صفحة جزء
( لا ) يقطع ( بتافه ) أي حقير ( يوجد مباحا في دارنا كخشب لا يحرز ) عادة ( وحشيش وقصب وسمك و ) لو مليحا و ( طير ) ولو بطا أو دجاجا في الأصح غاية ( وصيد وزرنيخ ومغرة ونورة ) زاد في المجتبى : وأشنان وفحم وملح وخزف وزجاج لسرعة كسره ( ولا بما يتسارع فساده كلبن ولحم ) ولو قديدا وكل مهيأ لأكل كخبز ، وفي أيام قحط لا قطع بطعام مطلقا شمني ( وفاكهة رطبة [ ص: 92 ] وثمر على شجر وبطيخ ) وكل ما لا يبقى حولا ( وزرع لم يحصد ) لعدم الإحراز ( وأشربة مطربة ) ولو الإناء ذهبا ( وآلات لهو ) ولو طبل الغزاة في الأصح لأن صلاحيته للهو صارت شبهة غاية ( وصليب ذهب أو فضة وشطرنج ونرد ) لتأويل الكسر نهيا عن المنكر


( قوله لا يقطع بتافه إلخ ) أي إذا سرق من حرز لا شبهة فيه بعد أن أخذ وأحرز وصار مملوكا فتح ( قوله يوجد مباحا في دارنا ) أي يوجد جنسه مباحا في الأصل بصورته الأصلية ، بأن لم يحدث فيه صنعة متقومة غير مرغوب فيه ، فخرج بصورته الأبواب والأواني من الخشب ، وبغير مرغوب فيه نحو المعادن من الذهب والصفر واليواقيت واللؤلؤ ونحوها من الأحجار فيقطع لكونها مرغوبا فيها .

وعلى هذا نظر بعضهم في الزرنيخ : بأنه ينبغي القطع به لإحرازه في دكاكين العطارين كسائر الأموال ، بخلاف الخشب ; لأنه إنما يدخل الدور للعمارة فكان إحرازه ناقصا ، بخلاف الساج والأبنوس . واختلف في الوسمة والحناء والوجه القطع لإحرازه عادة في الدكاكين ، كذا في الفتح ، ومفاده اعتبار العادة في الإحراز ( قوله لا يحرز عادة ) احتراز عن الساج والأبنوس . قلت : وقد جرت العادة إحراز بعض الخشب كالمخروط والمنشور دفوفا وعواميد ونحو ذلك ، فينبغي القطع به كما يفيده ما مر تأمل ( قوله ولو مليحا ) بتشديد اللام ، ودخل فيه الطري بالأولى ( قوله وطير ) ; لأن الطير يطير فيقل إحرازه فتح ( قوله وصيد ) هو الحيوان الممتنع المتوحش بأصل خلقته إما بقوائمه أو بجناحيه ، فالسمك ليس منه ابن كمال ( قوله وزرنيخ ) بالكسر فارسي معرب مصباح ( قوله ومغرة ) بفتح الميم وسكون الغين المعجمة وتحرك : الطين الأحمر ، وظاهر كلام الصحاح والقاموس أن التسكين هو الأصل والتحريك خلافه ، وظاهر المصباح العكس نوح ( قوله ونورة ) بضم النون حجر الكلس ، ثم غلب على أخلاط تضاف إلى الكلس من زرنيخ وغيره ، ويستعمل لإزالة الشعر مصباح ، وكذا ضبطها بالضم في القاموس ( قوله وخزف وزجاج ) الخزف : كل ما عمل من طين وشوي بالنار حتى يكون فخارا قاموس ، قال في الفتح : ولا يقطع في الآجر والفخار ; لأن الصنعة لا تغلب فيها على قيمتها .

وظاهر الرواية في الزجاج أنه لا يقطع ; لأنه يسرع إليه الكسر فكان ناقص المالية . وعن أبي حنيفة : يقطع كالخشب إذا صنع منه الأواني . ا هـ . وفي الزيلعي : ولا قطع في الزجاج ; لأن المكسور منه تافه والمصنوع منه يتسارع إليه الفساد . ا هـ . قلت : وظاهره أنه لا يقطع في الزجاج وإن غلبت عليه الصنعة ، وهل يقال مثله في الصيني والبلور مع أنه قد يبلغ بالصنعة نصبا كثيرة ، ومفهوم علة الفخار أنه يقطع به تأمل ( قوله وكل مهيأ لأكل ) أما غير المهيأ مما لا يتسارع إليه الفساد كالحنطة والسكر فإنه يقطع فيه إجماعا كما في الفتح ( قوله مطلقا ) ولو غير مهيأ ; لأنه عن ضرورة ظاهرا وهي تبيح التناول فتح ( قوله وفاكهة رطبة ) كالعنب والسفرجل والتفاح والرمان وأشباه ذلك [ ص: 92 ] ولو كانت محروزة في حظيرة عليها باب مقفل .

وأما الفواكه اليابسة كالجوز واللوز فإنه يقطع فيها إذا كانت محرزة جوهرة ( قوله وثمر على شجر ) ; لأنه لا إحراز فيما على الشجر ولو كان الشجر في حرز ، لما في كافي الحاكم ، وإن سرق التمر من رءوس النخل في حائط محرز أو حنطة في سنبلها لم تحصد لم يقطع ، فإن أحرز التمر في حظيرة عليها باب أو حصدت الحنطة وجعلت في حظيرة فسرق منها قطع ، وكذلك إن كانت في صحراء وصاحبها يحفظها ا هـ ( قوله وأشربة مطربة ) أي مسكرة . والطرب : استخفاف العقل من شدة حزن وجزع حتى يصدر عنه ما لا يليق كما تراه من صياح الثكالى وضرب خدودهن وشق جيوبهن ، أو شدة سرور توجب ما هو معهود من الثمالى . ثم الشراب إن كان حلوا فهو مما يتسارع إليه الفساد ، أو مرا فإن كان خمرا فلا قيمة لها أو غيره ففي تقويمه خلاف ولتأول السارق فيه الإراقة ، فتثبت شبهة الإباحة ، وتمامه في الفتح ، وشمل ما إذا كان السارق مسلما أو ذميا كما في البحر .

( قوله ولو الإناء ذهبا ) أي على المذهب ; لأن الإناء تابع ولم يقطع في المتبوع فكذا في التبع وفي رواية عن أبي يوسف أنه يقطع ، وهو قول الأئمة الثلاثة ورجحه في الفتح فيما تعاين ذهبيته بأن الظاهر أن كلا مقصود بالأخذ بل أخذ الإناء أظهر : واستشهد بما في التجنيس : سرق كوزا فيه عسل وقيمة الكوز تسعة وقيمة العسل درهم يقطع ، وهو نظير ما تقدم فيمن سرق ثوبا لا يساوي عشرة مصرور عليه عشرة يقطع إذا علم أن عليه مالا ، بخلاف ما إذا لم يعلم ا هـ ملخصا ، وأقره في البحر ( قوله وآلات لهو ) أي بلا خلاف لعدم تقومها عندهما حتى لا يضمن متلفها . وعنده وإن ضمنها لغير اللهو إلا أن يتأول آخذها للنهي عن المنكر فتح ( قوله وصليب ) هو بهيئة خطين متقاطعين ، ويقال لكل جسم صليب فتح .

( قوله وشطرنج ) بكسر الشين فتح ، قيل هو عربي ، وقيل معرب ، وهو داخل في آلات اللهو ، وكذا النرد بفتح النون ( قوله لتأويل الكسر إلخ ) علة للثلاثة . وعن أبي يوسف : يقطع بالصليب لو في يد رجل في حرز لا شبهة فيه ، لا لو في مصلاهم لعدم الحرز وجوابه ما قلنا من تأويل الإباحة فتح . قلت : لكن هذا التأويل لا يظهر فيما لو كان السارق ذميا . ثم رأيت في الذخيرة ذكرها هذا التفصيل عن أبي يوسف في الذمي ، ووجهه ظاهر ; لأن مصلاهم بمنزلة المسجد : فلذا لم يقطع ، بخلاف الحرز فيقطع ; لأنه لا تأويل له ، إلا أن يقال تأويل غيره يكفي في وجود الشبهة فلا يقطع تأمل . وفي النهر : ولو سرق دراهم عليها تمثال قطع ; لأنه إنما أعد للتمول فلا يثبت فيه تأويل

التالي السابق


الخدمات العلمية