صفحة جزء
( و ) يطهر ( زيت ) تنجس ( بجعله صابونا ) به يفتى للبلوى . كتنور رش بماء نجس [ ص: 316 ] لا بأس بالخبز فيه ( كطين تنجس فجعل منه كوز بعد جعله على النار ) يطهر إن لم يظهر فيه أثر النجس بعد الطبخ ذكره الحلبي .


( قوله : ويطهر زيت إلخ ) قد [ ص: 316 ] ذكر هذه المسألة العلامة قاسم في فتاواه ، وكذا ما سيأتي متنا وشرحها من مسائل التطهير بانقلاب العين ، وذكر الأدلة على ذلك بما لا مزيد عليه ، وحقق ودقق كما هو دأبه رحمه الله تعالى ، فليراجع .

ثم هذه المسألة قد فرعوها على قول محمد بالطهارة بانقلاب العين الذي عليه الفتوى واختاره أكثر المشايخ خلافا لأبي يوسف كما في شرح المنية والفتح وغيرهما . وعبارة المجتبى : جعل الدهن النجس في صابون يفتى بطهارته ; لأنه تغير والتغير يطهر عند محمد ويفتى به للبلوى . ا هـ . وظاهره أن دهن الميتة كذلك لتعبيره بالنجس دون المتنجس إلا أن يقال هو خاص بالنجس ; لأن العادة في الصابون وضع الزيت دون بقية الأدهان تأمل ، ثم رأيت في شرح المنية ما يؤيد الأول حيث قال : وعليه يتفرع ما لو وقع إنسان أو كلب في قدر الصابون فصار صابونا يكون طاهرا لتبدل الحقيقة . ا هـ .

ثم اعلم أن العلة عند محمد هي التغير وانقلاب الحقيقة وأنه يفتى به للبلوى كما علم مما مر ، ومقتضاه عدم اختصاص ذلك الحكم بالصابون ، فيدخل فيه كل ما كان فيه تغير وانقلاب حقيقة وكان فيه بلوى عامة ، فيقال : كذلك في الدبس المطبوخ إذا كان زبيبه متنجسا ولا سيما أن الفأر يدخله فيبول ويبعر فيه وقد يموت فيه ، وقد بحث كذلك بعض شيوخ مشايخنا فقال : وعلى هذا إذا تنجس السمسم ثم صار طحينة يطهر ، خصوصا وقد عمت به البلوى وقاسه على ما إذا وقع عصفور في بئر حتى صار طينا لا يلزم إخراجه لاستحالته .

قلت : لكن قد يقال : إن الدبس ليس فيه انقلاب حقيقة ; لأنه عصير جمد بالطبخ ; وكذا السمسم إذا درس واختلط دهنه بأجزائه ففيه تغير وصف فقط ; كلبن صار جبنا ، وبر صار طحينا ، وطحين صار خبزا ; بخلاف نحو خمر صار خلا وحمار وقع في مملحة فصار ملحا ، وكذا دردي خمر صار طرطيرا وعذرة صارت رمادا أو حمأة ، فإن ذلك كله انقلاب حقيقة إلى حقيقة أخرى لا مجرد انقلاب وصف كما سيأتي - والله أعلم - . ( قوله : رش بماء نجس ) أي : أو بال فيه صبي أو مسح بخرقة مبتلة نجسة حلية . ( قوله : لا بأس بالخبز فيه ) أي : بعد ذهاب البلة النجسة بالنار وإلا تنجس كما في الخانية . ( قوله : ذكره الحلبي ) وعلله بقوله لاضمحلال النجاسة بالنار وزوال أثرها

التالي السابق


الخدمات العلمية