صفحة جزء
( ووقت الظهر من زواله ) أي ميل ذكاء عن كبد السماء ( إلى بلوغ الظل مثليه ) وعنه مثله ، وهو قولهما وزفر والأئمة الثلاثة . قال الإمام الطحاوي : وبه نأخذ . وفي غرر الأذكار : وهو المأخوذ به . وفي البرهان : وهو الأظهر . لبيان جبريل . وهو نص في الباب . وفي الفيض : وعليه عمل الناس اليوم وبه يفتى ( سوى فيء ) [ ص: 360 ] يكون للأشياء قبيل ( الزوال ) ويختلف باختلاف الزمان والمكان ، ولو لم يجد ما يغرز اعتبر بقامته وهي ستة أقدام بقدمه من طرف إبهامه .


( قوله من زواله ) الأولى من زوالها ط .

( قوله : عن كبد السماء ) أي وسطها بحسب ما يظهر لنا ط .

( قوله : إلى بلوغ الظل مثليه ) هذا ظاهر الرواية عن الإمام نهاية ، وهو الصحيح بدائع ومحيط وينابيع ، وهو المختار غياثية واختاره الإمام المحبوبي وعول عليه النسفي وصدر الشريعة تصحيح قاسم واختاره أصحاب المتون ، وارتضاه الشارحون ، فقول الطحاوي وبقولهما نأخذ لا يدل على أنه المذهب ، وما في الفيض من أنه يفتى بقولهما في العصر والعشاء مسلم في العشاء فقط على ما فيه ، وتمامه في البحر .

( قوله : وعنه ) أي عن الإمام ح . وفي رواية عنه أيضا أنه بالمثل يخرج وقت الظهر ولا يدخل وقت العصر إلا بالمثلين ذكرها الزيلعي وغيره ، وعليها فما بين المثل والمثلين وقت مهمل .

( قوله : مثله ) منصوب ببلوغ المقدر والتقدير وعن الإمام إلى بلوغ الظل مثله ح .

( قوله : وهو نص في الباب ) فيه أن الأدلة تكافأت ولم يظهر ضعف دليل الإمام ، بل أدلته قوية أيضا كما يعلم من مراجعة المطولات وشرح المنية . وقد قال في البحر : لا يعدل عن قول الإمام إلى قولهما أو قول أحدهما إلا لضرورة من ضعف دليل أو تعامل ، بخلافه كالمزارعة وإن صرح المشايخ بأن الفتوى على قولهما كما هنا .

( قوله : وعليه عمل الناس اليوم ) أي في كثير من البلاد ، والأحسن ما في السراج عن شيخ الإسلام أن الاحتياط أن لا يؤخر الظهر إلى المثل ، وأن لا يصلي العصر حتى يبلغ المثلين ليكون مؤديا للصلاتين في وقتهما بالإجماع ، وانظر هل إذا لزم من تأخيره العصر إلى المثلين فوت الجماعة يكون الأولى التأخير أم لا ، والظاهر الأول بل يلزم لمن اعتقد رجحان قول الإمام تأمل . ثم رأيت في آخر شرح المنية ناقلا عن بعض الفتاوى أنه لو كان إمام محلته يصلي العشاء قبل غياب الشفق الأبيض فالأفضل أن يصليها وحده بعد البياض .

( قوله : سوى فيء ) بوزن شيء : وهو الظل بعد الزوال ، سمي به ; لأنه فاء أي رجع من جهة المغرب إلى المشرق ، وما قبل الزوال إنما يسمى ظلا ، وقد يسمى به ما بعده أيضا ولا يسمى [ ص: 360 ] ما قبل الزوال فيئا أصلا سراج ونهر .

( قوله : يكون للأشياء قبيل الزوال ) أشار إلى أن إضافة الفيء إلى الزوال لأدنى ملابسة لحصوله عند الزوال فلا تعد إضافته إليه تسامحا درر ، أي خلافا لشرح المجمع من أنها تسامح ، وتبعه في النهر ; لأن التسامح كما قال بعض المحققين استعمال اللفظ في غير ما وضع له لا لعلاقة ، وهذه الإضافة مجاز في الإسناد ; لأن الفيء إنما يسند حقيقة للأشياء كالشاخص ونحوه لا للزوال .

قلت : لكن يرد أن الظل لا يسمى فيئا إلا بعد الزوال كما علمت ، وبه اعترض الزيلعي على التعبير بفيء الزوال أي فهو مجاز لغوي عن الظل ، وإسناده إلى الزوال مجاز عقلي كما علمت لا لغوي أيضا . ولا تسامح ; لأنه ليس فيه استعمال كلمة في غير ما وضعت له ، والظاهر أنه مراد القهستاني حيث جعل في الكلام مجازين فافهم .

( قوله : ويختلف باختلاف الزمان والمكان ) أي طولا وقصرا وانعداما بالكلية كما أوضحه ح .

( قوله : ولو لم يجد ما يغرز ) أشار إلى أنه وجد خشبة يغرزها في الأرض قبل الزوال وينتظر الظل ما دام متراجعا إلى الخشبة فإذا أخذ في الزيادة حفظ الظل الذي قبلها فهو ظل الزوال ح : وعن محمد : يقوم مستقبل القبلة ، فما دامت الشمس على حاجبه الأيسر فالشمس لم تزل وإن صارت على حاجبه الأيمن فقد زالت ، وعزاه في المفتاح إلى الإيضاح قائلا إنه أيسر مما سبق عن المبسوط من غرز الخشبة إسماعيل .

( قوله : اعتبر بقامته ) أي بأن يقف معتدلا في أرض مستوية حاسرا عن رأسه خالعا نعليه مستقبلا للشمس أو لظله ويحفظ ظل الزوال كما مر ، ثم يقف في آخر الوقت ويأمر من يعلم له على منتهى ظله علامة ، فإذا بلغ الظل طول القامة مرتين أو مرة سوى ظل الزوال فقد خرج وقت الظهر ودخل وقت العصر ، وإن لم يعلم علامة يكيل بدلها ستة أقدام ونصفا بقدمه وقيل سبعة .

( قوله : من طرف إبهامه ) حال من قوله بقدمه ، أشار به إلى الجميع بين القولين ; لأنه قيل إن قامة كل إنسان ستة أقدام ونصف بقدمه . وقال الطحاوي وعامة المشايخ : سبعة أقدام : قال الزاهدي : ويمكن الجمع بينهما بأن يعتبر سبعة أقدام من طرف سمت الساق وستة ونصف من طرف الإبهام ، و إليه أشار البقالي . ا هـ . حلية :

أقول : بيانه إذا وقف الواقف على رجله اليسرى ثم نقل اليمنى ووضع عقبها عند طرف إبهام اليسرى ثم نقل اليسرى كذلك وهكذا ست مرات ، فإن بدأ بالاعتبار من طرف سمت الساق ، يعني من طرف عقب اليسرى التي كان واقفا عليها أولا كان سبعة أقدام ، وإن بدأ بالاعتبار من طرف إبهامها كان ستة أقدام ونصف قدم .

ووجه ذلك أن المطلوب أخذ طول ارتفاع القامة ، ومبدأ ارتفاعها من جهة الوجه عند نصف القدم ومن جهة القفا عند طرف العقب ، فمن لاحظ الأول اعتبر نصف القدم التي كان واقفا عليها وقدر القامة بستة أقدام ونصف ومن لاحظ الثاني اعتبر القدم المذكورة بتمامها وقدر بسبعة ، وعلى كل فالمراد واحد ، وهذا الذي قررناه هو الموافق لما رأيته في بعض كتب الميقات . وحاصله إن حسب كل القدم التي كان واقفا عليها كان سبعة أقدام ، وإن حسب نصفها كان ستة أقدام ونصفا فافهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية