صفحة جزء
[ ص: 286 ] كتاب الآبق مناسبته عرضية التلف والزوال : والإباق : انطلاق الرقيق تمردا ، كذا عرفه ابن الكمال ليدخل الهارب من مؤجره ومستعيره ومودعه ووصيه . [ ص: 287 ] ( أخذه فرض إن خاف ضياعه ، ويحرم ) أخذه ( لنفسه ، ويندب ) أخذه ( إن قوي عليه ) وإلا فلا ندب لما في البدائع : حكم أخذه كلقطة


كتاب الآبق اسم فاعل من أبق كضرب وسمع ومنع قاموس ، والأكثر الأول مصباح ، ومصدره أبق ويحرك وإباق ككتاب وجمعه ككفار وركع قاموس ( قوله : مناسبته ) أي مناسبة الآبق للقيط واللقطة ، عرضية التلف : أي الهلاك والزوال أي زوال يد المالك : أي توقع عروض الأمرين أو أحدهما في الثلاثة ، وهو وجه ذكرها عقب الجهاد ، فإن الأنفس والأموال فيه على شرف الزوال كما مر . واعترض في الفتح بأن عرضية ذلك في الآبق بفعل فاعل مختار ، فالأولى ذكره عقب الجهاد . وأجاب في البحر بأن خوف التلف من حيث الذات في اللقيط أكثر من اللقطة فذكرا عقبه ، وأما التلف في الآبق فمن حيث الانتفاع للمولى لا من حيث الذات ; لأنه لو لم يعد إلى مولاه لا يموت ، بخلاف اللقيط فإنه لصغره إن لم يرفع يموت فالأنسب ترتيب المشايخ ( قوله : والإباق انطلاق الرقيق تمردا ) وهو في اللغة الهرب كما في المغرب . والتمرد : الخروج عن الطاعة احترز به عن الضال : وهو المملوك الذي ضل عن الطريق إلى منزل سيده بلا قصد ( قوله : من مؤجره ) بفتح الجيم . ا هـ . ح أي مستأجره ، ولو عبر لكان أولى ط ( قوله : ومودعه ) بفتح الدال . ا هـ . ح .

( قوله : ووصيه ) أي الوصي عليه بأن مات سيده عن أولاد صغار وأقام هو أو القاضي عليهم وصيا ، فإن العبد يكون داخلا تحت وصايته [ ص: 287 ] قوله : أخذه فرض إن خاف ضياعه ) أي إن غلب على ظنه ذلك ، وهذا ذكره في البحر أخذا من عبارة البدائع ويأتي ما فيه . وذكر في الفتح بحثا فتبعه المصنف ( قوله : ويندب أخذه إن قوي عليه ) عبارة كافي الحاكم : وإذا وجد عبدا آبقا وهو قوي على أخذه قال يسعه تركه وأحب إلي أن يأخذه فيرده على صاحبه ا هـ ومفهومه أن قيد القوة على أخذه تأكيد لإفادة جواز الترك وأنه لا يجب أخذه بل يندب ، فهو في الحقيقة لدفع توهم الوجوب عند القوة عليه . وبه اندفع ما أورد على المصنف من أن هذا الشرط لا يخص ما نحن فيه بل هو عام في سائر التكليف . على أن كون القدرة شرطا عاما لا يوجب عدم ذكرها في معرض بيان الأحكام . قال تعالى { - ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا - } ولم يصرح باشتراط عدم خوف ضياعه لعلمه من قوله فرض إن خاف ضياعه فافهم ( قوله : لما في البدائع إلخ ) تعليل لقوله أخذه فرض إن خاف ضياعه إلخ ، وقد تبع في ذلك البحر . واعترضه في النهر بأنه قدم عن البدائع أن القول بفرضية أخذ اللقطة عند خوف الضياع قول الشافعي ، فقول البدائع هنا إن حكم أخذ الآبق كحكم اللقطة لا يدل على فرضية أخذه عندنا ، نعم في الفتح .

يمكن أن يجري فيه التفصيل في اللقطة بين أن يغلب على ظنه تلفه على المولى إن لم يأخذه مع قدرة تامة عليه فيجب أخذه وإلا فلا ا هـ .

قلت : لكن تقدم أن ما نسبه في البدائع إلى الشافعي مذهبنا ، فقوله هنا حكمه كحكم اللقطة يفيد أنه إذا كان أخذها واجبا يكون أخذه مثلها ، وقد صرح في غير البدائع بأن أخذها واجب فأخذ الآبق كذلك فليتأمل .

التالي السابق


الخدمات العلمية