صفحة جزء
( اشترى شيئا وقبضه ومات مفلسا قبل نقد الثمن فالبائع أسوة للغرماء . و ) عند الشافعي رضي الله عنه هو أحق به كما ( لو لم يقبضه ) المشتري ( فإن البائع أحق به ) اتفاقا . ولنا قوله : عليه الصلاة والسلام " { إذا مات المشتري مفلسا فوجد البائع متاعه بعينه فهو أسوة للغرماء } " شرح مجمع العيني .


مطلب : لو اشترى شيئا ومات مفلسا قبل قبضه فالبائع أحق ( قوله : ومات مفلسا ) أي ليس له مال يفي بما عليه من الديون سواء فلسه القاضي أو لا . ( قوله : فالبائع أسوة للغرماء ) أي يقتسمونه ولا يكون البائع أحق به درر . ( قوله : فإن البائع أحق به ) الظاهر أن المراد أنه أحق بحبسه عنده حتى يستوفي الثمن من مال الميت أو يبيعه القاضي ويدفع له الثمن ، فإن وفى بجميع دين البائع فبها ، وإن زاد دفع الزائد لباقي الغرماء ، وإن نقص فهو أسوة للغرماء فيما بقي له ، وليس المراد بكونه أحق به أنه يأخذه مطلقا ، إذ لا وجه لذلك ; لأن المشتري ملكه وانتقل بعد موته إلى ورثته وتعلق به حق غرمائه ، وإنما كان أحق من باقي الغرماء ; لأنه كان له حق حبس المبيع إلى قبض الثمن في حياة المشتري فكذا بعد موته ، وهذا نظير ما سيذكره المصنف في الإجارات من أنه لو مات المؤجر وعليه ديون فالمستأجر أحق بالدار من غرمائه : أي إذا كانت الدار بيده وكان قد دفع الأجرة وانفسخ عقد الإجارة بموت المؤجر فله حبس الدار وهو أحق بثمنها ، بخلاف ما إذا عجل الأجرة ولم يقبض الدار حتى مات المؤجر فإنه يكون أسوة لسائر الغرماء ولا يكون له حبس الدار كما في جامع الفصولين ، وكذا ما سيأتي في البيع الفاسد لو مات بعد فسخه فالمشتري أحق به من سائر الغرماء فله حبسه حتى يأخذ ماله ، هكذا ينبغي حل هذا المحل ، وبه ظهر جواب حادثة الفتوى سئلت عنها . وهي : ما لو مات البائع مفلسا بعد قبض الثمن وقبل تسليم المبيع يكون المشتري أحق به ; لأنه ليس للبائع حق حبسه في حياته ، بل للمشتري جبره على تسليمه ما دامت عينه باقية فيكون له أخذه بعد موت البائع أيضا ، إذ لا حق للغرماء فيه بوجه لأنه أمانة عند البائع وإن كان مضمونا بالثمن لو هلك عنده ، ومثله الرهن ، فإن الراهن أحق به من غرماء المرتهن ، والله [ ص: 565 ] سبحانه أعلم . .

التالي السابق


الخدمات العلمية