صفحة جزء
[ ص: 104 ] باب كيفية القطع وإثباته ( تقطع يمين السارق من زنده ) هو مفصل الرسغ ( وتحسم ) وجوبا ، وعند الشافعي ندبا فتح ( إلا في حر وبرد شديدين ) فلا تقطع لأن الحد زاجر لا متلف ، ويحبس ليتوسط الأمر ( وثمن زيته ومؤنته ) كأجرة حداد وكلفة حسم ( على السارق ) عندنا لتسببه ، بخلاف أجرة المحضر للخصوم ففي بيت المال ، وقيل على المتمرد شرح وهبانية . قلت : وفي قضاء الخانية هو الصحيح ، لكن في قضاء البزازية : وقيل على المدعي وهو الأصح كالسارق ( ورجله اليسرى من الكعب إن عاد ، فإن عاد ) ثالثا ( لا ، وحبس ) وعزر أيضا بالضرب ( حتى يتوب ) أي تظهر أمارات التوبة شرح وهبانية ، وما روي يقطع ثالثا ورابعا إن صح حمل على السياسة أو نسخ


[ ص: 104 ] باب كيفية القطع وإثباته لما كان القطع حكم السرقة ذكره عقبها ; لأن حكم الشيء يعقبه بحر ( قوله تقطع يمين السارق ) أي ولو كانت شلاء أو مقطوعة الأصابع أو الإبهام ، وإن كانت اليمنى مقطوعة قبل ذلك قطعت رجله اليسرى ، فإن كانت رجله اليسرى مقطوعة قبل ذلك لم يقطع ويضمن السرقة ويحبس حتى يتوب جوهرة ( قوله من زنده ) بفتح الزاي وسكون النون ( قوله هو مفصل الرسغ ) الإضافة بيانية . قال في النهر من مفصل الزند وهو الرسغ : قال الجوهري : الزند موصل طرف الذراع وهما زندان الكوع والكرسوع فالكوع طرف الزند الذي يلي الإبهام . والكرسوع : طرف الزند الذي يلي الخنصر . ا هـ . ح ( قوله وتحسم ) بالحاء المهملة : أي تكوى بزيت مغلي ونحوه نهر ، ومثله في المغرب . وقال مسكين : الحسم الكي بحديدة محماة لئلا يسيل دمه ( قوله وجوبا ) أي كما يفيده قول الهداية ; لأنه لو لم يحسم يؤدي إلى التلف فتح ، وقد صرح به القهستاني ( قوله إلا في حر وبرد شديدين ) وإلا في حال مرض مفتاح ، وقيده في البناية بالمرض الشديد أفاده ط عن الحموي ( قوله فلا يقطع ) إنما ذكره ليفيد أن الاستثناء من قوله تقطع لا من قوله تحسم وإن قرب ذكره ط ( قوله ليتوسط الأمر ) أي أمر الحر والبرد ( قوله ومؤنته ) أي مؤنة القطع : أي ما ينفق فيه ، وبينها بقوله كأجرة حداد : أي من يباشر الحد وهو القطع هنا ، وقوله وكلفة حسم يشمل ثمن الزيت وكذا ثمن حطب وأجرة إناء يغلي فيه الزيت .

[ تنبيه ] يسن عند الشافعي وأحمد تعليق يده في عنقه ; لأنه عليه الصلاة والسلام أمر به . وعندنا ذلك مطلق للإمام إن رآه ، ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم في كل من قطعه ليكون سنة فتح ( قوله كالسارق ) محل هذه الكلمة عقب قوله على المتمرد : قال في شرح الوهبانية : قيل أجرة المشخص أي المحضر للخصوم في بيت المال ، وقيل على المتمرد كالسارق إذا قطعت يده فأجرة الحداد والدهن الذي تحسم به العروق على السارق ; لأنه المتسبب . ا هـ . ح ( قوله من الكعب ) أي لا من نصف القدم من مقعد الشراك خلافا للروافض ( قوله إن عاد ) أي بعدما قطعت يمينه وإلا بأن سرق مرات قبل القطع تقطع يمينه للكل ; لأنه يكتفى بحد واحد لجنايات اتحد جنسها كما تقدم بيانه قبيل باب التعزير ( قوله حتى يتوب إلخ ) أي أو يموت فتح : وفي القهستاني : ومدة التوبة مفوضة إلى رأي الإمام وقيل ممتدة إلى أن يظهر سيما الصالحين في وجهه ، وقيل يحبس سنة ، وقيل إلى أن يموت كما في الكفاية ا هـ ( قوله ثالثا ورابعا ) أي اليد اليسرى ثم الرجل اليمنى ( قوله إن صح حمل على السياسة أو نسخ ) أشار إلى ما قاله الإمام الطحاوي : تتبعنا هذه الآثار فلم نجد لشيء منها أصلا ، قال في الفتح : وفي المبسوط الحديث غير صحيح . ولئن سلم [ ص: 105 ] يحمل على الانتساخ ; لأنه كان في الابتداء تغليظ في الحدود كقطع أيدي العرنيين وأرجلهم وسمر أعينهم .

ثم قال في الفتح بعد نقله : مثل مذهبنا عن علي وابن عباس وعمر أن هذا قد ثبت ثبوتا لا مرد له ، وبعيد أن يقطع صلى الله عليه وسلم أربعة السارق ثم يقتله ولا يعلمه مثل علي وابن عباس وعمر من الصحابة الملازمين ، ولو غابوا لا بد من علمهم عادة ، فامتناع علي رضي الله تعالى عنه إما لضعف ما مر أو لعلمه بأن ذلك ليس حدا مستمرا ، بل من رأى الإمام قتله لما شاهد فيه من السعي بالفساد في الأرض وبعد الطباع عن الرجوع ، فله قتله سياسة فيفعل ذلك القتل المعنوي ا هـ أي أن قطع أربعته قتل معنى ، فإذا رأى أن له قتله سياسة فله قتله معنى ، وهذا يشير إلى ما قدمناه من أن له قتله سياسة في الثالثة تأمل

التالي السابق


الخدمات العلمية