صفحة جزء
( ولكل من شريكي العنان والمفاوضة أن يستأجر ) من يتجر له أو يحفظ المال ( ويبضع ) أي يدفع المال بضاعة ، بأن يشترط الربح لرب المال ( ويودع ) [ ص: 317 ] ويعير ( ويضارب ) لأنها دون الشركة فتضمنتها ( ويوكل ) أجنبيا ببيع وشراء ، ولو نهاه المفاوض الآخر صح نهيه بحر ( ويبيع ) بما عز وهان خلاصة ( بنقد ونسيئة ) بزازية ( ويسافر ) بالمال له حمل أو لا هو الصحيح ، خلافا للأشباه .

وقيل : إن له حمل يضمن وإلا لا ظهيرية ، ومؤنة السفر والكراء من رأس المال إن لم يربح خلاصة .


( قوله ولكل من شريكي العنان إلخ ) هذا كله عند عدم النهي . ففي الفتح : وكل ما كان لأحدهما إذا نهاه عنه شريكه لم يكن له فعله ; ولهذا لو قال له اخرج لدمياط ولا تجاوزها فجاوزها فهلك المال ضمن حصة شريكه ; لأنه نقل حصته بغير إذنه ، وكذا لو نهاه عن بيع النسيئة بعد ما كان أذن له فيه . ا هـ .

قلت : وسيأتي في المضاربة أنه إذا صار المال عروضا لا يصح نهي المضارب عن البيع نسيئة ; لأنه لا يملك عزله في هذه الحالة . وظاهره أن الشركة ليست كذلك ; لأنه يملك فسخها مطلقا كما سيأتي في الفصل ( قوله : ويبضع إلخ ) في القاموس : الباضع الشريك ا هـ والمراد هنا دفع المال لآخر ليعمل فيه على أن يكون الربح لرب المال ولا شيء [ ص: 317 ] للعامل بحر ( قوله : ويعير ) فلو أعار دابة فعطبت تحت المستعير فالقياس أن يضمن المعير نصف شريكه ، ولكني أستحسن أن لا أضمنه ، وهذا قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد ، وكذلك لو أعار ثوبا أو دارا أو خادما بحر عن كافي الحاكم ( قوله : ويضارب ) أي يدفع المال مضاربة وهو الأصح .

أما إذا أخذ مالا مضاربة ، فإن أخذه ليتصرف فيما ليس من تجارتهما فالربح له خاصة ، وكذا فيما هو من تجارتهما إذا كان بحضرة صاحبه ، ولو مع غيبته أو مطلقا كان الربح بينهما نصفه لشريكه ونصفه بين المضارب ورب المال ، كذا في المحيط نهر ، وقوله أو مطلقا : أي عن التقييد بكونه من تجارتهما ( قوله : لأنها ) أي المضاربة دون الشركة لكون الوضيعة تلزم الشريك ولا تلزم المضارب فتتضمن الشركة المضاربة فتح ( قوله : ويوكل ) ; لأن التوكيل بالبيع والشراء من أعمال التجارة ، والشركة انعقدت لها ، بخلاف الوكيل صريحا بالشراء ليس له أنه يوكل به ; لأنه عقد خاص طلب به شراء شيء بعينه فلا يستتبع مثله فتح ( قوله ولو نهاه المفاوض الآخر ) التقييد بالمفاوض وبكون النهي عن التوكيل اتفاقي لما مر أن كل ما كان لأحدهما فعله يصح نهي الآخر عنه ط .

أقول : سياق كلام البحر يقتضي أن هذا خاص بالمفاوضة خلافا لما فهمه ح كما يعلم من مراجعة البحر لكن يخالفه ما في الخانية في فصل العنان : ولو وكل أحدهما رجلا في بيع أو شراء وأخرجه الآخر عن الوكالة صار خارجا عنها ، فإن وكل البائع رجلا يتقاضى ثمن ما باع فليس للآخر أن يخرجه عن الوكالة ا هـ أي ليس لأحدهما قبض ثمن ما باعه الآخر ولا المخاصمة فيه كما يأتي قريبا فكذا ليس له إخراج وكيله بالقبض .

ثم لا يخفى أن الضمير المنصوب في قول الشارح ولو نهاه عائد إلى الوكيل كما هو صريح عبارة الخانية لا إلى الموكل حتى يكون النهي عن التوكيل ويكون التقييد فيه اتفاقيا فافهم ( قوله : ويبيع بما عز وهان ) أي له أن يبيع بثمن زائد وناقص ، قيد بالبيع ; لأن الشراء لا يجوز إلا بالمعروف كما في الرملي عن المنح عن الجوهرة وسيذكر الشارح في كتاب الوكالة أن الوكيل له البيع بما قل أو كثر وبالعرض ، وخصاه بالقيمة والنقود ، وبه يفتى بزازية ا هـ ومقتضاه أن المفتى به هنا كذلك لكن ذكر العلامة قاسم هناك تصحيح قول الإمام وإنه أصح الأقاويل فافهم ، وفي البحر عن البزازية : وإن باع أحدهما متاعا ورد عليه فقبله جاز ولو بلا قضاء ، وكذا لو حط أو أخر من عيب وإن بلا عيب جاز في حصته وكذا لو وهب ; ولو أقر بعيب في متاع باعه جاز عليهما . ا هـ . ويأتي تمام ذلك قبيل قوله وهو أمين ( قوله : وبنقد ونسيئة ) متعلق بقوله ويبيع .

وأما الشراء ، فإن لم يكن في يده دراهم ولا دنانير من الشركة فاشترى بدراهم أو دنانير فهو له خاصة ; لأنه لو وقع مشتركا تضمن إيجاب مال زائد على الشريك وهو لم يرض بالزيادة على رأس المال والوالجية ومفاده أنه لو رضي وقع مشتركا ; لأنه يملك الاستدانة بإذن شريكه كما قدمناه عن البحر عن المحيط ومنه ما سيأتي قبيل الفروع عن الأشباه ويأتي تمامه ، وما مر من التفصيل في الشراء إنما هو في شركة العنان أما في المفاوضة فهو عليهما مطلقا كما في الخانية .

( قوله : خلافا للأشباه ) الذي فيها هو ما نقله عقبه عن الظهيرية ( قوله : ومؤنة السفر إلخ ) أي ما أنفقه على نفسه من كرائه ونفقته وطعامه وإدامه من جملة رأس المال في رواية الحسن عن أبي حنيفة قال محمد : وهذا استحسان ، فإن ربح تحسب النفقة من الربح وإن لم يربح كانت من رأس المال خانية .

التالي السابق


الخدمات العلمية