صفحة جزء
باب خيار الشرط وجه تقديمه مع بيان تقسيمه مبين في الدرر . ثم الخيارات بلغت سبعة عشر : الثلاثة المبوب لها ، وخيار تعيين [ ص: 566 ] وغبن ونقد وكمية واستحقاق ، وتغرير فعلي ، وكشف حال ، وخيانة مرابحة وتولية وفوات وصف مرغوب فيه ، وتفريق صفقة بهلاك بعض مبيع ، وإجازة عقد الفضولي ، وظهور المبيع مستأجرا أو مرهونا . [ ص: 567 ] أشباه من أحكام الفسوخ . قال : ويفسخ بإقالة وتحالف ، فبلغت تسعة عشر شيئا ، وأغلبها ذكره المصنف يعرفه من مارس الكتاب .


باب خيار الشرط من إضافة الشيء إلى سببه ; لأن الشرط سبب للخيار بحر ، فإن الأصل في العقد اللزوم من الطرفين ، ولا يثبت لأحدهما اختيار الإمضاء أو الفسخ ولو في مجلس العقد عندنا إلا باشتراط ذلك . ( قوله : مبين في الدرر ) حيث قال : بعد ما ترجم بباب خيار الشرط والتعيين ، وقدمهما على باقي الخيارات لأنهما يمنعان ابتداء الحكم ، ثم ذكر خيار الرؤية ; لأنه يمنع تمام الحكم ، وأخر خيار العيب ; لأنه يمنع لزوم الحكم . وخيار الشرط أنواع : فاسد وفاقا ، كما إذا قال : اشتريت على أني بالخيار أو على أني بالخيار أياما أو أبدا . وجائز وفاقا ، وهو أن يقول على أني بالخيار ثلاثة أيام فما دونها . ومختلف فيه وهو أن يقول على أني بالخيار شهرا أو شهرين ، فإنه فاسد عند أبي حنيفة وزفر والشافعي ، جائز عند أبي يوسف ومحمد . ا هـ . وفي البحر : فرع لا يصح تعليق خيار الشرط بالشرط ، فلو باعه حمارا على أنه إن لم يجاوز هذا النهر فرده يقبله وإلا لا لم يصح ، وكذا إذا قال : ما لم يجاوز به إلى الغد كذا في القنية . ا هـ . ( قوله : الثلاثة المبوب لها ) أي التي ذكر لكل واحد منها باب ، وهي خيار الشرط ، وخيار الرؤية ، وخيار العيب . ( قوله : وخيار تعيين ) هو أن يشتري أحد الشيئين أو الثلاثة على أن يعين أيها شاء ، وهو المذكور في هذا الباب في قول المصنف باع عبدين على أنه بالخيار [ ص: 566 ] في أحدهما إلخ ( قوله : وغبن ) هو ما يأتي في المرابحة في قوله ولا رد بغبن فاحش في ظاهر الرواية ويفتى بالرد إن غره : أي غر البائع المشتري ، أو بالعكس ، أو غره الدلال وإلا فلا . ( قوله : ونقد ) هو ما يأتي قريبا في قوله فإن اشترى على أنه إن لم ينقد الثمن إلخ . ( قوله : وكمية ) هو ما مر أول البيوع فيما لو اشترى بما في هذه الخابية إلخ وقدمنا بيانه . ( قوله : واستحقاق ) هو ما سيذكره في باب خيار العيب في قوله استحق بعض المبيع ، فإن كان استحقاقه قبل القبض للكل خير في الكل ، وإن بعده خير في القيمي لا في غيره . ( قوله : وتغرير فعلي ) أما القولي فهو ما مر في قوله وغبن . والفعلي كالتصرية ، وهي أن يشد البائع ضرع الشاة ليجتمع لبنها فيظن المشتري أنها غزيرة اللبن .

والخيار الوارد فيها أنه إذا حلبها ، إن رضيها أمسكها ، وإن سخطها ردها وصاعا من تمر ، وبه أخذ الأئمة الثلاثة وأبو يوسف وعندهما يرجع بالنقصان فقط إن شاء وسيأتي تمام الكلام على ذلك - إن شاء الله - تعالى - في خيار العيب عند قوله اشترى جارية لها لبن . ( قوله : وكشف حال ) هو ما مر أول البيوع فيما إذا اشترى بوزن هذا الحجر ذهبا أو بإناء أو حجر لا يعرف قدره ، فقد ذكر الشارح هناك أن للمشتري الخيار فيهما ، وقدمنا عن البحر هناك أن هذا الخيار خيار كشف الحال ، ومنه ما ذكره بعده في بيع صبرة كل صاع بكذا ، ومر الكلام عليه . ( قوله : وخيانة مرابحة وتولية ) هو ما سيأتي في المرابحة في قوله فإن ظهر خيانة في مرابحة بإقرار أو برهان على ذلك أو نكوله عن اليمين أخذه المشتري بكل ثمنه أو رده لفوات الرضا ، وله الحط قدر الخيانة في التولية لتتحقق التولية . قال : ح . وينبغي أن تكون الوضيعة كذلك . ( قوله : وفوات وصف مرغوب فيه ) هو ما يذكره في هذا الباب في قوله اشترى عبدا بشرط خبزه أو كتبه إلخ .

مطلب في هلاك بعض المبيع قبل قبضه ( قوله : وتفريق صفقة بهلاك بعض مبيع ) أي هلاكه قبل القبض وقيد بالبعض ; لأن هلاك الكل قبل قبضه فيه تفصيل قدمناه قبيل هذا الباب . وحاصله كما في جامع الفصولين أنه إن كان بآفة سماوية أو بفعل البائع أو بفعل المبيع يبطل البيع ; وإن بفعل أجنبي يتخير المشتري ، إن شاء فسخ البيع ، وإن شاء أجاز وضمن المستهلك . ا هـ . وذكره في البزازية أيضا . ثم قال : وإن هلك البعض قبل قبضه سقط من الثمن قدر النقص سواء كان نقصان قدر أو وصف ، وخير المشتري بين الفسخ والإمضاء ، وإن بفعل أجنبي فالجواب فيه كالجواب في جميع المبيع ، وإن بآفة سماوية ، إن نقصان قدر طرح عن المشتري حصة الفائت من الثمن وله الخيار في الباقي ، وإن نقصان وصف لا يسقط شيء من الثمن لكنه يخير بين الأخذ بكل الثمن أو الترك والوصف ما يدخل تحت البيع بلا ذكر كالأشجار والبناء في الأرض والأطراف في الحيوان والجودة في الكيلي والوزني ، وإن بفعل المعقود عليه فالجواب كذلك ، وتمام الكلام فيها فراجعه .

( قوله : وظهور المبيع مستأجرا أو مرهونا ) أي ولو اشترى دارا مثلا فظهر أنها مرهونة أو مستأجرة يخير بين الفسخ وعدمه ، وظاهره أنه لو كان عالما بذلك لا يخير ، وهو قول أبي يوسف . وقالا : يتخير ولو عالما ، وهو ظاهر الرواية كما في جامع الفصولين . وفي حاشيته للرملي : وهو الصحيح وعليه الفتوى كما في الولوالجية ا هـ . وكذا يخير المرتهن والمستأجر بين الفسخ وعدمه وهو الأصح كما في جامع الفصولين ، لكن في حاشيته للرملي [ ص: 567 ] عن الزيلعي أن المرتهن ليس له الفسخ . في أصح الروايتين . وفي العمادية أن المستأجر له ذلك في ظاهر الرواية . وذكر شيخ الإسلام أن الفتوى على عدمه وسيأتي في فصل الفضولي أن من الموقوف بيع المرهون والمستأجر والأرض في مزارعة الغير على إجازة مرتهن ومستأجر ومزارع ا هـ . فإن أجاز المستأجر أو المرتهن فلا خيار للمشتري وإن لم يجز فالخيار للمشتري في الانتظار والفسخ ، وسيأتي تمامه في فصل الفضولي .

( قوله : أشباه ) قال فيها : وكلها يباشرها العاقدان إلا التحالف فإنه لا ينفسخ به ، وإنما يفسخه القاضي ، وكلها تحتاج إلى الفسخ ، ولا ينفسخ شيء منها بنفسه . ا هـ . ح . ( قوله : ويفسخ بإقالة وتحالف ) لا يخفى أن الكلام في الخيار لا في مجرد الفسخ ، لكن قد يجاب بأنه لو أقال أحدهما الآخر فالآخر بالخيار بين القبول وعدمه ، وكذا يخير كل منهما بين الحلف وعدمه ، فلو اختار عدم الحلف يلزمه دعوى صاحبه . وصورة التحالف أن يختلفا في قدر ثمن أو مبيع أو فيهما ويعجزا عن البينة ولم يرض واحد منهما بدعوى الآخر تحالفا وفسخ القاضي البيع بطلب أحدهما ، والمسألة مبسوطة في باب دعوى الرجلين من كتاب الدعوى .

التالي السابق


الخدمات العلمية