صفحة جزء
[ ص: 336 ] ( وأركانه ) أربعة شخص ( مستنج ، و ) شيء ( مستنجى به ) كماء وحجر ( و ) نجس ( خارج ) من أحد السبيلين ، وكذا لو أصابه من خارج وإن قام من موضعه [ ص: 337 ] على المعتمد ( ومخرج ) دبر أو قبل ( بنحو حجر ) مما هو عين طاهرة قالعة لا قيمة لها كمدر ( منق ) ; لأنه المقصود ، فيختار الأبلغ والأسلم عن التلويث ، ولا يتقيد بإقبال وإدبار شتاء وصيفا ( وليس العدد ) ثلاثا ( بمسنون فيه ) بل مستحب ( والغسل ) بالماء إلى أن يقع في قلبه [ ص: 338 ] أنه طهر ما لم يكن موسوسا فيقدر بثلاث كما مر ( بعده ) أي : الحجر ( بلا كشف عورة ) عند أحد ، أما معه فيتركه كما مر ; فلو كشف له صار فاسقا لا لو كشف لاغتسال أو تغوط كما بحثه ابن الشحنة ( سنة ) مطلقا به يفتى سراج


( قوله : وأركانه ) قال المصنف في شرحه ولم أسبق إلى بيانها فيما علمت ا هـ وفيه تسامح ; لأن هذه الأربعة شروط للوجود في الخارج لا أركان ، لما في الحلية : ركن الشيء جانبه الأقوى . وفي الاصطلاح : ماهية الشيء أو جزء منها يتوقف تقومها عليه ، فالشرط والركن متباينان ، لاعتبار الخروج عن ماهية المشروط في ماهية الشرط ; وكون الركن نفس الشيء أو جزأه الداخل فيه . ا هـ . قال ح : وحقيقة الاستنجاء الذي هو إزالة نجس عن سبيل لا تتقوم ولا بواحد من هذه الأربعة .

فإن قلت : قد ذكر النجس في التعريف فهو من أجزاء الماهية قلت : أجزاء التعريف الإزالة وإضافتها إلى النجس لا نفس النجس كما صرحوا به في قولهم : العمى عدم البصر ، فإن أجزاء التعريف العدم وإضافته إلى البصر لا نفس البصر ، ومثله يقال في قوله عن سبيل ، فإن جزء التعريف الإزالة المتعلقة بالسبيل لا السبيل ، وإلا لزم أن تكون الذوات أجزاء من المعنى ، وللزم أن يقال : أركان التيمم متيمم ، متيمم به إلخ ، وكذا في الوضوء وغيره . ا هـ . ( قوله : ونجس خارج إلخ ) أي : ولو غير معتاد كدم أو قيح خرج من أحد السبيلين فيطهر بالحجارة على الصحيح زيلعي . وقيل : لا يطهر إلا بالماء وبه جزم في السراج نهر . ( قوله : وكذا لو أصابه من خارج ) أي : فيطهر بالحجارة . وقيل الصحيح أنه لا يطهر إلا بالغسل زيلعي . قال في البحر : وقد نقلوا هذا التصحيح هنا بصيغة التمريض فالظاهر خلافه ا هـ . قال نوح أفندي : ويوهم أنهم نقلوه في جميع الكتب بها مع أن شارح المجمع والنقاية نقلاه عن القنية بدونها ا هـ .

أقول : يؤيده أن الاكتفاء بالحجارة وارد على خلاف القياس للضرورة ، والضرورة فيما يكثر لا فيما يندر كهذه الصورة ، ثم رأيت ما بحثته في الحلية حيث نقل ما في القنية . ثم قال : وهو الأحسن ; لأن ما ورد على خلاف القياس يقتصر فيه على الوارد ا هـ . لكن ذكر المصنف في شرح زاد الفقير أن ما نقله الزيلعي وغيره عن القنية غير موجود فيها ، وأنه ذكر في الفتاوى الكبرى ومختارات النوازل أن الأصح طهارته بالمسح ، وبه أخذ الفقيه أبو الليث . ا هـ . ( قوله : وإن قام ) أي : المستنجي من موضعه فإنه يطهر بالحجر أيضا قال في السراج : قيل إنما يجزئ الحجر إذا كان الغائط رطبا لم يجف ولم يقم من موضعه ، أما إذا قام من موضعه أو جف الغائط فلا يجزيه إلا الماء ; لأنه بقيامه قبل أن يستنجي بالحجر يزول الغائط عن موضعه ويتجاوز مخرجه ، وبجفافه لا يزيله الحجر فوجب الماء فيه . ا هـ . [ ص: 337 ]

أقول : والتحقيق أنه إن تجاوز عن موضعه بالقيام أكثر من الدرهم أو جف بحيث لا يزيله الحجر فلا بد من الماء إذا أراد إزالته . ( قوله : على المعتمد ) كأنه أخذه من جزمه به في البحر ، وتعبير السراج عن مقابله بقيل . ( قوله : مما هو عين طاهرة إلخ ) قال في البدائع : السنة هو الاستنجاء بالأشياء الطاهرة من الأحجار والأمداد والتراب والخرق البوالي ا هـ . ( قوله : لا قيمة لها ) يستثنى منه الماء كما في حاشية أبي السعود . ( قوله : كمدر ) بالتحريك : قطع الطين اليابس قاموس ومثله الجدار إلا جدار غيره كالوقف ونحوه كما في شرح النقاية للقاري ، لكن ذكر في البحر هنا جوازه بالجدار مطلقا ، وذكر في باب ما يجوز من الإجارة أن للمستأجر الاستنجاء بالحائط ولو الدار مسبلة . ا هـ . قال شيخنا : وتزول المخالفة بحمل الأول على ما إذا لم يكن مستأجرا أبو السعود . مطلب إذا دخل المستنجي في ماء قليل

. ( قوله : منق ) بتشديد القاف مع فتح النون أو تخفيفها مع سكونها من التنقية أو الإنقاء : أي : منظف غرر الأفكار . قال في السراج : ولم يرد به حقيقة الإنقاء بل تقليل النجاسة ا هـ ولذا يتنجس الماء القليل إذا دخله المستنجي . ولقائل منعه لجواز اعتبار الشرع طهارته بالمسح كالنعل وقدمنا حكاية الروايتين في نحو المني إذا فرك ثم أصابه الماء ، وأن المختار عدم عوده نجسا وقياسه أن يجريا أيضا هنا ، وأن لا يتنجس الماء على الراجح . وأجمع المتأخرون على أن لا يتنجس بالعرق ، حتى لو سال منه وأصاب الثوب أو البدن أكثر من قدر الدرهم لا يمنع ، ويدل على اعتبار الشرع طهارته بالحجر ما رواه الدارقطني وصححه { أنه صلى الله عليه وسلم نهى أن يستنجى بروث أو عظم ، وقال : إنهما لا يطهران } ا هـ ملخصا من الفتح ، وتبعه في البحر . قال في النهر : وهذا هو المناسب لما في الكتاب .

وفي القهستاني وهو الأصح . ونقل في التتارخانية اختلاف التصحيح ، لكن قدمنا قبيل بحث الدباغة أن المشهور في الكتب تصحيح النجاسة - والله تعالى أعلم - . ( قوله : لأنه المقصود ) أي : لأن الإنقاء هو المقصود من الاستنجاء كما في الهداية وغيرها . ( قوله : ولا يتقيد إلخ ) أي : بناء على ما ذكر من أن المقصود هو الإنقاء ، فليس له كيفية خاصة ، وهذا عند بعضهم . وقيل : كيفيته في المقعدة في الصيف للرجل إدبار الحجر الأول والثالث وإقبال الثاني ، وفي الشتاء بالعكس ، وهكذا تفعل المرأة في الزمانين كما في المحيط ، وله كيفيات أخر في النظم والظهيرية وغيرهما ، وفي الذكر أن يأخذه بشمال ويمره على حجر أو جدار أو مدر كما في الزاهدي . ا هـ . قهستاني .

واختار ما ذكره الشارح في المجتبى والفتح والبحر . وقال في الحلية : إنه الأوجه . وقال في شرح المنية : ولم أر لمشايخنا في حق القبل للمرأة كيفية معينة في الاستنجاء بالأحجار . ا هـ . قلت : بل صرح في الغزنوية بأنها تفعل كما يفعل الرجل إلا في الاستبراء فإنها لا استبراء عليها ، بل كما فرغت من البول والغائط تصبر ساعة لطيفة ثم تمسح قبلها ودبرها بالأحجار ثم تستنجي بالماء ا هـ . ( قوله : بل مستحب ) أشار إلى أن المراد نفي السنة المؤكدة لا أصلها ، لما ورد من الأمر بالاستنجاء بثلاثة أحجار ، ولم نقل إن الأمر للوجوب كما قال الإمام الشافعي ; لأن قوله عليه الصلاة والسلام { من استجمر فليوتر ، فمن فعل فحسن ، ومن لا فلا حرج } دليل على عدم الوجوب .

فحمل الأمر على الاستحباب توفيقا ، وتمام الكلام في الحلية وشرح الهداية للعيني . ( قوله : والغسل بالماء ) أي : المطلق وإن صح عندنا بما في معناه من كل مائع طاهر مزيل فإنه يكره لما فيه من إضاعة المال بلا ضرورة كما في الحلية . ( قوله : إلى أن يقع إلخ ) [ ص: 338 ] هذا هو الصحيح . وقيل : يشترط الصب ثلاثا ، وقيل : سبعا ، وقيل : عشرا ، وقيل : في الإحليل ثلاثا ، وفي المقعدة خمسا خلاصة . ( قوله : فيقدر بثلاث ) وقيل : بسبع للحديث الوارد في ولوغ الكلب معراج عن المبسوط . ( قوله : كما مر ) أي : في تطهير النجاسة الغير المرئية قال في المعراج : لأن البول غير مرئي ، والغائط وإن كان مرئيا فالمستنجي لا يراه ، فكان بمنزلته . ا هـ . ( قوله : عند أحد ) أي : ممن يحرم عليه جماعه ولو أمته المجوسية أو التي زوجها للغير أفاده ح . ( قوله : أما معه ) أي : مع الكشف المذكور أو مع الأحد . ( قوله : فيتركه ) أي : الاستنجاء بالماء وإن تجاوزت المخرج وزادت على قدر الدرهم ولم يجد ساترا أو لم يكفوا بصرهم عنه بعد طلبه منهم ، فحينئذ يقللها بنحو حجر ويصلي . وهل عليه الإعادة ؟ الأشبه نعم ، كما إذا منع عن الاغتسال بصنع عبد فتيمم وصلى كما مر ، أفاده في الحلية ، وذكرنا خلافه في بحث الغسل فراجعه .

( قوله : كما مر ) أي : قبيل سنن الغسل ، حيث قال : وأما الاستنجاء فيتركه مطلقا ا هـ أي : سواء كان ذكرا أو أنثى أو خنثى ، بين رجال أو نساء أو خناثى ، أو رجال ونساء ، أو رجال وخناثى ، أو نساء وخناثى ، أو رجال ونساء وخناثى ، فهي إحدى وعشرون صورة . ا هـ . ح . ( قوله : فلو كشف له إلخ ) أي : للاستنجاء بالماء قال نوح أفندي : لأن كشف العورة حرام ومرتكب الحرام فاسق ، سواء تجاوز النجس المخرج أو لا ، وسواء كان المجاوز أكثر من الدرهم أو أقل ، ومن فهم غير هذا فقد سها لما في شرح المنية عن البزازية أن النهي راجع على الأمر .

( قوله : لا لو كشف إلخ ) أما التغوط فظاهر ; لأنه أمر طبيعي ضروري لا انفكاك عنه ، وأما الاغتسال فقد ذكره قبيل سنن الغسل ، وبينا هناك أن الصور إحدى وعشرون لا يغتسل فيها إلا في صورتين : وهما رجل بين رجال وامرأة بين نساء ، فيجب حمل كلامه عليهما فقط ا هـ ح أي : لأن نظر الجنس إلى الجنس أخف وقد نقل في البحر لزوم الاغتسال في الصورتين المذكورتين عن شرح النقاية وقدمنا هناك نقله عن القنية وأن شارح المنية قال : إنه غير مسلم ; لأن ترك المنهي مقدم على فعل المأمور وللغسل خلف وهو التيمم . وقد مر تمامه فراجعه . ( قوله : سنة مطلقا ) أي : في زماننا وزمان الصحابة { { فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين } قيل : لما نزلت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أهل قباء إن الله أثنى عليكم فماذا تصنعون عند الغائط ؟ قالوا : نتبع الغائط الأحجار ثم نتبع الأحجار الماء } فكان الجمع سنة على الإطلاق في كل زمان ، وهو الصحيح وعليه الفتوى .

وقيل : ذلك في زماننا ; لأنهم كانوا يبعرون ا هـ إمداد .

ثم اعلم أن الجمع بين الماء والحجر أفضل ، ويليه في الفضل الاقتصار على الماء ، ويليه الاقتصار على الحجر وتحصل السنة بالكل وإن تفاوت الفضل كما أفاده في الإمداد وغيره

التالي السابق


الخدمات العلمية