صفحة جزء
( والإمام يصير إماما ) بأمرين ( بالمبايعة من الأشراف والأعيان ، وبأن ينفذ حكمه في رعيته خوفا من قهره وجبروته ، فإن بايع الناس ) الإمام ( ولم ينفذ حكمه فيهم لعجزه ) عن قهرهم ( لا يصير إماما ، فإذا صار إماما فجار لا ينعزل إن ) كان ( له قهر وغلبة ) لعوده بالقهر فلا يفيد - [ ص: 264 ] ( وإلا ينعزل به ) لأنه مفيد خانية ، وتمامه في كتب الكلام


( قوله : والإمام ) أي الإمام الحق الذي ذكره أولا ولم يذكر شروطه استغناء بما قدمه في باب الإمامة من كتاب الصلاة وقدمنا الكلام عليها هناك فراجعها .

مطلب الإمام يصير إماما بالمبايعة أو بالاستخلاف ممن قبله ( قوله : يصير إماما بالمبايعة ) وكذا باستخلاف إمام قبله وكذا بالتغلب والقهر كما في شرح المقاصد . قال في المسايرة : ويثبت عقد الإمامة إما باستخلاف الخليفة إياه كما فعل أبو بكر رضي الله تعالى عنه ، وإما ببيعة جماعة من العلماء أو من أهل الرأي والتدبير . وعند الأشعري يكفي الواحد من العلماء المشهورين من أولي الرأي بشرط كونه بمشهد شهود لدفع الإنكار إن وقع . وشرط المعتزلة خمسة . وذكر بعض الحنفية اشتراط جماعة دون عدد مخصوص ا هـ ثم قال : لو تعذر وجود العلم والعدالة فيمن تصدى للإمامة وكان في صرفه عنها إثارة فتنة لا تطاق حكمنا بانعقاد إمامته كي لا تكون كمن يبني قصرا ويهدم مصرا ، وإذا تغلب آخر على المتغلب وقعد مكانه انعزل الأول وصار الثاني إماما وتجب طاعة الإمام عادلا كان أو جائرا إذا لم يخالف الشرع ، فقد علم أنه يصير إماما بثلاثة أمور ، لكن الثالث في الإمام المتغلب وإن لم تكن في شروط الإمامة ، وقد يكون بالتغلب مع المبايعة وهو الواقع في سلاطين الزمان نصرهم الرحمن .

( قوله : وبأن ينفذ حكمه ) أي يشترط مع وجود المبايعة نفاذ حكمه وكذا هو شرط أيضا مع الاستخلاف فيما يظهر ، بل يصير إماما بالتغلب ونفاذ الحكم والقهر بدون مبايعة أو استخلاف كما علمت ( قوله : فلا يفيد ) أي لا يفيد عزله [ ص: 264 ] مطلب فيما يستحق به الخليفة العزل ( قوله : وإلا ينعزل به ) أي إن لم يكن له قهر ومنعة ينعزل به أي بالجور . قال في شرح المقاصد : ينحل عقد الإمامة بما يزول به مقصود الإمامة كالردة والجنون المطبق ، وصيرورته أسيرا لا يرجى خلاصه ، وكذا بالمرض الذي ينسيه المعلوم ، وبالعمى والصمم والخرس ، وكذا بخلعه نفسه لعجزه عن القيام بمصالح المسلمين وإن لم يكن ظاهرا بل استشعره من نفسه ، وعليه يحمل خلع الحسن نفسه . وأما خلعه لنفسه بلا سبب ففيه خلاف ، وكذا في انعزاله بالفسق . والأكثرون على أنه لا ينعزل ، وهو المختار من مذهب الشافعي وأبي حنيفة رحمهما الله تعالى . وعن محمد روايتان ، ويستحق العزل بالاتفاق . ا هـ . وقال في المسايرة : وإذا قلد عدلا ثم جار وفسق لا ينعزل ولكن يستحق العزل إن لم يستلزم فتنة . ا هـ . وفي المواقف وشرحه : إن للأمة خلع الإمام وعزله بسبب يوجبه ، مثل أن يوجد منه ما يوجب اختلال أحوال المسلمين وانتكاس أمور الدين كما كان لهم نصبه وإقامته لانتظامها وإعلائها ، وإن أدى خلعه إلى فتنة احتمل أدنى المضرتين . ا هـ . .

التالي السابق


الخدمات العلمية