صفحة جزء
( فإن عطلها صاحبها وكان خراجها موظفا أو أسلم ) صاحبها ( أو اشترى مسلم ) من ذمي ( أرض خراج ) يجب الخراج ( ولو منعه إنسان من الزراعة أو كان الخارج ) خراج ( مقاسمة لا ) يجب شيء سراج ، وقد علمت أن المأخوذ [ ص: 192 ] من أراضي مصر أجرة لا خراج فما يفعل الآن من الأخذ من الفلاح وإن لم يزرع ويسمى ذلك فلاحة وإجباره على السكنى في بلدة معينة يعمر داره ويزرع الأرض حرام بلا شبهة نهر ونحوه في الشرنبلالي معزيا للبحر حيث قال : وتقدم أن مصر الآن ليست خراجية بل بالأجرة فلا شيء على من لم يزرع ولم يكن مستأجرا ، ولا جبر عليه بتسييبها ، فما يفعله الظلمة من الإضرار به حرام خصوصا إذا أراد الاشتغال بالعلم ، وقالوا لو زرع الأخس قادرا على الأعلى كزعفران فعليه خراج الأعلى وهذا يعلم ولا يفتى به كي لا يتجرأ الظلمة .


( قوله فإن عطلها صاحبها ) أي عطل الأرض الصالحة للزراعة در منتقى . قلت : في الخانية : له في أرض الخراج أرض سبخة لا تصلح للزراعة أو لا يصلها الماء ، إن أمكنه إصلاحها ولم يصلح فعليه الخراج إلا فلا . ا هـ .

ومن التعطيل من وجه ما لو زرع الأخس مع قدرته على الأعلى كما مر . قلت : ويستثنى من التعطيل ما ذكره في الإسعاف في فصل أحكام المقابر والربط لو جعل أرضه مقبرة أو خانا للغلة أو مسكنا سقط الخراج عنه ، وقيل لا يسقط والصحيح هو الأول وعليه مشى في المنظومة المحبية . مطلب فيما لو عجز المالك عن زراعة الأرض الخراجية

وبقي ما لو عجز مالكها عن الزراعة لعدم قوته وأسبابه فللإمام أن يدفعها لغيره مزارعة ليأخذ الخراج من نصيب المالك ويمسك الباقي للمالك ، وإن شاء آجرها وأخذ الخراج من الأجرة ، وإن شاء زرعها من بيت المال ، فإن لم يتمكن باعها وأخذ الخراج من ثمنها . قال في النهاية : وهذا بلا خلاف لأنه من باب صرف الضرر العام بالضرر الخاص ، وعن أبي يوسف يدفع للعاجز كفايته من بيت المال قرضا ليعمل فيها زيلعي ، وفي الذخيرة : لو عادت قدرة مالكها ردها الإمام عليه إلا في البيع . ( قوله يجب الخراج ) أما في التعطيل فلأن التقصير جاء من جهته ، وأما فيما بعده فلأن الخراج فيه معنى المؤنة فأمكن إبقاؤه على المسلم ، وقد صح أن الصحابة اشتروا أراضي الخراج وكانوا يؤدون خراجها وتمامه في الفتح ( قوله لا يجب شيء ) لأنه إذا منع ولم يقدر على دفعه لم يتمكن من الزراعة ولأن خراج المقاسمة يتعلق بعين الخارج مثل العشر فإذا لم يزرع مع القدرة لم يوجد الخارج بخلاف خراج الوظيفة لأنه يجب في الذمة بمجرد التمكن من الزراعة . مطلب لو رحل الفلاح من قرية لا يجبر على العود

( قوله وقد علمت إلخ ) حاصله دفع ما يتوهم من قولهم : لو عطلها صاحبها يجب الخراج أنه لو ترك الزراعة لعذر أو لغيره أو رحل من القرية يجبر على الزراعة والعود وليس كذلك ; أما أولا فلما علمت من قولهم إن الإمام [ ص: 192 ] يدفعها لغيره مزارعة أو بالأجرة أو يبيعها ولم يقولوا بإجبار صاحبها ، وأما ثانيا فلما مر من أن الأراضي الشامية خراجها مقاسمة لا وظيفة فلا يجب بالتعطيل أصلا ، وأما ثالثا فلأنها لما صارت لبيت المال صار المأخوذ منها أجرة بقدر الخراج ، والأجرة لا تلزم هنا بدون التزام ، إما بعقد الإجارة أو بالزراعة . قال الخير الرملي في حاشية البحر أقول : رأيت بعض أهل العلم أفتى بأنه إذا رحل الفلاح من قريته ولزم خراب القرية برحيله أنه يجبر على العود وربما اغتر به بعض الجهلة ، وهو محمول على ما إذا رحل لا عن ظلم وجور ولا عن ضرورة بل تعنتا وأمر السلطان بإعادته للمصلحة وهي صيانة القرية عن الخراب ، ولا ضرر عليه في العود ، وأما ما يفعله الظلمة الآن من الإلزام بالرد إلى القرية مع التكاليف الشاقة والجور المفرط فلا يقول به مسلم ، وقد جعل الحصني الشافعي في ذلك رسالة أقام بها الطامة على فاعل ذلك فارجع إليها إن شئت ( قوله كي لا يتجرأ الظلمة ) قال في العناية : ورد بأنه كيف يجوز الكتمان وأنهم لو أخذوا كان في موضعه لكونه واجبا أجيب بأنا لو أفتينا بذلك لادعى كل ظالم في أرض ليس شأنها ذلك أنها قبل هذا كانت تزرع الزعفران فيأخذ خراج ذلك ، وهو ظلم وعدوان . ا هـ .

التالي السابق


الخدمات العلمية