صفحة جزء
( والآبق ) ولو لطفله أو ليتيم في حجره ، ولو وهبه لهما صح عيني ; [ ص: 70 ] وما في الأشباه تحريف نهر ( إلا ممن يزعم أنه ) أي الآبق ( عنده ) فحينئذ يجوز لعدم المانع وهل يصير قابضا إن قبضه لنفسه أو قبضه ولم يشهد ؟ نعم وإن أشهد لا ; لأنه قبض أمانة فلا ينوب عن قبض الضمان ; لأنه أقوى عناية ، [ ص: 71 ] وإلا إذا أبق من الغاصب فباعه المالك منه فإنه يصح لعدم لزوم التسليم ذخيرة ( ولو باعه ثم عاد ) وسلمه ( يتم البيع ) على القول بفساده ، ورجحه الكمال ( وقيل لا ) يتم ( على ) القول ببطلانه وهو ( الأظهر ) من الرواية واختاره في الهداية وغيرها ، وبه كان يفتي البلخي وغيره بحر وابن كمال


( قوله والآبق ) أي المطلق وهو الذي أبق من يد مالكه : ولم يزعم المشتري أنه عنده فهذا بيعه فاسد أو باطل على الخلاف الذي حكاه المصنف بعد ، أما لو أبق من يد غاصبه وباعه المالك منه أو من يد مالكه وباعه ممن يزعم أنه عنده فبيعه صحيح كما يأتي . وأما لو باعه ممن يزعم أنه عند غيره ، ففي النهر أن بيعه فاسد اتفاقا ، وعلله في الفتح بأن تسليمه فعل غيره وهو لا يقدر على فعل غيره فلا يجوز . وفي النهر أيضا : خرج بالآبق المرسل في حاجة المولى فإنه يجوز بيعه ; لأنه مقدور التسليم وقت العقد حكما ، إذ الظاهر عوده ( قوله ، ولو وهبه لهما صح ) والفرق أن شرط البيع القدرة على التسليم عقب البيع وهو منتف ، وما بقي له من اليد يصلح لقبض الهبة لا لقبض البيع ; لأنه قبض بإزاء مال مقبوض من مال الابن [ ص: 70 ] وهذا قبض ليس بإزائه مال من الولد فكفت تلك اليد له نظرا للصغير ; لأنه لو عاد عاد إلى ملك الصغير هكذا في الفتح والتبيين بحر .

وفيه عن الذخيرة تقييد صحة الهبة بما دام العبد في دار الإسلام ( قوله وما في الأشباه تحريف نهر ) اعترض من وجهين : الأول : أن ما في الأشباه موافق لما هنا ، وهذا نصه : بيع الآبق لا يجوز إلا لمن يزعم أنه عنده ولو لولده الصغير كما في الخانية . الثاني : أنه في النهر لم يتعرض للأشباه ، بل حكم بالتحريف على ما في بعض نسخ الخانية المنقول في البحر وهو جواز بيع الآبق لطفله لا هبته له والمعول عليه النسخ الأخرى . قلت : الذي رأيته في الأشباه ولولد بدون لو وعليها كتب الحموي . واعترضها بما مر عن الفتح والتبيين ولما كان ما في الأشباه معزيا إلى الخانية ورد عليها ما ورد على الخانية فساغ ذكرها بدل الخانية ; لأنها أكثر تداولا في أيدي الطلبة من الخانية فافهم . ثم اعلم أن في عبارة البحر هنا تناقضا فإنه ذكر نسخة الخانية المحرفة وقال : إنه عكس ما ذكره الشارحون . ثم قال : إن الحق ما ذكره قاضي خان ، لما في المعراج : لو باعه لطفله لا يجوز ، ولو وهبه له جاز إلخ .

والصواب أن يقول : والحق خلاف ما ذكره قاضي خان فتنبه ( قوله إلا ممن يزعم أنه عبده ) مفاده أن النظر لزعم المشتري أن الآبق عنده ; لأنه يزعم أن التسليم حاصل فانتفى المانع وهو عدم قدرة البائع على التسليم عقب البيع ( قوله عنده ) شامل لما إذا كان في منزله ، أو كان يقدر على أخذه ممن هو عنده ، فإن كان لا يقدر على الأخذ إلا بخصومة عند الحاكم لم يجز بيعه كما في السراج نهر ، وهذا مخالف لما قدمناه عن النهر من أنه لو باعه ممن يزعم أنه عند غيره فهو فاسد اتفاقا . وأجاب بحمل ما تقدم على ما إذا لم يقدر على أخذه إلا بخصومة ا هـ . قلت : راجعت عبارة السراج فلم أر فيها قوله ممن هو عنده ، ومثله في الجوهرة ، وحينئذ فقوله أو كان يقدر على أخذه أي في حال إباقه قبل أن يأخذه أحد ، أما إذا أخذه أحد فلا يجوز لما علمته من تعليل الفتح السابق وقد صور المسألة في الفتح بما إذا كان ذلك الأخذ له معترفا بأخذه فافهم ( قوله وهل يصير قابضا إلخ ) أي لو اشتراه من زعم أنه عنده هل يصير قابضا في الحال ، حتى لو رجع فوجده هلك بعد وقت البيع يتم القبض والبيع أم لا ( قوله إن قبضه ) أي قبض الآبق حين وجده لنفسه لا ليرده على سيده ، وهذا يغني عنه قوله أو قبضه ولم يشهد : أي على أنه قبضه لسيده ( قوله نعم ) أي يصير قابضا ; لأن قبضه هذا قبض غصب وهو قبض ضمان كقبض البيع كما في الفتح ( قوله وإن أشهد لا إلخ ) أي لا يصير قابضا ; لأن قبضه هذا قبض أمانة ، حتى لو هلك قبل أن يصل إلى سيده لا يضمنه فتح ( قوله فلا ينوب عن قبض الضمان ) أي عن قبض البيع فإنه مضمون بالثمن قال في الفتح : فإن هلك قبل أن يرجع إليه انفسخ البيع ورجع بالثمن ا هـ .

وأشار بهذا إلى ما في البحر عن الذخيرة إذا اشترى ما هو أمانة في يده من وديعة أو عارية لا يكون قابضا إلا إذا ذهب إلى العين إلى مكان يتمكن من قبضها [ ص: 71 ] فيصير الآن قابضا بالتخلية ، فإذا هلك بعده هلك من ماله وليس للبائع حبس العين بالثمن ; لأنه صار راضيا بقبض المشتري دلالة ا هـ ملخصا ( قوله وإلا إذا أبق إلخ ) عطف على قوله إلا ممن يزعم أنه عنده ( قوله ذخيرة ) قال فيها : والأصل أن الإباق إنما يمنع جواز البيع إذا كان التسليم محتاجا إليه بأن أبق من يد المالك ثم باعه المالك ، فأما إذا لم يكن محتاجا إليه كما في مسألتنا يجوز البيع .

ا هـ ( قوله يتم البيع ) هو رواية أبي حنيفة ومحمد لقيام الملك والمالية في الآبق ، ولذا صح عتقه وبه أخذ الكرخي وجماعة من المشايخ حتى أجبر البائع على تسليمه ; لأن صحة البيع كانت موقوفة على القدرة على التسليم وقد وجدت قبل الفسخ ، بخلاف ما إذا رجع بعد أن فسخ القاضي البيع أو تخاصما فلا يعود صحيحا اتفاقا فتح ( قوله على القول بفساده ) قال في الفتح : والحق أن الاختلاف فيه بناء على الاختلاف في أنه باطل أو فاسد وأنك علمت أن ارتفاع المفسد في الفاسد يرده صحيحا ; لأن البيع قائم مع الفساد ومع البطلان لم يكن قائما بصفة البطلان بل معدوما ، فوجه البطلان عدم قدرة التسليم ، ووجه الفساد قيام المالية والملك ( قوله ورجحه الكمال ) حيث قال والوجه عندي أن عدم القدرة على التسليم مفسد لا مبطل وأطال في تحقيقه ( قوله وهو الأظهر من الرواية ) قال في البحر : وأولوا تلك الرواية بأن المراد منها انعقاد البيع بالتعاطي الآن ا هـ . قلت : وهذا ينافي ما تقدم أول البيوع من أن البيع لا ينعقد بعد بيع باطل أو فاسد إلا بعد متاركة الأول ( قوله وبه كان يفتي البلخي ) الذي في الفتح وهو مختار مشايخ بلخ والثلجي بالثاء والجيم ط .

قلت : والأول هو أبو مطيع البلخي من أصحاب أبي حنيفة توفي سنة " 197 " والثاني هو محمد بن شجاع الثلجي من أصحاب الحسن بن زياد توفي وهو ساجد سنة " 236 " .

التالي السابق


الخدمات العلمية