صفحة جزء
( وحكمه ) أي بيع الفضولي لو له مجيز حال وقوعه كما مر ( قبول الإجازة ) من المالك ( إذا كان البائع والمشتري والمبيع قائما ) بأن لا يتغير المبيع بحيث يعد شيئا آخر ; لأن إجازته كالبيع حكما ( وكذا ) يشترط قيام ( الثمن ) أيضا ( لو ) كان عرضا ( معينا ) لأنه مبيع من وجه فيكون ملكا للفضولي ، [ ص: 114 ] وعليه مثل المبيع لو مثليا وإلا فقيمته ، وغير العرض ملك للمجيز أمانة في يد الفضولي ملتقى ( و ) كذا يشترط قيام ( صاحب المتاع أيضا ) فلا تجوز إجازة وارثه لبطلانه بموته ( و ) حكمه أيضا ( أخذ ) المالك ( الثمن أو طلبه ) من المشتري ويكون إجازة عمادية ، وهل للمشتري الرجوع على الفضولي بمثله لو هلك في يده قبل الإجازة الأصح نعم إن لم يعلم أنه فضولي وقت الأداء لا إن علم قنية ، واعتمده ابن الشحنة وأقره المصنف ، وجزم الزيلعي وابن مالك بأنه أمانة مطلقا [ ص: 115 ] ( وقوله ) أسأت نهر ( بئسما صنعت أو أحسنت أو أصبت ) على المختار فتح . ( وهبة الثمن من المشتري والتصدق عليه به إجازة ) لو المبيع قائما عمادية ( وقوله لا أجيز رد له ) أي للبيع الموقوف ، فلو أجازه بعده لم يجز ; لأن المفسوخ لا يجاز ، بخلاف المستأجر لو قال لا أجيز بيع الآجر ثم أجاز جاز ، وأفاد كلامه جواز الإجازة بالفعل وبالقول ، وأن للمالك الإجازة والفسخ وللمشتري الفسخ لا الإجازة ، وكذا للفضولي قبلها في البيع [ ص: 116 ] لا النكاح ; لأنه معبر محض بزازية وفي المجمع : لو أجاز أحد المالكين خير المشتري في حصته وألزمه محمد بها .


( قوله : قبول الإجازة ) أي ولو تداولته الأيدي كما قدمناه آنفا . ( قوله : من المالك ) أفاد أنه لا تجوز إجازة وارثه كما يذكره قريبا ويغني عن هذا تصريح المصنف بأن من شروط الإجازة قيام صاحب المتاع . ( قوله : بأن لا يتغير المبيع ) علم منه حكم هلاكه بالأولى ، فإن لم يعلم حاله جاز البيع في قول أبي يوسف أولا وهو قول محمد ; لأن الأصل بقاؤه ، ثم رجع أبو يوسف وقال لا يصح حتى يعلم قيامه عند الإجازة ; لأن الشك وقع في شرط الإجازة فلا يثبت مع الشك فتح ونهر ، ولو اختلفا في وقت الهلاك فالقول للبائع أنه هلك بعد الإجازة لا للمشتري أنه هلك قبلها كما في جامع الفصولين . ( قوله : بحيث يعد شيئا آخر ) بيان للمنفي وهو التغير ، فلو صبغه المشتري فأجاز المالك البيع جاز ، ولو قطعه وخاطه ثم أجاز لا يجوز ; لأنه صار شيئا آخر منح ودرر ، ومثله في التتارخانية عن فتاوى أبي الليث ، ويخالفه ما في البحر والبزازية أنه لو أجازه بعد الصبغ لا يجوز تأمل .

وفي جامع الفصولين : باع دارا فانهدم بناؤها ثم أجاز يصح لبقاء الدار ببقاء العرصة . ( قوله : لأن إجازته كالبيع حكما ) أي ولا بد في البيع من قيام هذه الثلاثة . ( قوله : لو كان عرضا معينا ) بأن كان بيع مقابضة فتح ، وقيده بالتعيين ; لأن الاحتراز عن الدين إنما يحصل به فإن العرض قد يكون دينا على ما ستقف عليه ابن كمال أي كالسلم . ( قوله : فيكون ملكا للفضولي ) أي فإذا هلك يهلك عليه ط وإنما توقف على الإجازة ; لأن إجازة المالك إجازة نقد لا إجازة عقد ، بمعنى أن المالك أجاز للبائع أن ينقد ما باعه ثمنا لما ملكه بالعقد لا إجازة عقد ; لأن العقد لازم على الفضولي كما في العناية . قال في البحر ; لأنه لما كان العوض متعينا كان شراء من وجه ، والشراء لا يتوقف بل ينفذ على المباشر إن وجد نفاذا فيكون ملكا له وبإجازة المالك لا ينتقل إليه بل تأثير إجازته في النقد لا في العقد ، ثم يجب على الفضولي مثل المبيع إن كان مثليا ، وإلا فقيمته ; لأنه لما صار البدل له صار مشتريا لنفسه بمال الغير مستقرضا له في ضمن الشراء فيجب عليه رده ، كما لو قضى دينه بمال الغير . واستقراض غير المثلي جائز ضمنا وإن لم يجز قصدا ، ألا ترى أن الرجل إذا تزوج امرأة على عبد [ ص: 114 ] للغير صح ويجب عليه قيمته . ( قوله : أمانة في يد الفضولي ) فلو هلك لا يضمنه كالوكيل ; لأن الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة من حيث إنه صار بها تصرفه نافذا ، وإن لم يكن من كل وجه فإن المشتري من المشتري من الفضولي إذا أجاز المالك لا ينفذ بل يبطل ، بخلاف الوكيل ، وتمامه في الفتح ، وأطلقه فشمل ما إذا هلك قبل تحقق الإجازة أو بعده كما يأتي بيانه . [ فرع ]

لو أراد المشتري استرداد الثمن منه بعد دفعه له على رجاء الإجازة لم يملك ذلك ذكره في المجتبى آخر الوكالة رملي على الفصولين . ( قوله : وحكمه أيضا إلخ ) تبع في ذلك المصنف وهو عدول عن ظاهر المتن فإن الظاهر منه أن قوله وأخذ الثمن مبتدأ ، وقوله الآتي إجازة خبره ، وهذا أولى كما يفيده قوله الآتي عن العمادية : ويكون إجازة أفاده ط . ( قوله : أخذ المالك الثمن ) الظاهر أن أل للجنس فيكون أخذ بعضه إجازة أيضا لدلالته على الرضا ولتصريحهم في نكاح الفضولي بأن قبض بعض المهر إجازة أفاده الرملي عن المصنف . ( قوله : وهل للمشتري إلخ ) كان الأولى ذكر هذه الجملة بتمامها عقب ما قدمه عن الملتقى ; لأن ذاك فيما إذا وجدت الإجازة ، وهذا فيما إذا لم توجد .

وحاصله أنه إذا لم توجد الإجازة يبقى الثمن غير العرض على ملك المشتري ، فإذا هلك في يد الفضولي هل يضمنه للمشتري : ففي شرح الوهبانية قال في القنية بعد أن رمز للقاضي عبد الجبار والقاضي البديع : اشترى من فضولي شيئا ودفع إليه الثمن مع علمه بأنه فضولي ثم هلك الثمن في يده ولم يجز المالك البيع فالثمن مضمون على الفضولي ثم رمز لقاضي خان وقال : رجع على الفضولي بمثل الثمن ، ثم رمز لبرهان صاحب المحيط وقال : لا يرجع عليه بشيء ثم رمز لظهير الدين المرغيناني وقال : إن علم أنه فضولي وقت أداء الثمن يهلك أمانة ، ذكره في المنتفى . قال البديع وهو الأصح . ا هـ . وعلة تصحيح كونه أمينا أن الدفع إليه مع العلم بكونه فضوليا صيره كالوكيل . ا هـ . ( قوله : واعتمده ابن الشحنة ) كأنه أخذ اعتماده له من ذكره علة التصحيح المذكورة تأمل . ( قوله : وأقره المصنف ) .

قلت : وبه جزم في البزازية وجامع الفصولين ، وعزاه في شرح الملتقى إلى القهستاني عن العمادية . ( قوله : وجزم الزيلعي وابن مالك إلخ ) حيث قالا : وإذا أجازه المالك كان الثمن مملوكا له أمانة في يد الفضولي بمنزلة الوكيل حتى لا يضمن بالهلاك في يده سواء هلك بعد الإجازة أو قبلها ; لأن الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة . ا هـ . وبه علم أن قول الشارح مطلقا معناه سواء هلك قبل الإجازة أو بعدها فافهم . ثم اعلم أن المتبادر من كلام الزيلعي وابن مالك أن المراد إذا وجدت الإجازة لا يضمن الفضولي الثمن سواء هلك قبلها أو بعدها ; لأن الثمن غير العرض يصير ملكا للمجيز ; لأن الفضولي بالإجازة اللاحقة صار كالوكيل فيكون الثمن في يده أمانة قبل الهلاك من حين قبضه فيهلك على المجيز وإن كانت الإجازة بعد الهلاك ، والمتبادر من كلام القنية أن الإجازة لم توجد أصلا لا قبل الهلاك ولا بعده فلذا اختلف المشايخ في ضمانه وعدمه . وأما ما ذكره الزيلعي وابن مالك فلا وجه للاختلاف فيه ، فلا منافاة بين النقلين ، هذا ما ظهر لي فتدبره .

وبقي ما إذا هلك [ ص: 115 ] الثمن العرض في يد الفضولي قبل الإجازة ففي جامع الفصولين يبطل العقد ولا تلحقه الإجازة ، ويضمن للمشتري مثل عرضه أو قيمته لو قيميا ; لأنه قبضه بعقد فاسد . ا هـ . [ تتمة ]

لم يذكر حكم هلاك المبيع وذكره في جامع الفصولين . وحاصله أنه لو هلك قبل الإجازة ، فإن كان قبل قبض المشتري بطل العقد ، وإن بعده لم يجز بالإجازة وللمالك تضمين أيهما شاء وأيهما اختار تضمينه ملكه ، ويبرأ الآخر فلا يقدر على أن يضمنه ، ثم إن ضمن المشتري بطل البيع ; لأن أخذ القيمة كأخذ العين ، وللمشتري أن يرجع على البائع بثمنه لا بما ضمن ، وإن ضمن البائع ، فإن كان قبض البائع مضمونا عليه أي بأن قبضه بلا إذن مالكه نفذ بيعه بضمانه وإن كان قبضه أمانة ، وإنما صار مضمونا عليه بالتسليم بعد البيع لا ينفذ بيعه بضمانه ; لأن سبب ملكه تأخر عن عقده . وذكر محمد في ظاهر الرواية أن البيع يجوز بتضمين البائع ، وقيل تأويله أنه سلم أولا حتى صار مضمونا عليه ثم باعه فصار كمغصوب . ا هـ . ( قوله : بئسما صنعت ) قال في جامع الفصولين : هو إجازة في نكاح وبيع وطلاق وغيرها كذا روي عن محمد : وفي ظاهر الرواية وهو رد وبه يفتى . ا هـ . والظاهر أن مثله أسأت . ( قوله : على المختار ) أي في أحسنت وأصبت ، ومقابله ما في الخانية من أنه ليس إجازة ; لأنه يذكر للاستهزاء . وفي الذخيرة أن فيه روايتين : وفي جامع الفصولين : أحسنت أو وفقت أو كفيتني مؤنة البيع أو أحسنت فجزاك الله خيرا ليس إجازة ; لأنه يذكر للاستهزاء ، إلا أن محمدا قال : إن أحسنت أو أصبت إجازة استحسانا .

أقول : ينبغي أن يفصل ، فإن قاله جدا فهو إجازة ، لا لو قاله استهزاء ويعرف بالقرائن ، ولو لم توجد ينبغي أن يكون إجازة إذ الأصل هو الجد . ا هـ . وفي حاشيته للرملي عن المصنف أن المختار ما ذكره من التفصيل كما أفصح عنه البزازي . ( قوله : لو البيع قائما ) ذكره ; لأنه تتمة عبارة العمادية وإلا فالكلام فيه . ( قوله : بيع الآجر ) بالجيم المكسورة . ( قوله : جاز ) ; لأنه بعدم إجازته لا ينفسخ ، لما مر من أن المستأجر لا يملك الفسخ . ( قوله : بالفعل وبالقول ) الأول من قوله أخذ الثمن والثاني من قوله أو طلبه وما بعده . وفي جامع الفصولين : لو أخذ المالك بثمنه حظا من المشتري فهو إجازة لا لو سكت عند بيع الفضولي بحضرته . ا هـ . وسيذكر الشارح مسألة السكوت آخر الفصل . ( قوله : وأن للمالك إلخ ) استفيد ذلك من قول المصنف وحكمه قبول الإجازة ، فإن المراد إجازة المالك كما مر فإنه يفيد أن له الفسخ أيضا ، وأن المشتري والفضولي ليس لهما الإجازة فافهم . ( قوله : وللمشتري الفسخ ) أي قبل إجازة المالك تحرزا عن لزوم العقد بحر وهذا عند التوافق ، على أن المالك لم يجز البيع ولم يأمر به فلا ينافي قول المصنف الآتي باع عبد غيره بغير أمره إلخ . هذا وذكر في الفتح وجامع الفصولين في باب الاستحقاق ، ولو استحق فأراد المشتري نقض البيع بلا قضاء ولا رضا البائع لا يملكه ; لأن احتمال إقامة البينة على النتاج من البائع أو على التلقي من المستحق ثابت إلا إذا حكم القاضي فيلزم العجز فينفسخ ا هـ وقد مر أول الفصل أن الاستحقاق من صور بيع الفضولي ، فينبغي تقييد قوله وللمشتري الفسخ بالرضا أو القضاء . تأمل ( قوله : وكذا للفضولي قبلها ) أي قبل إجازة المالك ليدفع الحقوق عن [ ص: 116 ] نفسه فإنه بعد الإجازة يصير كالوكيل فترجع حقوق العقد إليه فيطالب بالتسليم ويخاصم بالعيب وفي ذلك ضرر عليه فله دفعه عن نفسه قبل ثبوته . ( قوله : لا النكاح ) أي ليس للفضولي في النكاح الفسخ بالقول ولا بالفعل ; لأنه معبر محض ، فبالإجازة تنتقل العبارة إلى المالك فتصير الحقوق منوطة به لا بالفضولي . وفي النهاية أن له الفسخ بالفعل ، بأن زوج رجلا امرأة ثم أختها قبل الإجازة فهو فسخ للأول ، وفي الخانية خلافه بحر ملخصا . ( قوله : خير المشتري في حصته ) أي حصة المجيز ; لأن المشتري رغب في شرائه ليسلم له جميع المبيع ، فإذا لم يسلم يخير لكونه معيبا بعيب الشركة ، وألزمه محمد بها ; لأنه رضي بتفريق الصفقة عليه لعلمه أنهما قد لا يجتمعان على الإجازة شرح المجمع .

التالي السابق


الخدمات العلمية