صفحة جزء
[ ص: 442 ] فلو أقر المشروط له الريع أو النظر أنه يستحقه فلان دونه صح ، ولو جعله لغيره لا وسيجيء آخر الإقرار [ ص: 443 ] ولا يكفي صرف الناظر لثبوت استحقاقه بل لا بد من إثبات نسبه وسيجيء في دعوى ثبوت النسب .


مطلب في المصادقة على النظر

( قوله : أو النظر ) أفاد أن الإقرار بالنظر مثل الإقرار بريع الوقف : أي غلته ، فلو أقر الناظر أن فلانا يستحق معه نصف النظر مثلا يؤاخذ بإقراره ويشاركه فلان في وظيفته ما داما حيين بقي لو مات أحدهما فإن كان هو المقر فالحكم ظاهر وهو بطلان الإقرار وانتقال النظر لمن شرط له الواقف بعده ، وأما لو مات المقر له فهي مسألة تقع كثيرا وقد سئلت عنها مرارا . والذي يقتضيه النظر بطلان الإقرار أيضا لكن لا تعود الحصة المقر بها إلى المقر لما مر وإنما يوجهها القاضي للمقر أو لمن أراد من أهل الوقف لأنا صححنا إقراره حملا على أن الواقف هو الذي جعل ذلك للمقر له كما مر عن الخصاف ، فيصير كأنه جعل النظر لاثنين قال في الأشباه : وما شرطه لاثنين ليس لأحدهما الانفراد ، وإذا مات أحدهما أقام القاضي غيره ، وليس للحي الانفراد إلا إذا أقامه كما في القاضي كما في الإسعاف ا هـ ولا يمكن هنا القول بانتقال ما أقر به إلى المساكين كما قلنا في الإقرار بالغلة إذ لا حق لهم في النظر وإنما حقهم في الغلة فقط هذا ما حررته في تنقيح الحامدية ولم أر من نبه عليه فاغتنمه ( قوله : صح ) أي الإقرار المذكور والمراد أنه يؤاخذ بإقراره حيث أمكن تصحيحه ، أما لو كان في نفس الأمر أقر كاذبا لا يحل للمقر له شيء مما أقر به كما صرحوا في غير هذا المحل إذ الإقرار إخبار لا تمليك على أن التمليك هنا غير صحيح . مطلب في جعل النظر أو الريع لغيره .

( قوله : ولو جعله لغيره لا ) أي لا يصير لغيره لأن تصحيح الإقرار إنما هو معاملة له بإقراره على نفسه من حيث ظاهر الحال تصديقا له في إخباره مع إمكان تصحيحه حملا على أن الواقف هو الذي جعل ذلك للمقر له كما مر أما إذا قال المشروط له الغلة ، أو النظر جعلت ذلك لفلان لا يصح لأنه ليس له ولاية إنشاء ذلك من تلقاء نفسه ، وفرق بين الإخبار والإنشاء . نعم لو جعل النظر لغيره في مرض موته يصح إن لم يخالف شرط الواقف لأنه يصير وصيا عنه وكذا لو فرغ عنه لغيره وقرر القاضي ذلك الغير يصح أيضا لأنه يملك عزل نفسه والفراغ عزل ، ولا يصير المفروغ له ناظرا بمجرد الفراغ ، بل لا بد من تقرير القاضي كما حررناه سابقا ، فإذا قرر القاضي [ ص: 443 ] المفروغ له صار ناظرا بالتقرير لا بمجرد الفراغ ، وهذا غير الجعل المذكور هنا فافهم . وأما جعل الريع لغيره فقال ط : إن كان الجعل بمعنى التبرع بمعلومه لغيره ، بأن يوكله ليقبضه له ثم يأخذه لنفسه فلا شبهة في صحة التبرع به وإن كان بمعنى الإسقاط فقال في الخانية : إن الاستحقاق المشروط كإرث لا يسقط بالإسقاط . ا هـ .

قلت : ما عزاه للخانية الله أعلم بثبوته فراجعها . نعم المنقول في الخانية ما سيأتي ، وقد فرق في الأشباه في بحث ما يقبل الإسقاط من الحقوق بين إسقاطه لمعين وغير معين وذكر ذلك في جملة مسائل كثر السؤال عنها ولم يجد فيها نقلا فقال إذا أسقط لمشروط له الريع حقه لا لأحد لا يسقط كما فهمه الطرسوسي بخلاف ما إذا أسقط حقه لغيره ا هـ أي فإنه يسقط ، لكنه ذكر أنه لا يسقط مطلقا في رسالته المؤلفة في بيان ما يسقط من الحقوق ، وما لا يسقط أخذا مما في شهادات الخانية من كان فقيرا من أصحاب المدرسة يكون مستحقا للوقف استحقاقا لا يبطل بإبطاله فلو قال أبطلت حقي كان له أن يأخذه ا هـ

قلت : لكن لا يخفى أن ما في الخانية إسقاط لا لأحد نعم ينبغي عدم الفرق إذ الموقوف عليه الريع إنما يستحقه بشرط الواقف ، فإذا قال أسقطت حقي منه لفلان أو جعلته له يكون مخالفا لشرط الواقف ، حيث أدخل في وقفه ما لم يرضه الواقف لأن هذا إنشاء استحقاق بخلاف إقراره بأنه يستحقه فلان فإنه إخبار يمكن تصحيحه كما مر ، ثم رأيت الخير الرملي أفتى بذلك وقال بعد نقل ما في شهادات الخانية وهذا في وقف المدرسة ، فكيف في الوقف على الذرية المستحقين بشرط الواقف من غير توقف على تقرير الحاكم وقد صرحوا بأن شرط الواقف كنص الشارع فأشبه الإرث في عدم قبوله الإسقاط ، وقد وقع لبعضهم في هذه المسألة كلام يجب أن يحذر . ا هـ . مطلب لا يكفي صرف الناظر لثبوت الاستحقاق

( قوله : ولا يكفي صرف الناطر إلخ ) أي لو ادعى رجل أنه من ذرية الواقف متمسكا بأن الناظر كان يدفع له الاستحقاق ، لا يكفي بل لا بد من إثبات نسبه ، وفي الخيرية في جواب سؤال أن الشهادة بأنه هو وأبوه وجده متصرفون في أربعة قراريط لا يثبت به المدعى كمن ادعى حق المرور أو رقبة الطريق على آخر وبرهن أنه كان يمر في هذه لا يستحق به شيئا كما صرح به غالب علمائنا والشاهد إذا فسر للقاضي أنه يشهد بمعاينة اليد لا تقبل شهادته . وأنواع التصرف كثيرة فلا يحل الحكم بالاستحقاق في غلة الوقف بالشهادة بأنه هو وأبوه وجده متصرفون فقد يكون تصرفهم بولاية أو وكالة أو غصب أو نحو ذلك ، ومما صرحوا به أن دعوى بنوة العم تحتاج إلى ذكر نسبة الأب والأم إلى الجد ليصير معلوما لأن انتسابه بهذه النسبة ليس بثابت عند القاضي ، فيشترط البيان ليعلم لأنه يحصل العلم للقاضي بدون ذكر الجد والمقصود هنا العلم بالنسبة إلى الواقف ، وكونه ابن عم فلان لا يتحقق به استحقاق من وقف الجد الأعلى لتحقق العمومة بأنواع منها العم للأم . ا هـ .

قلت : هذا ظاهر فيما إذا أراد إثبات أنه من ذرية الواقف بمجرد كونه ابن عم فلان الذي هو من ذرية الواقف فحينئذ لا بد من إثبات نسبه إلى الجد الجامع . وأما لو ادعى أنه من ذرية الواقف المستحقين للوقف . فالظاهر أنه يكفي إثبات ذلك بدون ذكر النسب إذا كان الوقف على الذرية لأنه يحصل المقصود بذلك لأنه لا يختلف ذلك بخلاف بنوة العم لأنه قد يكون ابن عم للمتوفى ولا يكون من ذرية الواقف لكونه ابن عم لأم تأمل وسيأتي أنه لو وقف على فقراء قرابته لا بد من إثبات القرابة وبيان جهتها ( قوله وسيجيء في دعوى ثبوت النسب ) أي [ ص: 444 ] في الفروع حيث قال الشارح : ولو أحضر رجلا ليدعي عليه حقا لأبيه وهو مقر به أو لا فله إثبات نسبه عند القاضي بحضرة ذلك الرجلط .

التالي السابق


الخدمات العلمية