صفحة جزء
ولو اختلفا في اشتراطه فالقول لنا فيه على المذهب ( ثلاثة أيام أو أقل ) وفسد عند إطلاق أو تأبيد . ( لا أكثر ) فيفسد ، فلكل فسخه خلافا لهما [ ص: 569 ] غير أنه يجوز إن أجاز ) من له الخيار ( في الثلاثة ) فيقلب صحيحا على الظاهر .


( قوله : فالقول لنا فيه ) لأنه خلاف الأصل كما في البحر وهو مكرر مع ما يأتي متنا . ا هـ . ح . ( قوله : على المذهب ) وعند محمد القول لمدعيه والبينة للآخر . ح عن البحر . ( قوله : ثلاثة أيام ) لكن إن اشترى شيئا مما يتسارع إليه الفساد ، ففي القياس لا يجبر المشتري على شيء ، وفي الاستحسان يقال له : إما أن تفسخ البيع أو تأخذ المبيع ، ولا شيء عليك من الثمن حتى تجيز البيع أو يفسد المبيع عندك دفعا للضرر من الجانبين بحر عن الخانية . [ تنبيه ] :

اعلم أن الخيار في العقود كلها لا يجوز أكثر من ثلاثة أيام إلا في الكفالة في قول الإمام . زاد في البزازية وللمحتال ، وكذا في الوقف ; لأن جوازه على قول الثاني وهو غير مقيد عنده بالثلاث در منتقى ، وتمامه في النهر . ( وقوله : وفسد عند إطلاق ) أي عند العقد . أما لو باع بلا خيار ثم لقيه بعد مدة فقال : له أنت بالخيار فله الخيار ما دام في المجلس بمنزلة قوله : لك الإقالة كما في البحر عن الولوالجية وغيرها ، وحمل عليه قول الفتح : لو قال : له أنت بالخيار فله خيار المجلس فقط ، فقال : في النهر : ولم أر من فرق بينهما ، ويظهر لي أن المفسد في الثاني أن الإطلاق وقت العقد مقارن فقوي عمله ، وفي الأول بعد التمام فضعف ، وقد أمكن تصحيحه بإمكان الخيار له في المجلس . ا هـ . [ تنبيه ] قدمنا عن الدرر أنه لو قال : على أني بالخيار أياما فهو فاسد . واعترض في الشرنبلالية بأن قولهم لو حلف لا يكلمه أياما يكون على ثلاثة ، ومقتضاه أن يكون هنا كذلك تصحيحا لكلام العاقل عن الإلغاء ، وإلا فما الفرق . قلت : قد يجاب بأن أياما في الحلف يصح أن يراد منه الثلاثة والعشرة مثلا ، لكن اقتصر على الثلاثة ; لأنها المتيقن وذلك لا ينافي صحة إرادة ما فوقها ، حتى لو نوى الأكثر حنث ، بخلافه هنا فإن الثلاثة لازمة بالنص ألبتة ، ولفظ أياما صالح لما فوقها وما فوقها مفسد للعقد فلا ينفعنا حمله على الثلاثة ; لأنه لا يقطع الاحتمال .

( قوله : فلكل فسخه ) شمل من له الخيار منهما والآخر ، وهذا على القول بفساده ظاهر ، وكذا على القول الآتي بأنه موقوف . قال : في الفتح : وذكر الكرخي نصا عن أبي حنيفة أن البيع موقوف على إجازة المشتري وأثبت للبائع حق الفسخ قبل الإجازة لأن لكل من المتعاقدين حق الفسخ في البيع الموقوف . ا هـ . ( قوله : خلافا لهما ) فعندهما يجوز إذا سمى مدة معلومة فتح . [ ص: 569 ] قوله : غير أنه يجوز إن أجاز في الثلاثة ) وكذا لو أعتق العبد أو مات العبد أو المشتري أو أحدث به ما يوجب لزوم البيع ينقلب البيع جائزا عند أبي حنيفة ، وتمامه في البحر عن الخانية . ( قوله : في الثلاثة ) ولو في ليلة الرابع قهستاني . ( قوله : فينقلب صحيحا إلخ ) لأنه قد زال المفسد قبل تقرره ، وذلك أن المفسد ليس هو شرط الخيار بل وصله بالرابع ، فإذا أسقطه تحقق زوال المعنى المفسد قبل مجيئه فيبقى العقد صحيحا .

ثم اختلفوا في حكم هذا العقد في الابتداء ، فعند مشايخ العراق حكمه الفساد ظاهرا ، إذ الظاهر دوامهما على الشرط فإذا أسقطه تبين خلاف الظاهر فينقلب صحيحا . وقال : مشايخ خراسان والإمام السرخسي وفخر الإسلام وغيرهما من مشايخ ما وراء النهر : هو موقوف ، وبالإسقاط قبل الرابع ينعقد صحيحا ، وإذا مضى جزء من الرابع فسد العقد الآن وهو الأوجه ، كذا في الظهيرية والذخيرة فتح ملخصا ، وتمامه فيه ، ولكن الأول ظاهر الرواية بحر ومنح . وفي الحدادي : فائدة الخلاف تظهر في أن الفاسد يملك إذا اتصل به القبض والموقوف لا يملك إلا أن يجيزه المالك ، ونظر فيه بأن الفاسد أيضا لا يملك إلا بإذن البائع كما في المجمع . والأولى أن يقال : إنها تظهر في حرمة المباشرة وعدمها فتحرم على الأول لا على الثاني نهر .

قلت : وفي التنظير نظر ، فإن الملك في الفاسد يحصل بقبض المبيع بإذن البائع ، فالمتوقف فيه على إذن البائع هو القبض لا نفس الملك . وأما الموقوف كبيع الفضولي فإن الملك يتوقف فيه على إجازة المالك البيع فتبقى ثمرة الخلاف ظاهرة ، لكن ما قدمناه قريبا عن الخانية من أنه لو أعتق العبد ينقلب جائزا يشمل ما قبل القبض مع أن قوله ينقلب جائزا إنما يناسب القول بأنه فاسد لا موقوف ، فيفيد حصول الملك قبل القبض ، ويؤيده ما مر من أن حكمه عند مشايخ العراق الفساد ظاهرا ، فيدل على أنه لا فساد في نفس الأمر ، ولذا قال : في الفتح : إن حقيقة القولين أنه لا فساد قبل الرابع بل هو موقوف ، ولا يتحقق الخلاف إلا بإثبات الفساد على وجه يرتفع شرعا بإسقاط الخيار قبل مجيء الرابع كما هو ظاهر الهداية .

التالي السابق


الخدمات العلمية