صفحة جزء
( وتصح إقالة المتولي إن خيرا ) للوقف ( وإلا لا ) الأصل أن من ملك البيع ملك إقالته إلا في خمس : الثلاثة المذكورة [ ص: 123 ] والوكيل بالشراء قيل وبالسلم أشباه


( قوله : الأصل أن من ملك البيع ) أي أو الشراء كما يظهر مما يأتي . ( قوله : الثلاثة المذكورة ) أي المأذون والوصي والمتولي إذا باعوا بأكثر من القيمة قال في جامع الفصولين : الوصي والمتولي لو باع شيئا بأكثر من قيمته ثم أقال لم يجز ا هـ . وعبارة الأشباه إلا في مسائل اشترى الوصي من مديون الميت دارا بعشرين وقيمتها خمسون لم تصح الإقالة اشترى المأذون غلاما بألف وقيمته ثلاثة آلاف لم تصح ، والمتولي على الوقف لو أجر الوقف ثم أقال ولا مصلحة لم يجز على الوقف ا هـ . فما في جامع الفصولين في البيع وما في الأشباه في الشراء . [ ص: 123 ] مطلب تحرير مهم في إقالة الوكيل بالبيع

( قوله : والوكيل بالشراء ) بخلاف الوكيل بالبيع تصح ، ويضمن بحر ثم قال : وإنما يضمن الوكيل بالبيع إذا أقال بعد قبض الثمن أما قبله ، فيملكها في قول محمد كذا في الظهيرية ا هـ ، وفي جامع الفصولين : الوكيل بالبيع لو أقال أو احتال أو أبرأ أو حط أو وهب صح عندهما وضمن لموكله لا عند أبي يوسف الوكيل لو قبض الثمن لا يملك الإقالة إجماعا ا هـ .

وفي حاشيته للخير الرملي بعد أن ذكر عبارة البحر أقول : وفيه توقف من وجوه ، الأول تقييده الضمان بما إذا كانت الإقالة بعد قبض الثمن ، مع أن الوكيل لو قبض الثمن لا يملك الإقالة إجماعا الثاني قوله : فيملكها عند محمد مع أنها جائزة عند الإمام أيضا فما وجه التخصيص بقول محمد ، الثالث ترتب عدم الضمان على كونه يملكها ، مع قولهم تصح عندهما وضمن لموكله فهو صريح في الضمان مع كونها صحيحة ، وصريح كلام الظهيرية وإطلاقه يفيد صحة إقالة وكيل البيع مطلقا قبل قبض الثمن وبعده . ثم رأيت في جامع الفتاوى والبزازية ما صورته ، والوكيل بالمبيع يملك الإقالة بخلاف الوكيل بالشراء ، يستوي أن تكون الإقالة قبل القبض أو بعده فتأمله مع الظهيرية ، مع ما في جامع الفصولين ، والظاهر أن معنى قوله في الظهيرية فيملكها في قول محمد : أي على الموكل فيعود المبيع إلى ملكه معنى قوله في الفصولين : الوكيل لو قبض الثمن لا يملك الإقالة إجماعا أي على الموكل فلا يعود المبيع إلى ملكه وتصح الإقالة عليه فيضمن وبهذا يحصل التوفيق ، ويتضح الأمر وقد ذكر في البحر أول الإقالة فرعا لطيفا عن القنية فيه دلالة على صحة التوفيق المذكور فراجعه .

فتحصل أن إقالته تصح عند الإمام قبل القبض وبعده ويضمن ، وعند محمد يملكها قبله على الموكل ، فتصح ولا يضمن وبعده تصح ويضمن وعند أبي يوسف لا تصح مطلقا ولا يضمن ا هـ . كلام الخير الرملي . قلت : وهو توفيق لطيف ، لكن ذكر في الباب العاشر من بيوع البزازية إقالة الوكيل بالبيع جائزة عند الإمام ومحمد ا هـ . ومثله في القنية وزاد أن المعنى فيه كون إقالته تسقط الثمن عن المشتري عندهما ، ويلزم المبيع الوكيل وعند أبي يوسف لا تسقط الثمن عن المشتري أصلا ا هـ . ولعل ما في الظهيرية رواية عن محمد ، ويؤيده ما في وكالة كافي الحاكم الشهيد لو وكل رجل رجلا ببيع خادم له فباعها ، ثم أقال البائع البيع فيها لزمه المال والخادم له ، وكذلك لو لم يكن قبضها المشتري حتى أقاله من عيب أو من غير عيب ا هـ . فهذا نص المذهب ومقتضاه أنه قول أئمتنا الثلاثة لكونه لم يذكر فيه خلافا وظاهره أنه لا فرق بين كونه قبل قبض الثمن أو بعده ، وهو الوجه ; لأن الإقالة بيع جديد في حق ثالث ، وهو الموكل هنا فإذا أقال البائع بلا إذنه لا يصير مشتريا له إذ لا يملك ذلك عليه ، بل صار البائع مشتريا لنفسه إذ الشراء متى وجد نفاذا لا يتوقف ، وبه يظهر وجه الفرع الذي ذكره في البحر عن القنية ، وهو قوله باعت ضيعة مشتركة بينها وبين ابنها البالغ ، وأجاز الابن البيع ثم أقالت ، وأجاز الابن الإقالة ثم باعتها ثانيا بغير إجازته يجوز ، ولا يتوقف على إجازته ; لأن بالإقالة يعود المبيع إلى ملك العاقد لا إلى ملك الموكل والمجيز ا هـ .

أي لأنها بإجازة ابنها البيع الأول صارت وكيلة عنه فيه ، ثم صارت بالإقالة مشترية لنفسها فلذا نفذ بيعها الثاني بلا إجازة ويظهر مما ذكرنا أن إقالة المتولي أو الوصي البيع فيما تقدم تصح عليه ويضمن فاغتنم تحرير هذا المحل . ( قوله : قيل وبالسلم ) أي عند أبي يوسف قال في جامع الفصولين : الوكيل بالسلم لو قبض أدون مما شرط صح ، وضمن لموكله ما شرط عند أبي حنيفة ومحمد وكذا لو أبرأ عن السلم أو وهبه قبل قبضه أو أقاله أو احتال به صح [ ص: 124 ] وضمن عندهما ولم يجز عند أبي يوسف .

التالي السابق


الخدمات العلمية