صفحة جزء
[ ص: 105 ] ( كمن سرق وإبهامه اليسرى مقطوعة أو شلاء أو أصبعان منها سواها ) سوى الإبهام ( أو رجله اليمنى مقطوعة أو شلاء ) لم يقطع لأنه إهلاك ، بل يحبس ليتوب . ( ولا يضمن قاطع ) اليد ( اليسرى ) ولو عمدا في الصحيح نهر ( إذا أمر بخلافه ) لأنه أتلف وأخلف من جنسه [ ص: 106 ] ما هو خير منه ; وكذا لو قطعه غير الحداد في الأصح .


( قوله كمن سرق إلخ ) أي كما لا يقطع بل يحبس حتى يتوب من سرق إلخ ; لأن القطع حينئذ تفويت جنس المنفعة بطشا وذلك إهلاك ، وفوت الأصبعين منها يقوم مقام فوت الإبهام في نقصان البطش ، بخلاف فوت واحدة غير الإبهام . لم قيد باليسرى ; لأن اليمنى لو كانت شلاء أو ناقصة الأصابع قطع في ظاهر الرواية ; لأن استيفاء الناقص عند تعذر الكامل جائز نهر ( قوله أو رجله اليمنى مقطوعة ) قيد بقطعها ; لأن المقطوع لو كان هو الأصابع منها ، فإن استطاع المشي قطعت يده وإلا لا كما في البحر عن السراج ; وقيد باليمنى ; لأنه لو كانت رجله اليسرى مقطوعة قطع . قال في كافي الحاكم : وإن كانت رجله اليسرى شلاء قطعت يده اليمنى ا هـ فلو يده اليمنى أيضا مقطوعة لم يقطع كما قدمناه أول الباب ( قوله لم يقطع ) أي لم يقطع يده اليمنى في جميع ما ذكر كما نص عليه في غاية البيان ، خلافا لما يوهمه كلام العيني والنهر ، حيث قالا لا تقطع رجله اليسرى . ا هـ .

وأجاب ابن الشلبي بأنه محمول على ما إذا سرق ثانيا ، والحال أن رجله اليمنى مقطوعة فإنه حينئذ لا تقطع رجله اليسرى . قال : وهذا الحمل صحيح ، لكنه بعيد مخالف لما يقتضيه سياق الكلام ( قوله ; لأنه إهلاك ) أي بتفويت جنس منفعة البطش أو المشي ; لأنه إذا لم يكن له يد ورجل من طرف واحد لم يقدر على المشي أصلا ، بخلاف ما إذا كان من طرفين فإنه حينئذ يضع العصا تحت إبطه ابن كمال ( قوله ولا يضمن ) غير أنه يؤدب نهر : أي إن كان عمدا بحر عن الفتح ( قوله ولو عمدا ) هذا عند الإمام ، وقالا : إنه يضمن في العمد أرش اليسار . وقال زفر : يضمن مطلقا أي في العمد والخطأ ، والمراد بالخطأ هو الخطأ في الاجتهاد من القاطع في أن قطعها يجزي نظرا إلى إطلاق النص . أما الخطأ في معرفة اليمين من اليسار فلا يجعل عفوا ; لأنه بعيد يتهم به مدعيه : وقيل يجعل عفوا . قال في المصفى : هو الصحيح والقياس . ما قاله زفر نهر ( قوله في الصحيح ) ظاهره أنه تصحيح لقول الإمام في شموله العمد والخطأ ، وهذا لم يذكره في النهر ، وإنما الذي فيه تصحيح القول بجعل الخطإ عفوا على التفسير الثاني من تفسيري الخطأ كما سمعت من عبارة النهر ، نعم ظاهر الرواية وغيرها اعتماد قول الإمام وهو ظاهر إطلاق المتون فافهم ( قوله إذا أمر بخلافه ) أي بأن أمره الحاكم بقطع اليمين فقطع اليسرى ، أما لو أطلق وقال اقطع يده ولم يعين اليمنى فلا ضمان على القاطع اتفاقا لعدم المخالفة ، إذ اليد تطلق عليهما ; وكذا لو أخرج السارق يده فقال هذه يميني ; لأنه قطعه بأمره بحر .

[ تنبيه ] لم يبين المصنف أن هذا القطع وقع حدا أم لا ، قيل نعم فلا ضمان على السارق لو استهلك العين ، وقيل لا فيضمن في العمد والخطإ كما في البحر والنهر ( قوله ; لأنه أتلف وأخلف إلخ ) أي فلا يعد إتلافا ، كمن شهد على غيره يبيع ماله بمثل قيمته ثم رجع هداية ، إنما قلنا إنه أخلف ; لأن اليمنى كانت على شرف الزوال فكانت [ ص: 106 ] كالفائتة فأخلفها إلى خلف استمرارها ، بخلاف ما لو قطع رجله اليمنى أي حيث يضمن ; لأنه وإن امتنع به قطع يده لكن لم يعوضه من جنس ما أتلف عليه من المنفعة ; لأن منفعة البطش ليست من جنس منفعة المشي ، وأما إن قطع رجله اليسرى فلأنه لم يعوض عليه شيئا فتح ( قوله وكذا لو قطعه غير الحداد ) أي بعد أمر القاضي الحداد ، أما إذا صدر ذلك قبل الأمر أصلا فهو ما ذكره بعد ط . والحاصل أن القاضي إذا أمر الحداد بقطعه فقطع اليسرى الحداد أو غيره لا يضمن ( قوله في الأصح ) قال في الفتح : احتراز عما ذكر الإسبيجابي في شرحه لمختصر الطحاوي حيث قال هذا كله إذ قطع الحداد بأمر السلطان . ولو قطع يساره غيره ، ففي العمد القصاص ، وفي الخطإ الدية

التالي السابق


الخدمات العلمية