله عشرة دراهم ) لما رواه أبو حنيفة مرفوعا : { لا تقطع اليد في أقل من عشرة دراهم } ورجح هذه على رواية ربع دينار ورواية ثلاثة دراهم ; لأن الأخذ بالأكثر أحوط احتيالا للدرء كما بسطه في الفتح ، وأطلق الدراهم فانصرفت إلى المعهودة ، وهو أن تكون العشرة منها وزن سبعة مثاقيل كما في الزكاة بحر ، ومثله في الهداية وغيره : وبحث فيه الكمال بأن الدراهم كانت في زمنه صلى الله عليه وسلم مختلفة : صنف عشرة وزن خمسة ، وصنف وزن ستة ، وصنف وزن عشرة ، فمقتضى ترجيحهم الأكثر فيما مر ترجيحه هنا أيضا ، وتمامه في الشرنبلالية ( قوله ولم يقل مضروبة ) أي مع أن ذلك شرط للقطع في ظاهر الرواية ( قوله جيادا ) فلو سرق زيوفا أو نبهرجة أو ستوقة فلا قطع إلا أن تكون كثيرة قيمتها نصاب من الجياد بحر ( قوله أو مقدارها ) أي قيمة ، فلو سرق نصف دينار قيمته النصاب قطع عندنا بحر وهو عطف على عشر . ا هـ . ح ( قوله فلا قطع بنقرة ) هي القطعة المذابة من الذهب والفضة قاموس والمراد الثاني ط وهذا محترز كون العشرة مضروبة ، ومثله ما لو سرق أقل من وزن عشرة فضة تساوي عشرة مسكوكة لا يقطع ; لأنه مخالف للنص في محل النص ، وهو أن يسرق فضة وزن عشرة كذا في الفتح ، فأفاد أن الفضة غير المسكوكة يعتبر فيها الوزن والقيمة : أي كون وزنها عشرة تساوي عشرة مسكوكة ، فلا قطع لو نقص الوزن عن عشرة [ ص: 84 ] وإن بلغ قيمة المسكوكة كمسألتنا هذه ، ولا في عكسه كمسألة النقرة ( قوله ولا بدينار ) محترز قوله أو قيمتها .

وأفاد به أن غير الدراهم يقوم بها وإن كان ذهبا كما في الفتح ( قوله وقت السرقة ووقت القطع ) فلو كانت قيمته يوم السرقة عشرة فانتقص وقت القطع لم يقطع إلا إذا كان النقص لعيب حدث أو لفوات بعض العين كما في الفتح والنهر ( قوله ومكانه ) فلو سرق في بلد ما قيمته فيها عشرة فأخذ في أخرى وقيمته فيها أقل لا يقطع فتح ، ( قوله بتقويم عدلين ) حال من قوله أو مقدارها ( قوله عند اختلاف المقومين ) أي بأن قومه عدلان بنصاب وعدلان آخران بأقل منه ، وأما لو اختلفوا بعد اتفاقهم على النصاب فإنه لا يضر كما هو ظاهر ( قوله إلا إذا كان وعاء لها عادة ) ; لأن القصد فيه يقع على سرقة الدراهم ، ألا ترى أنه لو سرق كيسا فيه دراهم كثيرة يقطع وإن كان الكيس يساوي درهما بحر : وفهم منه أنه لو علم بما في الثوب يقطع كما صرح به في المبسوط ; لأن المعتبر ظهور قصد النصاب ، وكون المسروق كيسا فيه دلالة القصد ، ولا يقبل قوله لم أقصد لم أعلم كما في الفتح ، فإقراره بالعلم بما في الثوب فيه دلالة القصد بالأولى .

( قوله ولا ينتظر ) أي إذا طلب المالك تضمينه فله ذلك في الحال لوجود سببه ; لأنه يقدر على تسليمه للحال فصار مستهلكا ( قوله خفية ) خرج به الأخذ مغالبة أو نهبا ، فلا قطع به لو كان في المصر نهارا وإن دخل خفية استحسانا نهر ( قوله وابتداء فقط لو ليلا ) حتى لو دخل البيت ليلا خفية ثم أخذ المال مجاهرة ولو بعد مقاتلة من في يده قطع بحر ( قوله وهل العبرة ) أي في الخفية لزعم السارق أن رب الدار لم يعلم به أم لزعم أحدهما ، وإن كان رب الدار فيه خلاف : ويظهر ذلك فيما لو ظن السارق أن رب الدار علم به مع أنه لم يعلم ، فالخفية هنا في زعم رب الدار لا في زعم السارق .

ففي الزيلعي : لا يقطع ; لأنه جهر في زعمه . وفي الخلاصة والمحيط والذخيرة : يقطع اكتفاء بكونها خفية في زعم أحدهما ، أما لو زعم اللص أنه لم يعلم به مع أنه عالم يقطع اكتفاء بزعمه الخفية ، وكذا لو لم يعلما اتفاقا .

وأما لو علما فلا قطع بالمسألة رباعية كما أفاده في البحر ( قوله من صاحب يد صحيحة ) حتى لو سرق عشرة وديعة عند رجل ولو لعشرة رجال يقطع فتح ( قوله فلا يقطع السارق من السارق ) هكذا أطلقه الكرخي والطحاوي ; لأن يده ليست يد أمانة ولا ملك فكان طائعا قلنا نعم ، لكن يده يد غصب والسارق منه يقطع . والحق ما في نوادر هشام عن محمد : إن قطعت الأولى لم أقطع الثاني وإن درأت عنه الحد قطعته ، ومثله في أمالي أبي يوسف كذا في الفتح نهر . وعلى هذا التفصيل مشى المصنف في الباب الآتي ،

[ تنبيه ] في كافي الحاكم : ولا يقطع السارق من مال الحربي المستأمن ( قوله مما لا يتسارع إليه الفساد ) سيأتي هذا في المتن مع أشياء أخر لا يقطع بها ، فإذا كان مراده استيفاء الشروط كان عليه ذكر الباقي تأمل ( قوله متقوما مطلقا ) أي عند أهل كل دين ط ( قوله فلا قطع بسرقة خمر مسلم ) هذه العبارة مع التطويل لا تشمل سرقة المسلم خمر الذمي ، ولو قال فلا قطع بسرقة خمر لكان أخصر وأشمل . ا هـ . ح ( قوله بدائع ) تمام عبارتها على ما في البحر : [ ص: 85 ] فلو سرق بعض تجار المسلمين من البعض في دار الحرب ثم خرجوا إلى دار الإسلام فأخذ السارق لا يقطعه الإمام ا هـ قلت : وظاهره أن الحكم كذلك لو سرق في دار البغي ثم خرجوا إلى دار العدل تأمل .

ولم يذكر سرقة أهل العدل من أهل البغي وعكسه . وفي كافي الحاكم : رجل من أهل العدل أغار على عسكر البغي ليلا فسرق من رجل منهم مالا فجاء به إلى إمام العدل لا يقطعه ; لأن لأهل العدل أخذ أموالهم على وجه السرقة ويمسكه إلى أن يتوبوا أو يموتوا ، وفي العكس لو أخذ بعد ذلك فأتى به إمام أهل العدل لم يقطعه أيضا ; لأنه محارب يستحل هذا ا هـ ملخصا ( قوله من حرز ) هو على قسمين : حرز بنفسه ، وهو كل بقعة معدة للإحراز ممنوع من الدخول فيها إلا بإذن كالدور والحوانيت والخيم والخزائن والصناديق . أو بغيره ، وهو كل مكان غير معد للإحراز وفيه حافظ كالمساجد والطرق والصحراء . وفي القنية : لو سرق المدفون في مفازة يقطع بحر . قلت : وجزم المقدسي بضعف ما في القنية كما نذكره في النباش ( قوله بمرة واحدة ) فلو أخرج بعضه ثم دخل وأخرج باقيه لم يقطع زيلعي وغيره . قلت : وهذا لو أخرجه إلى خارج الدار لما في الجوهرة : ولو دخل دارا فسرق من بيت منها درهما فأخرجه إلى صحنها ثم عاد فسرق درهما آخر وهكذا حتى سرق عشرة فهذه سرقة واحدة ، فإذا أخرج العشرة من الدار قطع ، وإن خرج في كل مرة من الدار ثم عاد حتى فعل ذلك عشر مرات لم يقطع ; لأنها سرقات ا هـ ومثله في التتارخانية ، لكن ذكر في الجوهرة أيضا : لو أخرج نصابا من حرز مرتين فصاعدا ، إن تخلل بينهما اطلاع المالك فأصلح النقب أو أغلق الباب ، فالإخراج الثاني سرقة أخرى فلا يجب القطع إذا كان المخرج في كل دفعة دون النصاب ، وإن لم يتخلل ذلك قطع ا هـ ومثله في النهر عن السراج قبيل فصل القطع ، فقوله وإن لم يتخلل ذلك قطع يقتضي أنه لو أخرج بعض النصاب إلى خارج الدار ثم عاد قبل اطلاع المالك وإصلاحه النقب أو إغلاقه الباب أنه يقطع ، وهو خلاف ما أطلقه هو وغيره من عدم القطع كما علمت ; لأنه لم يصدق عليه أنه في كل مرة أخرج نصابا من حرز بل بعض نصاب ، نعم اطلاع المالك له اعتبار في مسألة أخرى ذكرها في الجوهرة أيضا ، وهي لو نقب البيت ثم خرج ولم يأخذ شيئا إلا في الليلة الثانية ، إن كان ظاهرا وعلم به رب المنزل ولم يسده لم يقطع وإلا قطع . ا هـ .

ووجهه ظاهر ، وهو أنه لو علم به ولم يسده لم يبق حرزا وإلا بقي حرزا ، إذ لو لم يبق حرزا لزم أن لا تتحقق سرقته بعد هتك الحرز ( قوله اتحد مالكه أم تعدد ) فلو سرق واحد من جماعة قطع ، ولو سرق اثنان نصابا من واحد فلا قطع عليهما فالعبرة للنصاب في حق السارق لا المسروق منه بشرط أن يكون الحرز واحدا ، فلو سرق نصابا من منزلين فلا قطع والبيوت من دار واحدة بمنزلة بيت واحد ، حتى لو سرق من عشرة أنفس في دار كل واحد في بيت على حدة من كل واحد منهم درهما قطع ، بخلاف ما إذا كانت الدار عظيمة فيها حجر كما في البدائع بحر ، وستأتي مسألة الحجر ( قوله لا شبهة ولا تأويل فيه ) أخرج بالأول السرقة من دار أبيه ونحوه وبالثاني سرقة مصحف لتأويل أخذه للقراءة أفاده ط ( قوله وثبت ذلك إلخ ) لا يصح كون ذلك جزءا من التعريف بل هو شرط للقطع كما أفاده بقوله فيقطع إن أقر مرة أو شهد رجلان إلخ تأمل ( قوله وإليه رجع الثاني ) أي أبو يوسف ، وكان أولا يقول لا يقطع إلا إذا أقر مرتين في مجلسين مختلفين كما في الزيلعي ( قوله ومن المتأخرين من أفتى بصحته ) مقتضى صنيعه أن ذلك صحيح في حق القطع ، ولا يخفى ما فيه ; لأن القطع حد يسقط بالشبهة والإنكار [ ص: 86 ] أعظم شبهة مع أنه سيأتي أنه لا قطع بنكول عن اليمين ، وأنه لو أقر ثم هرب لا يتبع ، فيتعين حمل ما ذكره على صحته في حق الضمان ( قوله أو شهد رجلان ) فلا يقبل رجل وامرأتان للقطع بل للمال ، وكذا الشهادة على الشهادة كما في كافي الحاكم ( قوله ولو عبدا ) تعميم للضمير في عليه المقدر بعد قوله أو شهد رجلان وسيأتي الكلام على سرقة العبد في الباب الآتي ( قوله وسألهما الإمام كيف هي ) ليعلم أنه أخرج من الحرز أو ناول من هو خارج وأين هي ليعلم أنها ليست في دار الحرب ؟ وكم هي ليعلم أنها نصاب أم لا ؟ ( قوله زاد في الدرر ) نقله في البحر أيضا عن الهداية وقال : السؤال عن الماهية لإطلاقها على استراق السمع والنقص من أركان الصلاة ، وعن الزمان لاحتمال التقادم .

زاد في الكافي أنه يسألهما عن المسروق ، إذ سرقة كل مال لا توجب القطع ( قوله وممن سرق ) ليعلم أنه ذو رحم محرم منه أم لا ( قوله وبيناها ) أي المذكورات ، وهو عطف على قوله وسألهما ( قوله احتيالا ) علة للسؤال ( قوله ويحبسه حتى يسأل عن الشهود ) أي عن عدالتهم .

قال في الشرنبلالية يشير إلى ما قاله الكمال إن القاضي لو عرف الشهود بالعدالة له قطعه ا هـ ولعله على القول بأن القاضي يقضي بعلمه وهو خلاف المختار الآن ا هـ وهذا اشتباه ، فإن قضاءه بالقطع بالبينة لا بعلمه ، وعلمه بعدالة الشهود المتوقف عليها القضاء بالقطع ليس قضاء به حموي . قلت : على أنه مر في الباب السابق أن في حقوقه تعالى يقضي القاضي بعلمه اتفاقا ، وقد صرح في البحر عن الكشف بأن وجوب القطع حق الله تعالى على الخلوص ( قوله لعدم الكفالة في الحدود ) ; لأنه إذا جاز أخذ الكفيل بالنفس لا يحبس ( قوله إلا الزمان ) ; لأن تقادم العهد لا يمنع صحة الإقرار بها نوح عن المبسوط والمحيط . واعترضه الحموي بأنه يجوز أن تكون السرقة في صباه فلا يحد . قلت : لكن قال في حاوي الزاهدي : لو ثبتت السرقة بالإقرار لا يلزم السؤال عن زمانها حتى قال في [ أسنع ] لو قال : سرقت في زمان الصبا يقطع ولا يلتفت إلى قوله ا هـ ولفظ أسنع رمز لكتاب الأسرار ( قوله إلا المكان ) المناسب وإلا المكان بالعطف ; لأنه في الفتح استثنى الزمان والمكان ( قوله تحريف ) أي لجواز أن يكون في دار الحرب ، والمراد أن ذكر المكان في عبارة الفتح غير صحيح

التالي السابق


الخدمات العلمية